المحرّمات من الطعام

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجسٌ أو فسقاً أُهِلَّ لغير الله به. فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فإن ربك غفور رحيم) [الأنعام: 145].

هذه الآية تنفي تحريمَ غير الأربعة المذكورة فيها وهي: الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما ذُكر عليه غير اسم الله. فكيف هذا مع أنَّ هناك محرمات أخرى من المطعومات كالخمر، ولحم الحمار الأهلي، وغير ذلك؟

الآية الكريمة المذكورة في السؤال هي مِنْ سورة الأنعام وهذه السورة مكية، نزلتْ ردّاً على المشركين الذين حرَّموا البحيرة والوصيلة وغيرهما، وزعموا أنَّ الله حرَّمها عليهم. فأمر اللهُ رسوله أنْ يُخبِر بأنَّ الله تعالى إلى حين نزول هذه الآية لم يحرِّمْ شيئاً من المطعومات سوى المذكورات.

وأمّا المحرَّمات الأخرى كالخمر ولحم الحمار الأهلي ولحم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطيور فقد جاء تحريمُها بعد ذلك. ومعلوم أنَّ المحرَّمات لم تُحرَّمْ دفعة واحدة. وكذلك الفرائض لم تُفرضْ دفعة واحدة، فالخمر مثلاً لم يُحرَّم إلا في السنة الثانية للهجرة. والصوم والزكاة والحج لم تفرض إلا بعد الهجرة. فلو قِيلَ قبل الهجرة: ليس الخمرُ حراماً وليست الزكاةُ فرضاً لكان ذلك صحيحاً. ومَنْ أراد التوسُّع في هذه المسألة فلينظرْ في كتب التفسير والحديث والفقه. وأمامي الآن: تفسير البيضاوي (بحاشية الكازروني) 2/212 وتفسير ابن كثير 2/183 وروح المعاني 8/45 وعمدة القاري 21/215 ونيل الأوطار 8/185 والمحلى لابن حزم 7/400 والإتقان للسيوطي 1/30. والله أعلم.

من كتاب «رسالة في التفسير» للمؤلف الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان التكريتي

Ⅶ تحقيق الدكتور عبد الحكيم الانيس

إدارة البحوث- دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي

Email