رثاء زايد الخير..

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما من زعيم ارتبط اسمه بالخير فلا يذكر إلا مرتبطاً به مثلما فعل المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وقائدها التاريخي فقالوا «زايد الخير» الذي انتسب كل شعبه إليه، إكباراً وفخاراً ومحبة فقالوا: نحن عيال زايد.

وفي الحقيقة فقد اطلق على زايد الخير لقب «حكيم العرب» لما عرف عنه من ميل نحو تحكيم العقل ونصرة الحق وتمثل بالقيم العربية الأصيلة التي من بينها الشهامة والجود والحلم واحترام مشاعر الآخرين، وتلك هي مكارم الأخلاق العربية التي بعث نبي الإسلام محمد، صلى الله عليه وسلم ليتممها.

ولقد ربى زايد أبناءه على التمسك بتلك الصفات التي باتت نادرة في هذا الزمان المادي اللاهث وراء المصالح، ولذلك فهم عيال زايد في حب الخير لكل الناس وفي احترام البشر والتواضع والتسامح والعدل، وتلك كانت من سجاياه الشخصية التي جبل عليها ونشرها في أهله وقومه حتى صارت سمة عامة تميزهم بين الشعوب وحتى غدت الإمارات، سنة وراء سنة، في صدارة العالم لناحية أعمال المعروف ومساعدة المحتاجين دون من أو أذى ودون تفريق أو طلب مقابل مهما يكن.

ولذلك كله كان لرحيل هذا الزعيم الكبير أثر كبير في نفوس أبناء شعبه، بل افتقدته الإنسانية جمعاء، لأن رحيله يخشى أن يكون نعيا لصفاته وميزاته وقيمه الثمينة.

كما قال المتنبي في مدح سيف الدولة الحمداني مهنئا إياه على تعافيه بعد المرض: «المجد عوفي إذ عوفيتَ والكرم» بما يشي بأن الرجل العظيم إذا مرض تمرض معه صفاته، حيث يصبح هو والمكارم شيئاً واحداً، ومن هنا يأتي جزع الشعراء على كبار قومهم إذا افتقدوا، ومن ذلك قول أبي فراس مفاخراً: سيذكرني أهلي إذا جد جدهم ..

ففي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ، بما يعني أن القمر حين يغيب فإن نوره يغيب معه، ولذلك فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، رثى زايد الخير بذكر صفات الخير وحميد الخصال التي اتصف بها، وأن خطب الشعب ، بل والأمة جمعاء، سيكون جللاً بذهاب زايد الذي تذهب معه مآثر لا حدود لها ولا تزنها موازين الذهب:

أيُّ خَطْـبٍ حَطّمَ الاْرضَ ومـا

                            هـذهِ الضَّجَّةُ بيـنَ الشُّهُبِ

هـلْ مَضَى عنها الـذي تَحرُسُهُ

                           أمْ تُراهـا نُكِبَــتْ بـالعَطَبِ

أيـنَ منهـا زايـدُ الخيـرِ الذي

                           كانَ نجماً في عُلُـوِّ الرُّتَـبِ

أينَ مِنْ يَعْــرُب مَــنْ يُرشِـدُهَا

                      أيـنَ مِنْ يَعــرُب شيخُ المَوْكِبِ

لَمْ يَكُـنْ زايـدُ فينا واحداً

                          بلْ هُـوَ الأُمَّةُ حيـنَ النُّــوَبِ

صانع المَجـدِ ورُبًّـان العُلاَ

                        وفَتَـى الخيـرِ وزاكي النَّسَــبِ

مَلَكاً كُنـتَ لنَـا لا مَلِكَـاً

                        فـي تُقَـى شيــخٍ وأخلاقِ نَبـي

Email