العميد ركن متقاعد بخيت بن سويدان النعيمي:

زايد وحّد القلوب والعقول تحت رايـة الحكمة والعدل والمساواة

ت + ت - الحجم الطبيعي

العظماء لا يرحلون لأنهم يتركون من طيب ذكرهم ما يبقى خالداً أبد الدهر، وتتناقل الأجيال سيرتهم غضّة حيّة كما لو أنهم يعايشونها لحظة بلحظة..

والمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كان قامة إنسانية باسقة، يفوح عطره على كل من عاصره، فأصبحت يومياته معهم كنزاً ثميناً يتناقلونه بين أبنائهم وأحفادهم ميراثاً عزيزاً يستقون منه ما يهتدون به في الحياة..

هذه صفحة يومية لأناس عاصروا الشيخ زايد بن سلطان يروون أحاديث الفكر والقلب والوجدان ممزوجة بعبق المحبة الغامر.

يؤمن العميد ركن متقاعد بخيت بن سويدان النعيمي، الحاصل على الماجستير في العلوم العسكرية بأن «عام زايد» فرصة عظيمة لترسيخ سيرة قائد عظيم في نفوس الأجيال، وهو الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس دولة الاتحاد، الذي صنع الأمل بين أبنائه ووحّد الصف والكلمة، وقدّم الكثير لأمته وشعبه.

وقال إن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، رجل شيد بنيان وطن، وأسس أركان دولة حديثة فنال بذلك احترام وتقدير شعبه والعالم بأسره، فقبل أن يوحد زايد تراب الوطن وحد القلوب والعقول تحت راية الحكمة والعدل والمساواة، وحري بنا في هذا العام وبل في كل عام أن نستذكر بكل الفخر الدور التاريخي للقائد المؤسس باني النهضة المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ونجدد فيها الولاء للوطن وقيادته الرشيدة.

وأوضح بخيت بن سويدان أنه عمل سابقاً ضابط مراسم في الحرس الأميري واستقبل آنذاك كل رؤساء الدول العربية وكان ذلك في فترة الثمانينات، ومن الصعب أن ينسى العميد النعيمي المواقف التي جمعته بالوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الاتحاد، طيب الله ثراه، لاسيما حينما كان يتواجد في مجلسه، وحضوره للاحتفالات الرسمية التي يتواجد فيها أيضا الشيخ زايد بن سلطان، مشيرا إلى أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان يحرص على استضافة شخصيات معروفة في شتى مجالات الحياة، بهدف رفع الوعي لدى حضور مجالسه، وتعويضهم ما فاتهم من العلم، حيث إنه أراد لشعبه أن يكون واعياً وملماً بقضاياه المحلية والإقليمية.

وقال: «لقد كانت نظرة الشيخ زايد بن سلطان للرجال العسكريين نظرة خاصة ومميزة جداً، وهناك بعض المواقف الجميلة التي تعبق بها الذاكرة إلى اليوم والتي تشرفت من خلالها بقربي وتواجدي مع الشيخ زايد بن سلطان.

ومثال ذلك حينما زار ملك إسبانيا آنذاك الشيخ زايد وكان الحديث بينهما عن الطيور، وحينها طلب مني الشيخ زايد إحضار طير جارح ليريه لملك إسبانيا، ولأنه ليست لدي خبرة عن الطيور وماهية حملها، توجهت بالطير إلى الشيخ زايد وأنا أحمله بشكل غير صحيح، فقال لي مبتسماً: ألا تعرف كيف تحمل الطير؟ لأجيبه بشكل عفوي: بأنني لست صقاراً وإنما عسكري». وأضاف النعيمي: «وأذكر في أثناء أزمة غزو العراق للكويت بأننا كنا بحاجة إلى مضاعفة عدد القوات المسلحة المشاركة في الحرب وتكثيف عملية التدريب لأن التهديد كان قريبا منا وعلى الحدود، حينها جاءت فكرة التجنيد الإجباري للمواطنين، إلا أن الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، بأسلوبه الخاص أوضح لنا بأن كلمة إجباري سيكون وقعاً ثقيلاً على المواطنين وقد لا يتم تقبلها، لذا فضل بأن تكون العملية تطوعية، ليظهر حينها قرار بفتح باب التطوع في القوات المسلحة، ولأنني كنت حينها أشغل منصب مشرف عام لتدريب جنود القوات المسلحة عموما والمتطوعين بشكل خاص شهدت العدد الهائل من المتطوعين الإماراتيين سواء من الشرطة وحتى من خارج القوات المسلحة، كما أذكر بأن الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، حضر تخريج المتطوعين في سويحان وكنت أنا مسؤولاً عن التخريج، وكنت أرافق الشيخ زايد، رحمه الله، في السيارة التي كان يستقلها في تفقد طوابير المتطوعين التي كانت تمتد إلى أكثر من 4 كيلومترات، وخلفنا كانت راجمات الصواريخ والدبابات، كما كانت السماء مزدانة بالمظليين، وعندها نظرت إلى وجهه وجدت عينيه تدمعان فرحاً وفخراً واعتزازاً بما يراه من أبناء دولة الإمارات وحبهم العميق لقيادتهم ووطنهم.. نعم، كان ينظر المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لكل فرد بنظرة إعجاب، مبدياً فخره بما تحقق. وليس هذا فحسب، إذ كان يدير المسؤوليات الجسام الملقاة على عاتقه بتواضع وحكمة وحب.

وأريد التنويه إلى نقطة مفادها بأنه خلال تلك الفترة كان الشيخ زايد على اطلاع مباشر بسير التدريبات والخطط التي يتم العمل بها، فهو قائد فذ حرص على تعليم أبناء شعبه أسمى معاني الرجولة والنخوة والشهامة والعزة والكرامة. كما كان قائداً محنكاً عرف تماما كيف يقود زمام دولة كاملة بطريقة مثالية.

شخصية فريدة

كما أوضح العميد بخيت أن المغفور له بإذن الله الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان يتمتع بشخصية فريدة، تجعل محدثه يشعر وكأنه على معرفة به، وتلك الشخصية جعلته محبوباً بين جميع أبناء قبائل الدولة والدول المجاورة، وقربته كثيراً إلى القلوب، مما سهل عليه التعامل مع الكثير من القضايا الشائكة، وجعل مفتاح حلها بيده بفضل أسلوبه الراقي في التعامل مع كافة المسائل. وأضاف النعيمي:»وحتى قبل تولي الشيخ زايد لمقاليد الحكم في إمارة أبوظبي كان له وضعه الخاص بين القبائل في الدولة وحتى القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية إذ كانوا يكنّون للشيخ زايد كل معاني التقدير والاحترام «، مؤكدا على أن الشيخ زايد بن سلطان كان أيضا ذا إحساس كبير بالمشاكل التي تمر بها المنطقة العربية، وحال الأمة وما تعصف بها من أزمات إذ كان يتأثر كثيراً بذلك.

الإنسان القائد

وتطرق العميد ركن متقاعد بخيت بن سويدان في حديثه عن شخصية الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى الكثير من الجوانب التي تتعلق بمؤسس دولة الاتحاد. وقال النعيمي:»كثيراً ما كان يردد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بأنه لا يريد أن يسمع أن هناك مواطناً في الدولة متضرر، أو ينقصه شيء، أو محتاج بأي شكل. وعلى هذا النهج سار أبناؤه، كما تأتي مقولته طيب الله ثراه: «لا خير في المال إذا لم يُبن به الإنسان»، كنهج مستمر إلى يومنا هذا، على يد الوالد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى، حكام الإمارات«.

وأضاف النعيمي:»أحرص في مجلسي على استضافة نخبة من المحاضرين للحديث عن عدة مواضيع وطنية ومجتمعية وأذكر منها محاضرة كانت حول زايد ودوره في نشأة التعليم في الإمارات، وتم التأكيد فيها على أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حرص على أن تشهد الدولة نهضة في قطاع التعليم، وحرص على أن يكون الاستثمار الحقيقي في الإنسان، علاوة على افتتاح جامعة الإمارات وتشجيع المغفور له الشيخ زايد لطلبة العلم على مواصلة التعليم العالي، والابتعاث إلى الخارج لنيل درجة الماجستير والدكتوراه. وركز على النخبة المتميزة في إدارة مصالح الدولة في الداخل والخارج. وهذا أيضاً يشير إلى تأكيده الدائم على أن بناء الرجال أصعب من بناء المصانع، والدول المتقدمة تقاس بعدد أبنائها المتعلمين«.

دولة السعادة

وأشاد العميد ركن متقاعد بخيت بن سويدان النعيمي إلى حرص المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على إسعاد أبناء الوطن جميعا في كل الميادين، وهذا ما تنتهجه القيادة الرشيدة اليوم في توفير كافة مقومات السعادة لشعبها وحتى المقيمين على أرضها، لاسيما الأمان والسلام والاستقرار والبنية التحتية وكل تلك التفاصيل من شأنها أن تخلق السعادة في أوجها. وليس هذا فحسب، فمن جانب آخر كثيرا ما تصدرت دولة الإمارات المؤشرات والتقارير العالمية التي تتناول مختلف مجالات التنمية، متقدمة في أحيان كثيرة على العديد من الدول المتطورة، حاجزة لنفسها مكانة مرموقة على الخريطة العالمية.

وأضاف النعيمي:»حينما يُسأل أي شخص عن دولة الإمارات العربية المتحدة، وما الذي يعرفه عنها؟ يبادر فوراً بقول جُمل وعبارات جميلة وصادقة، مؤكدا على أنها دولة الأمن والسلام، وأرض الخير والعطاء، يعيش فيها الناس وحقوقهم لا تضيع، كما أن القادة أقرب ما يكونون إلى شعبهم في أفراحهم وأتراحهم، ويشيرون إلى أسمى معاني الاحترام والود المتبادل بين القيادة والشعب«، مشيراً إلى أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حرص على توفير كل ما من شأنه أن يسعد المواطن كالرفاهية الاجتماعية، وارتفاع المدخولات المالية للمواطن، وتوفير الخدمات الحياتية الطبيعية من إسكان وصحة وتعليم وغير ذلك، مشدداً على نقطة مفادها أن الوالد الشيخ زايد بن سلطان حرص على دعم العنصر البشري، وتطوير إنتاجيته، وتخريج كوادر شابة ومتميزة تبدع في مختلف مواقع عملها.

جوانب سامية

وأشار العميد ركن متقاعد بخيت بن سويدان النعيمي إلى أن الشيخ زايد قدوة في العطاء والكرم والبذل والصبر والحلم والتسامح، إذ كان يحث مقربيه على الخير وتقدير كل ذي حاجة، وعلى بذل المزيد دائما.

وقال:»نعم، لقد ترك المغفور له، بإذن الله، الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الاتحاد، مواقف خالدة، يذكرها المجتمع الإماراتي بشكل خاص والعالم عموما، حيث أغدق على الجميع، فعم الخير ربوع الدولة، وفاض خارجها، فوصلت عطاءاته إلى شتى بقاع العالم. وكل ذلك تتناقله الأجيال اليوم، لتنهل من فيض حكمته، وتتعلم من عظيم خبراته، وتستلهم الدروس من مآثره وكفاحه .

طموح

يقول النعيمي: إنه من الصعب الحديث عن شخصية الشيخ زايد الإنسان في بضعة أسطر، فمواقفه الإنسانية كثيرة، فهو إنسان سبق عصره فكراً وانجازاً وفعلاً وتخطيطاً. وأضاف: اليوم حرصت القيادة الرشيدة على تحقيق حلم وطموح المؤسس الراحل فيما يتعلق بالارتقاء بالدولة وتلبية احتياجات المواطنين، ويكمل ذلك صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات.

Email