بيت المقدس

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال تعالى في سورة البقرة: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ۚ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)، أيّةُ قريةٍ هذه، وأيُّ بابٍ أُمِروا أن يدخلوه، وكيف دخلوا وهم ساجدون، وما المقصود بكلمة حِطّة، وبأي شيء بدلوها؟

أما القرية فظاهر القرآن لا يدل على تعيينها، فالرجوع في ذلك إلى الأخبار. ومما قيل فيها: إنها بيت المقدس، وقيل: أريحا القريبة من بيت المقدس. والقائلون بهذا قالوا: إن التبديل وقع عقب الأمر بالدخول في حياة موسى عليه السلام.

وهو عليه السلام لم يدخل بيت المقدس، بل تُوفي في التيه. لكن هذا القول مبني على أن الأمر ورد على لسان موسى. أما إذا كان قد ورد على لسان يوشع عليه السلام فلا إشكال، فإنهم خرجوا من التيه مع يوشع.

وأما الباب فهو أحد أبواب بيت المقدس، فقيل: باب القرية نفسها، وقيل: باب التوبة، أو الباب الذي يسمى باب حِطّة، أو باب القبلة التي كانوا يصلّون إليها.

أما كلمة ﴿ حِطَّةٌ﴾ فقال القاضي: المعنى أن الله تعالى بعد أن أمرهم بدخول الباب على وجه الخضوع أمرهم أن يقولوا ما يدل على التوبة، أي يذكروا بلسانهم التماسَ حط الذنوب عنهم.. والإمام الرازي بعد أن نقل ذلك في تفسيره (3/92) قال: وهذا أحسن الوجوه وأقربها إلى التحقيق.

وأما تبديل القول فقد ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سُجّداً وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم، فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم وقالوا: حبة في شعرة. وأخرجه البخاري وقال: فبدلوا فقالوا حطة حبة في شعرة. وهناك روايات أخرى في الكلمة التي قالوها.

أما السجود الذي أمروا به، فقال بعضهم: المراد به الانحناء والتطامن، فقد روي عن ابن عباس أنه فسّر السجود هنا بالركوع.

وقال بعضهم: المعنى إذا دخلتم الباب فاسجدوا.

من كتاب «رسالة في التفسير» للمؤلف الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان التكريتي

Ⅶ تحقيق الدكتور عبد الحكيم الانيس

إدارة البحوث- دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي

Email