أحمد الحداد: بعض البرامج التلفزيونية لا تليق بالشهر الفضيل

بعض الأعمال التلفزيونية »غزو اجتماعي« من كل حدب وصوب

ت + ت - الحجم الطبيعي

أمسى «رمضان اليوم» مناسبة اجتماعية ملازمة لممارسات لا تليق بالشهر الفضيل، منها البرامج والمسلسلات ونحو ذلك من الأعمال التي تتزاحم كل عام ولا تُرى إلا في رمضان. التلفاز في الشهر الفضيل له القليل وعليه الكثير، لذا وجب التنبُّه إلى هذه النافذة الفضائية، النافذة إلى عقولنا وقلوبنا في كل الأوقات.

في هذا المضمار نلملم بعض الخيوط الدينية والاجتماعية، لنتقرب أكثر من التلفاز محذرين. وعن ذلك يتحدث الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، فيقول: إن هذا الشهر الكريم غدا موسماً للتنافس الإعلامي بالمسلسلات المسلية؛ وإن يعجب المرء، فعجب له ما يراه ويسمعه من تنافس محموم في هذه الأيام على شغل الناس في موسم الطاعة والمغفرة، لإبعادهم عما ينفعهم في دينهم ودنياهم!

سيد الشهور

وأضاف؟: إنه التنافس الذي تتسابق إليه القنوات الفضائية على ما يزهِّد المسلمين في طاعة ربهم في سيد الشهور، الذي خص الله تعالى به هذه الأمة المرحومة، وجعل فيه من الخير ما لم يجعله لغيرها من الأمم، إنه الشهر الذي تنزل فيه القرآن، الشهر الذي فيه ليلة القدر المباركة التي هي خير من ألف شهر، الشهر الذي تضاعف فيه الحسنات وتقال فيه العثرات...

وتصفد فيه الشياطين ومردة الجن، غير أن الله تعالى لم يجعل فيه خاصية تكبيل وتصفيد مردة الإنس، - وليته كان ذلك -، إذاً لما كان هناك من يغويهم عن سواء السبيل، ويمنعهم من التنافس في الخيرات في مواسم الطاعات، ولكن أراد الله تعالى أن يبقي هذا النوع من بني الإنسان ليبتلي بهم عباده المؤمنين ويمحصهم؛ ليميز الخبيث من الطيب، غير أنه لا عزاء للمؤمن من هذا، فهو يعلم أن الله تعالى قد منَّ عليه ببلوغ هذا الشهر الكريم، وعليه ألا يتلهى عنه بهذه المسلسلات التي تفتك به آناء الليل والنهار، فلا تدع الصائمين ولا القائمين يقبلون على ربهم كما ينبغي عليهم، وكما ندبهم إليه رسولهم المصطفى صلى الله عليه وسلم.

دعوات الغفلة

وتابع الحداد: إن المرء ليعجب من دعوات الغفلة هذه التي سخرت لها هذه الوسائل النافعة لو أحسن استغلالها، فلماذا ولمصلحة من يكون ذلك؟ وأيم الله إنه لا مصلحة دنيوية ولا دينية ولا ثقافية ولا علمية من ذلك كله، ولكنه الإعراض عن نفحات الله تعالى وكبير فيضه وفضله.

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفرح كثيراً بمقدم هذا الشهر، وكان من فرحه به يخطب في أمته مبشراً بمقدمه، وكان صلى الله عليه وسلم يهيئ النفوس لاستقباله بالنية الصالحة على انتهازه بالطاعة والإنابة حتى يكتب الله تعالى أجره للمسلم قبل أن يفعل ذلك، بسبب نيته التي هي خير من عمله، وبعكس ذلك غيره الذي لا يوفق فيه لمغفرة من الله ورضوان، فيكتب له وزره وعليه شقاؤه قبل أن يدخل.

وهو ما تريد هذه المسلسلات من الناس: أن يغفلوا عن ربهم وطاعتهم ليكونوا من الخاسرين، وما شعروا أن هذه خيبة كبيرة لهم إن لم ينالوا خيره وبره، فإن من أدرك هذا الشهر فلم يغفر له فقد رغم أنفه، ومن ختم هذا الشهر فلم يختم له بالعتق من النار لهو المحروم، ومن لم يكن كفارة لذنوبه فلن يجد مثله.

واختتم الدكتور أحمد الحداد: أفلا يجدر بالفضائيات المختلفة، أن تجعل الشهر الفضيل موسماً للقرآن فهو شهره، وموسماً للعلم والمعرفة، فهما النور الذي يهدي لخيري الدنيا والآخرة، وموسماً للتزكية فهي ثمرته، وموسماً للتواصل الاجتماعي فهو عادة أهل الإيمان، وموسماً لمحاسبة النفس قبل فوات الأوان، وموسماً لكل خير، فذلك أخير لها من هذا الهراء الذي يعرض بل يفرض. ليتها والله تراجع مسؤوليتها وواجبها الاجتماعي والديني والوطني.

Email