وعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾، ما هي الأشياء التي تعلَّم آدمُ أسماءها، ولماذا قال: عرضهم، ولم يقل: عرضها. وما الذي ادّعته الملائكة حتى قال الله لهم: ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾؟

الذي أفهمه - والله أعلم - أن الملائكة أرادوا بقولهم ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا﴾ معرفة الحكمة في خلق آدم وجعله خليفة في الأرض. فأراد الله سبحانه أن يبيّن لهم فضلَ آدم عليهم فعلَّمه أسماء الأشياء كلها، ثم عرض تلك الأشياء على الملائكة وقال لهم: أنبئوني بأسماء هذه المعروضات. ولما كان بين المعروضات ذوات عاقلة غلّبهم على غيرهم وعبّر بضمير العقلاء «هم»

فقال: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ﴾. ومع ذلك فقد قُرِئَ: عرضهنّ وعرضها.

أما تلك المعروضات فلعلها أسماء الموجودات إذ ذاك، أو صَوَّر لهم الموجودات وما سيوجد. وهناك أقوال أخرى كثيرة في تعيين تلك المعروضات، بعضها متضاربة، وبعضها واهية، قيل: أسماء الملائكة، وقيل: أسماء ذرية آدم، وقيل: أسماء الأجناس والأنواع وصفاتها، وقيل، وقيل. فالله العالم بالصواب منها.

وقول الله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ أي فيما أبديتم من قولكم أتجعل فيها.. وما كتمتم من ظنكم أن الله لن يخلق خلقاً أفضل منكم ولا أعلم. أخرج ابن جرير في تفسيره (1/‏ 162) عن ابن عباس أن الملائكة قالوا ذلك. وفي تفسير ابن كثير (1/‏74): قـال أبـو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قـال في قولـه تعالى: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: 33]: كان الذي أبدوا هو قولهم: أتجعل فيها... وكان الذي كتموا قولهم: لن يخلق ربنا خلقاً إلا كنا أعلم منه وأكرم.

من كتاب «رسالة في التفسير» للمؤلف الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان التكريتي

Ⅶ تحقيق الدكتور عبد الحكيم الانيس

إدارة البحوث- دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي

Email