العمر يزيد بالصدقة وصلة الرحم

ت + ت - الحجم الطبيعي

كيف نوفِّق بين قوله تعالى: (إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون) [يونس: 49] وبين الأحاديث الدالة على أنَّ مما يزيدُ في العُمر الصدقة وصلة الرحم؟

العُمر لا يزيد ولا ينقص، والأجل محدود، تدلُّ على ذلك النصوصُ الصريحةُ القاطعةُ. والآية المذكورة في السؤال هي مِنْ سورة يونس. وكذا ما يقاربها في سورة الأعراف والنحل وسبأ ونوح وغيرها. وكما وردَ في الأحاديث أنَّ الآجال مضروبة والأرزاق مقسومة، لا يعجل الله ولا يؤخر شيئاً مِنْها.

أمّا ما وردَ مِنْ أنَّ العمر يزيد بالصدقة وصلة الرحم فقد أوّلَه المحققون من العلماء بأنَّ الله سبحانه يباركُ لبعض الناس في أعمارهم فيقومون بأعمالٍ كثيرةٍ ممّا لا يقوم بها مَنْ كان عمره مثل أعمارهم أو أطول مِنْها. كما هو مشاهَدٌ في كل زمان.

أو أنَّ تأويل ذلك بأنَّ الناس يذكرونهم بالخير بعد موتهم، كما قيل: (الذكر الحسن عمرٌ ثانٍ).

وحول هذه المسألة قال الإمامُ النووي في «شرح صحيح مسلم» 16/‏114: أجاب العلماءُ بأجوبةٍ الصحيح مِنْها أنَّ الزيادة بالبركةِ في عمرهِ والتوفيقِ للطاعات.

وبعض العلماء حاولَ تأويلَ الأحاديث المشار إليها بأنَّ هناك قدراً محتوماً وقدراً معلقاً. وقال: إنَّ الشخص قد يكون عمره 40 سنة فإذا تصدَّق مثلاً صار عمرُه 50 سنة.

والذي نقوله: إنَّ هذا التأويل غير مقبول عند التحقيق؛ لأنَّ الله يعلم بصورة قاطعة ثابتة أنَّ هذا الشخص يتصدّق أو لا يتصدّق مثلاً. ولا تردُّدَ في علم الله تعالى.

وكذلك يُقال للمعتزلة الذين قالوا: إنَّ المقتول قد اختُرِم أجله، وإنّه لو لم يُقتلْ لعاشَ مدة أطول، أي لعاش العمر المقدَّر له عند الله تعالى.. وقولُهم مردودٌ بالنصوص القاطعـة الدالة على أنَّ الله سبحانه عالمٌ بكل شيء. وكما قدّرَ عمرَ الإنسان قدّرَ أسبابَ وفاته مِنْ مرضٍ أو قتلٍ أو سكتةٍ قلبيةٍ أو شيخوخةٍ، فالقتلُ لا يغيّر القضيةَ المقطوع بها. والله سبحانه أعلم.

من كتاب «رسالة في التفسير» للمؤلف الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان التكريتي

 

إدارة البحوث- دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي

Email