ردَّ التحيةَ بأحسن مِنْها

ت + ت - الحجم الطبيعي

في سورة (هود) من القرآن الكريم حول ضيف إبراهيم عليه الصلاة والسلام من الملائكة: (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاماً قال سلام) [69] لماذا اختلفت اللفظتان ولم تتفقا بأنْ يقول: قالوا سلاماً قال سلاماً، أو يقول: قالوا سلامٌ قال سلامٌ؟

من المعلوم أنَّ الابتداء بالسَّلام سُنة، وأنَّ الاجابة فرض. والإجابة الجيدة أنْ تكون بالأحسن، قال تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن مِنْها أو ردوها)، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام ردَّ التحيةَ بأحسن مِنْها. قال صاحبُ «الكشاف» 2/‏320: (سلاماً) أي سلمنا عليك سلاماً. (سلام) أي أمركم سلام. ومعنى هذا أنَّ (سلاماً) مصدر لفعل محذوف فهو إذاً جملة فعلية، و(سلام) خبر لمبتدأ محذوف، فهو إذاً جملة اسمية. والمقرَّر في العربية أنَّ الجملة الفعلية تفيد التجدُّد والحدوث، والجملة الاسمية تفيد الثبوت والاستمرار فهي أقوى.

وفي «الإتقان» للسيوطي 1/‏200 عن ابن عطية أنَّه قال: سبيلُ الواجبات الإتيان بالمصدر مرفوعاً كقوله تعالى: «فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان». وسبيلُ المندوبات الإتيان به منصوباً، كقوله تعالى: «فضربَ الرقاب». قال أبو حيان: والأصل في هذه التفرقة قوله تعالى: «قالوا سلاماً قال سلام»، فإنَّ الأول مندوب، والثاني واجب باختصار. والله أعلم.

من كتاب «رسالة في التفسير» للمؤلف الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان التكريتي

 

إدارة البحوث- دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي

Email