سعيد بن أحمد لوتاه:

زايد رسّخ قيم الخير والفضيلة في أبناء شعبه فأسّس دولة قوية البنيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

العظماء لا يرحلون لأنهم يتركون من طيب ذكرهم ما يبقى خالداً أبد الدهر، وتتناقل الأجيال سيرتهم غضّة حيّة كما لو أنهم يعايشونها لحظة بلحظة..

والمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كان قامة إنسانية باسقة، يفوح عطره على كل من عاصره، فأصبحت يومياته معهم كنزاً ثميناً يتناقلونه بين أبنائهم وأحفادهم ميراثاً عزيزاً يستقون منه ما يهتدون به في الحياة..

هذه صفحة يومية لأناس عاصروا الشيخ زايد بن سلطان يروون أحاديث الفكر والقلب والوجدان ممزوجة بعبق المحبة الغامر.

 

أكد الحاج سعيد بن أحمد لوتاه، رئيس مجلس إدارة مجموعة سعيد لوتاه وأولاده، ورئيس مجلس أمناء المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم بدبي، أن ذكرياته مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تمتد لفترة الستينيات عندما التقى به، بحضور المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وكانت هذه الفترة مليئة بالأحداث التي كانت تؤهل لانطلاق دولة الاتحاد، لافتاً إلى أن الشيخ زايد كان قائداً بمعنى الكلمة، جمع صفات القيادة وأفعالها واختزلها في شخصية نادرة قلّ مثيلها، وهو ما أثبتته السنوات اللاحقة في عمر الدولة التي كانت مليئة بالتحديات والإنجازات، التي ما زالت تتوالى حتى يومنا هذا بفضل الغرس الطيب الذي وضعه المغفور له.

قيم الخير

وأضاف أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تجسدت في مبادئه وأفكاره كل قيم الخير والفضيلة التي غرسها في أبناء شعبه، وقامت على أثرها دولة قوية فتية بنيانها راسخ، وخيرها فاض وعمّ القرى والحضر وامتد إلى مختلف بلدان العالم خاصة البلدان العربية والإسلامية، فقد كان، رحمه الله، منبعاً للخير ومرشداً وموجهاً بحكمة وحنكة أدهشت الجميع، ودراية تتعامل بتوازن، إذ جعل كل الشعوب تكنّ له الحب والاحترام، فأطلقوا عليه التسمية المحببة لكل العرب «حكيم العرب».

وتابع: إن الشيخ زايد، رحمة الله عليه، سطر له التاريخ صفحات ناصعة بمداد من ذهب، فقد كان له دور كبير ومهم في اتحاد الإمارات، وكان قدوة في هذا العمل الذي سار فيه بتوازن وتفرد ومنهج لا مثيل له في التخطيط لدولة وإمارات متحدة، تسابق الزمن في الرقي والتطور، وعلى رأسها رجال نهلوا من حكمة وفطنة الشيخ زايد، وتشربوا حبه للخير وعطاءه اللامحدود، وساروا على الخطى التي رسمها، فأصبحت الإمارات بجهودهم، وما توارثوه منه أكثر عطاءً واهتماماً، برقي مواطنيها والمقيمين على أرضها، بل امتد هذا العطاء، ليشمل العديد من المجتمعات البشرية في بلدان كثيرة في العالم في شتى مناحي الحياة.

ويذكر لوتاه عن الشيخ زايد أنه كان يتمتع بشخصية منفتحة قل نظيرها، وهو ما كان يراه بوضوح عند تعاملاته مع الآخرين، فقد كان لديه من القدرة على استيعاب الآخر، ما قد يحتار المرء فيه، مُرجعاً ذلك إلى صبره وحنكته في التعامل مع الأمور، خاصة أن المجتمع الإماراتي توجد به الكثير من القبائل التي تعتز بأصولها، وهو الأمر الذي تعامل معه المغفور له بذكاء كبير، فقد كان الجامع لشمل هذه القبائل تحت راية ورأي واحد، مؤكداً أن ذلك لم يكن ليأتي لولا أن هناك رصيداً كبيراً لديه عند شعبه، سمحت بمبادلته الحب والاحترام والاعتزاز.

مجد شخصي

وأوضح لوتاه أن مؤسس الدولة لم يكن يوماً يسعى لمجد شخصي خاص به، بل كان كل ديدنه وهمه الأول هو كيفية راحة وإسعاد شعبه في كل شبر على أرض الوطن، وهو الأمر الذي جعله مهموماً دائما بالغد، وإنجاز الجديد فيه، فضلاً عن ذكائه الحاد الذي جعله يفطن إلى أن في الاتحاد قوة وفي الفرقة ضعفاً، ولذلك فقد كانت سياسته لإدارة الدولة هي تعزيز هذا الأمر ودعمه، وكان لوجود مؤسسات الدولة في ربوع الوطن دلالة على أن الخير للجميع، وليس لشخص أو قبيلة بعينها، وهو ما كان يدركه المغفور له ببعد نظر، من خلال تواصله وجولاته المستمرة لكل الإمارات، للاطلاع على أحوال شعبه، والتعرف عن قرب إلى ما يحتاجون إليه، ولذلك وجدت هذه العلاقة القوية بينه وبين أبنائه المواطنين، وانتقلت للأجيال الجديدة، حباً واحتراماً وتقديراً وعرفاناً بما قدمه للدولة.

ورصد الحاج سعيد أمراً لاحظه عن قرب في الشيخ زايد، وهو تطبيقه لمفهوم الديمقراطية بما يتناسب مع واقع المجتمع الإماراتي وخصوصيته، فقد كان من خلال جلساته بمجلسه، يعطي فرصة الحديث للجميع كباراً وصغاراً، ويستمع بإنصات شديد لهمومهم، وقد يلحظ الحاضرون كثيراً تأثره بأمر وأحوال بعض الناس الذين توجد لديهم بعض الطلبات، وما كان ينفض مجلسه إلا وقد يكون وجّه بتذليل هذه المشكلات وحلها، تيسيراً عليهم، مؤكداً أن هناك الكثير من المواقف التي سجلت هذه الصفات التي تفيض كرماً وحباً لأبنائه الإماراتيين.

وقال إن منهج الشيخ زايد، ومعه الشيخ راشد، كان تأكيد علاقات الجوار الحسنة مع الدول المحيطة والإقليمية، ولذلك كان هناك تواصل مستمر بشكل رسمي وغير رسمي، لنسج هذه العلاقات وتجاوز ما يعكر صفوها، والقفز فوق التحديات، ليصلا معاً إلى مرحلة التكامل مع هذه الدول، وهو ما عكسته العلاقات الحالية مع الجميع، لافتاً إلى أن المغفور له الشيخ زايد كان يدرك أن أساس النهضة والتقدم هو لمّ الشمل، سواء كان على المستوى الداخلي والخارجي، وأن مواقفه في هذا الصدد، وأهمها خلال حرب 73، وقراره التاريخي بمنع مد الدول الداعمة لإسرائيل بالنفط ووقوف المملكة العربية السعودية مع هذا الموقف، جعل تأثير القرار قوياً، فضلاً عن إيمانه بأن الصف العربي مآله هو الاتحاد الذي يضمن قوته واستمراره، وكثيراً ما كانت أحاديثه وكلماته تؤكد هذه المعنى وتؤصّله.

ولفت لوتاه إلى أهم صفات المغفور له التي تجلت في الإيثار وسخائه وكرمه، فقد كان يؤمن بأنه لا أهمية للمال دونما فائدة له ولشعبه، ولذلك كانت أياديه البيضاء تصل إلى كل بقاع العالم، وكانت ممدودة إلى كل محتاج في أي مكان، وهو ما يشهد به العالم قاطبة، وكان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد يعطي بلا حدود، ودون أن ينظر إلى من يعطيهم مهما اختلفت جنسياتهم أو أعراقهم، وأينما كانوا في شتى بقاع الأرض، لأنه كان يؤمن، كما يقول، بأن المال مال الله وهو متاح لجميع خلق الله تعالى.

وأكد لوتاه أن كرم زايد لم يكن ليصل إلى هؤلاء الناس، لولا أنه كريم مع شعبه ويغدق عليهم بكل ما يستطيع من خير، حتى إنه أصبح معروفاً لدى القاصي والداني أن الكرم صفة مرادفة للشعب الإماراتي على مر الأزمان، وهي خصال نفخر بها اليوم بين الشعوب، والذي وضع أسسها المغفور له الشيخ زايد.

هموم الأمة

أكد الحاج سعيد لوتاه أن الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، حمل هموم العرب والمسلمين على عاتقه، وقارب المتخاصمين، ووفّق بين الفرقاء بحكمته النادرة، وبفضل رؤيته الشاملة وبصيرته الثاقبة ألّف بين قلوب الأشقاء، كما إن زايد لم يكن له من همّ سوى أمته، وكان ساهراً على قضاياها وأوجاعها، وعاش حياته بكاملها مشغولاً بتنمية الإنسان.

 

رسالة وفاء قالها سعيد بن أحمد لوتاه للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عبّر فيها عما يكنّه من محبة وإكبار لمؤسس الدولة وشعبه بتاريخ 10/‏5/‏2000.

يا زايـد الـخير جـمعت الإمارات ولـبستها حـله مـن الـعز والجود

وصـلتها بـين الـدول في المهمات وبـكل مـحفل صـوتنا فيه موجود

مـاشي بـلد إلأ لـكم فيه طولات خيركم تعدى الكل من فوق الأحدود

كـل الـعرب نـالوا من الخير مرات ومـرات زاد الـخير في بنا ألأسدود

وإلا الـشوارع والـمدن والمطارات عـمت بـلاد العرب بالخير والجود

جـودك شرات الغيث ياب المسرات حـق الـشعوب اللي لهم ود محمود

دايـم تـحب الـخير وتلم الأشتات وتـسامح الـزلات لو الأمر مقصود

تـنضر إلـي الـعالي لو فات ما فات مـا تـهزك الهزات وتسعى إلي الزواد

تـحب جـمع الـشمل لكن هيهات مـا دام ما شي يجمع الشمل موجود

بـاطلب لذي سواك رب السماوات يـديـم عـزك والـمحبه لـها زود

ويـطول عمرك في سعاده وراحات بـين الأهل والشعب في عز وأسعود

ويـبقى عملكم شاهد بكل واحات بـين الـرمال وبـين الجبال موجود

الـله مـا قـصر عـلينا ولا بـات فـينا كسول يـشتكي الـهم مطرود

الـكل مـا مـن في بلاده براحات مـا يـخاف إلا مـن إلـه الـمعبود

هـذي الـنعم تبغي خفاظ وعبادات وتـحكيم شـرع الله في كل مقصود

ومنع الفساد ومنع ما يشين في الذات مـن الـمعاصي والـتمادي الموجود

كـثر الـتساهل في الأمور المشينات فـي أديـارنا وكثر التنافق بلا حدود

ويـن الأمـانة والـصدق والمروءات راحـة وما تشوف بين الناس منقود

أرجـو مـن الله يحفظ الدار بالذات ويـحفظ أهـلها ولـي لفانا بإعقود

ويـوفق الـحكام وأهـل الـمهمات مــن وزراء وأولـياء لـلعهود

هـم ذخـرنا وهـم مـن سلالات نـاس بـنوا واتـعاونوا بـكل مجهود

نـرجوه يـحفظهم مـن الـبطانات لـي مـا لها في الدار من عمل محمود

يـا بـو خـليفه يا زعيم القيادات نـرجو لـك التوفيق في كل مقصود

هـذي الـرسالة عبرت عن بيانات إليكم من الشعب الذي طبعه الجود

شـعبك نبيل يحب لك كل راحات دائـم وفـي وأكـمل بكل الوعود

حـافظ عـلى الطاعة وأدا ألمهمات فـي كـل ما يطلب منه دون مردود

أصـله نـجيب فـيه كـل المروءات لأنـه سـلالة نـاس ما بعدهم زود

خـاضوا الـبحور بكل همه وشدات هـم حافظوا الأرض وهذا لمقصود

الـله يـديم الـخير ونـبقى بلذات ويـحفظ لـنا حكامنا وكل موجود

صـلاة ربـي عد ما حروف وآيات فـي هـا لرسالة سطروها بلا حدود

عـلى نـبي الـله بـكل الـمسرات وألآل وأصحابه إرسمولنا كل الحدود

Email