خدمة التعليم

ت + ت - الحجم الطبيعي

الشاعر محمد سعيد العباسي، هو أحد أهم الشعراء الذين كتبوا قصائدهم بالفصحى في السودان، ويعده البعض أهم مؤسسي الشعر الفصيح هناك رغم أن الشاعر محمد عمر البنا قد سبقه إلى التأسيس منذ منتصف القرن التاسع عشر. وقد عاش العباسي ما بين 1881م و1963م وكتب شعراً كبيراً في الحقيقة يجهله كثير من العرب، ومن ذلك قصيدته الشهيرة «عهد جيرون» التي يقول مطلعها:

أرقتُ من طول همّ بات يعروني

يثير من لاعج الذكرى ويشجوني

منّيتُ نفسي آمالاً يماطلني

بها زماني من حين إلى حينِ

المهم أن العباسي هذا كتب ضمن تجربته الواسعة التي تلقي بظلالها حتى يوم الناس هذا قصيدة شهيرة عنوانها «يوم التعليم»، وقد ألفها في سياق الحركة الوطنية التي انتظمت السودان في نهايات النصف الأول من القرن الماضي، ضمن أنشطة الخريجين الساعين للاستقلال، وحث خلالها المجتمع وذوي الثروة خاصة، على رفد التعليم باعتباره حجر الزاوية في كل عمليات التغيير والتنمية وبوصفه طوق النجاة إلى بر النماء يقول في بعض أبياتها:

زهر الوجوه متى سيموا الهوان لووا

سوالفاً كصوى الساري وأعناقا

إنّا محيّوك يا أيام ذي سلمٍ

وإن جنى القلب من ذكراك أعلاقا

غيري شدا فتعالوا اليوم فاستمعوا

شعر النواسيّ من تلحين إسحاقا

شعرٌ هو الأدب العالي أنسّقه

كالدر عقداً وكالخَيريّ أطباقا

أحبو به كل من رقت شمائله

منكم وبات إلى العلياء توّاقا

فليشغل الخير والتوفيق منشغلاً

بالمال والجاه إدراراً وإنفاقا

وجاد للعلم جود الأكرمين وما

كانت عطاياه تعبيساً وإطراقا

فأقرضوا الله مما قد أفاء لكم

يجزل ثواباً ويكسو العود إيراقا

العلم يا قوم ينبوع السعادة كم

هدى وكم فك أغلالاً وأطواقا

فعلموا النشء علماً يستبين به

سبل الحياة وقبل العلم أخلاقا

أقسمت لو كان لي مالٌ لكنت به

للصالحات وفعل الخير سباقا

ولا رضيت لكم بالغيث منهمراً

منّي ولا النيل دفاعاً ودفاقا

إن الشعوب بنور العلم مؤتلقاً

سارت وتحت لواء العلم خفاقا

فلو درى القوم بالسودان أين هم

من الشعوب قضوا حزناً وإشفاقا

جهلٌ وفقرٌ وأحزابٌ تعيث به

هدّت قُوى الصبر إرعاداً وإبراقا

إن التحزّب سمٌّ فاجعلوا أبداً

يا قوم منكم لهذا السم ترياقا

ضمّوا الصفوف وضمّوا العاملين لها

لكي تنيروا لهذا الشعب آفاقا

فكان أن تركت تلك القصيدة العصماء ميسمها العميق على الحفل وأصبحت أيقونة للعمل الخيري جميعاً انطلاقاً من التعليم الذي حقق به السودان سبقاً على كثير من الدول حوله.

Email