الضفادع إحدى الآيات التسع إلى فرعون

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الضفدع، هذا المخلوق الصغير الذي إذا رآه الإنسان قد يحتقره، وإذا نظر إليه قد يقشعر بدنه، وإذا سمع صوته قد يزعجه نقيقه، هذا الكائن العجيب، يعطينا دروساً في العبادة، وأي دروس؟ إن الضفدع لا يكاد يكف عن ذكر الله تعالى وتسبيحه، لأنه «شيء»، وكل شيء يسبح بحمد الله، قال تعالى: (( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)).

وقد ورد ذكر الضفادع في القرآن الكريم في الآية: 133 من سورة الأعراف، قال تعالى مخبراً سيدنا محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن العذاب الدنيوي الذي رمي به فرعون وقومه: ((فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين)).

وإذا حاولنا التعرف إلى هذا الكائن العجيب، فقد نعرفه من بعض عجائبه، ومنها أنه حيوان بر مائي يعيش في البر ويعيش في الماء، له عينان بارزتان في أعلى الرأس تساعدانه على الرؤية في كل اتجاه، وله منخاران في أعلى الجسد يساعدانه على استنشاق الهواء حينما يكون مغموراً بالماء، وله أسنان في الفك الأعلى فقط تساعده على الضغط على فريسته..

وليس له أسنان في الفك الأسفل لأنه لا يمضغ فريسته وإنما يبتلعها، وله لسان طويل معلق في مقدمة الفم يقذفه بسرعة فائقة لاصطياد فريسته، وله رجلاه الخلفيتان الطويلتان تساعدانه على سرعة القفز إلى مسافات طويلة، كما له جلد ناعم ورطب دائما، ومن صفات الضفادع أيضا أن أنثاها تبيض من1000 إلى9000 بيضة حسب النوع والجنس، وتعيش الضفادع من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة أو أكثر حسب الجنس والنوع.

خلق الله تعالى للضفادع أقداماً جلدية تساعدها على السباحة، ويطلق على الأصوات التي تصدرها النقيق، ويصدر من الذكور فقط دون الإناث، والضفادع من الآيات التسع التي أرسلها الله تعالى إلى فرعون وقومه فنغصت عليهم حياتهم حيث احتلت كل شبر في بيوتهم فملأت فُرشَهم وأوعيتهم وطعامهم وشرابهم، فكان الواحد منهم تغطيه الضفادع من قدمه حتى رأسه، وإذا فتح أحد منهم فمه قفزت الضفدعة إليه فاستقرت فيه ((وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)).

الضفادع أكثر الدواب تسبيحاً، جاء في حديث أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ أن رسول الله ((صلى الله عليه وسلم)) نهى عن قتل الضفدع والنملة والهدهد، فهي تتنبأ بالزلازل قبل وقوعها: فمنذ سنوات شهدت مدينة سـيشوان الصينية أعنف زلزال في تاريخها المعاصر راح ضحيته أكثر من مئة ألف نسمة وتشرد مئات الآلاف من البشر..

وقد لاحظ سكان هذه المنطقة أن الضفادع التي كانت في هذا المكان المنكوب قد هجرته قبل وقوع الزلزال بيومين، وتجمعت في مكان آمن، ومنذ ذلك الحين والعلماء يعكفون في معاملهم على دراسات لاكتشاف هذا السر الذي أودعه الله تعالى في الضفادع ليستفيدوا منها في التنبؤ بالزلازل قبل وقوعها، فسبحان من أودع سره في أضعف خلقه ((هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه)).

الضفادع تُنافس البشرَ في ذكر الله عزو جل، قال سفيان: يقال (( إنه ليس شيء أكثر ذكرًا لله ـ عزو جل ـ من الضفدع ))، وفي الكامل عن عكرمة عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن ضفدعاً ألقت نفسها في النار خوفاً من الله تعالى، فأثابهن الله تعالى بَرْدَ الماء، وجعل نقيقهن التسبيح..

وفي كتاب الزاهر لأبي عبدالله القرطبي أن سيدنا داود ـ عليه السلام ـ قال: ((لأُسَبِّحَنَّ الله تسبيحاً ما سبحه به أحد من خلقه))، فنادته ضفدع من ساقية في داره: ((يا داود، تفخر على الله عز وجل بتسبيحك، وإن لي لسبعين سنة ما جف لساني من ذكر الله سبحانه، وإن لي لعشر ليال ما طعمت خضراء ولا شربت ماء اشتغالا بكلمتين ))،فقال ما هما ؟ قالت :(( يا مُسَبَّحاً بكل لسان، ومذكوراً بكل مكان ))، فقال سيدنا داود في نفسه :((وما عسى أن أقول أبلغ من هذا؟).

وبعد، فهذه هي الضفدع، آية من آيات الله تسبح بحمده، وتنصاع لأمره، فما بالنا نحن البشر عن ذكر الله من الغافلين؟ فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يا أرحم الراحمين.

Email