إيكاترنبرغ .. تودّع المافيا وتستقبل المونديال

ت + ت - الحجم الطبيعي

وضعت مدينة إيكاترنبرغ الروسية خلفها ماضيها كحاضنة للجريمة المنظمة «المافيا» وعمليات القتل الممنهجة، لتصبح إحدى المدن المرحبة بشغف كرة القدم خلال كأس العالم 2018، حالمة بمستقبل أكثر إشراقاً.

يبلغ عدد سكان هذه المدينة الصناعية 1.5 مليون نسمة. تقع في الشرق الروسي، على بعد أكثر من ألف كلم من العاصمة موسكو. هي أقصى مدينة في شرق البلاد تستضيف مباريات في المونديال . تؤكد جولة في مقابر المدينة التحول الكبير الذي شهدته إيكاترنبرغ في العقدين الماضيين، لتصبح قادرة على استضافة مباريات من الحدث الأبرز عالميا في اللعبة الشعبية، والذي ينتظره المشجعون كل أربعة أعوام.

وبين شواهد قبور القادة السوفياتيين السابقين وأساتذة الجامعات وأبطال «الجيش الأحمر»، يبرز قبر ميخائيل كوشين . الشاهد على قبره يقدم عنه صورة بالحجم الحقيقي، مرتدياً بذلة رسمية ومن يده اليسرى تتدلى مفاتيح سيارة مرسيدس. إشارة لا لبس فيها لنمط الحياة المترف والممول من الجريمة المنظمة لهذا العضو السابق في «المافيا الروسية» التي سيطرت على المدينة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي (1991). بعدها ثلاث سنوات، اغتيل كوشين وهو في الرابعة والثلاثين من العمر.

عنف

على بعد خطوات في مقبرة شيروكوريشينسكوي ، دفن قياديون آخرون من هذه العصابة. قضى عدد كبير منهم في حرب عصابات متبادلة اندلعت في يكاترينبورغ خلال التسعينات، بين ما كان يعرف بـ «العصابة المركزية» وغريمتها «أورالماش».

في حقبة انهار فيها الاقتصاد، تقاتلت العصابات من أجل كل شيء.

كانت فترة مظلمة في تاريخ المدينة يفضل سكانها نسيانها.

سمعة سيئة

وتقول ماري تريتياك المتحدرة من إيكاترنبرغ والخبيرة في تاريخها «هذا هو الجزء السيء السمعة من تاريخنا حيث لم نتمكن من اجتياز الفترة الانتقالية (بين النظام الاشتراكي والرأسمالية) بطريقة سليمة وجميلة». وتتابع «ولكن في تلك الفترة لم يكن هناك أي طريقة اخرى لكسب المال، وأراد العديد من الشبان أن يكونوا أعضاء في هذه العصابات».

هيمنت العصابات والمافيات على العديد من المدن الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. لكن بحسب تريتياك، كانت المشكلة أكثر حدة في إيكاترنبرغ نظراً لثرواتها ومصانعها وشركات المناجم.

في الحي الشمالي من أورالماش، مقبرة أخرى تحتضن أفراد العصابات المغدورين، في قبور فخمة تصل قيمة شواهدها إلى 2.5 مليوني روبل. هؤلاء هم قادة «عصابة أورالماش» التي سميت كذلك تيمنا بهذه المنطقة ومصانع ثقيلة التي ما زالت حاضرة في الضواحي.

وعلى غرار رجال العصابات المتواجدين في مركز إيكاترنبرغ ، قتل أعضاء عصابة أورالماش خلال حقبة التسعينات، وبعضهم في أعمار شابة.

وتقول تريتياك «ابتكرت العصابتان أساليب مختلفة لتصفية» أفراد كل منهما.

عندما كانت إحدى محاولات الاغتيال تبوء بالفشل، كان قتلة الضحية يستخدمون نفوذهم لقطع التيار الكهربائي عن جزء من المدينة، مما كان يؤدي إلى إيقاف عمل آلة الإنعاش في المستشفى التي يرقد فيها الجريح.

وتؤكد تريتياك «يمكن القول أن عصابة أورالماش سيطرت على كل أجزاء المدينة وكانت مؤثرة وقوية جدا هنا».

Email