سعيد محمد الكندي رئيس المجلس الوطني الاتحادي سابقاً:

زايد وظّف جميع الموارد للاستثمار فـي الإنسان وبناء وطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

العظماء لا يرحلون لأنهم يتركون من طيب ذكرهم ما يبقى خالداً أبد الدهر، وتتناقل الأجيال سيرتهم غضّة حيّة كما لو أنهم يعايشونها لحظة بلحظة..

والمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان قامة إنسانية باسقة، يفوح عطره على كل من عاصره، فأصبحت يومياته معهم كنزاً ثميناً يتناقلونه بين أبنائهم وأحفادهم ميراثاً عزيزاً يستقون منه ما يهتدون به في الحياة..

هذه صفحة يومية لأناس عاصروا الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، يروون أحاديث الفكر والقلب والوجدان ممزوجة بعبق المحبة الغامر.

«وظّف المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، جميع الموارد لخلق وطن يحتضن المواطن الذي يشعر بالانتماء والولاء للوطن وقيادته، وأدرك الشيخ زايد في وقت مبكر من قيام الاتحاد، أن بناء الأوطان يجب أن يبدأ من بناء الإنسان، الذي يشكل أساس التنمية ومحورها الرئيس، وهذا البناء جوهره الأساسي التعليم ففتح زايد أمام أبناء الإمارات كل أبواب العلم والتعلم وأعطى الغالي والثمين لهذا الهدف باعتبار الشباب الثروة الحقيقية للوطن»..

هكذا بدأ سعيد محمد الكندي رئيس المجلس الوطني الاتحادي سابقاً الحديث عن الشيخ زايد، ويقول إن الأوطان لا تبنى إلا بالرجال الخيّرين الذين يبذلون كل ما بوسعهم لرفعة الوطن وأبنائه وهكذا فعل زايد، فعند تأسيس دولة الإمارات وتوليه مقاليد الحكم صرف بسخاء في شتى ميادين الحياة، واليوم ما نراه من تقدم وازدهار في دولة الإمارات العربية المتحدة سببه حكمة وطيبة ونهج الشيخ زايد.

جهود مثمرة

ويتابع: منّ الله عز وجل على دولة الإمارات بقيادة حكيمة وكانت البداية قيام الاتحاد الذي جاء ثمرة جهود الشيخ زايد، رحمه الله، والمغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، فانضمت جميع الإمارات تحت مظلة الاتحاد الذي يعتبر أنجح تجربة وحدوية عرفتها المنطقة قادها بحكمة واقتدار وإخلاص المؤسس وباني نهضة الإمارات الشيخ زايد، رحمه الله، الذي سخر الإمكانات جميعها وبذل الغالي والنفيس لبناء الدولة وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين من خلال تعاون صادق وعزيمة قوية من إخوانه الآباء المؤسسين الذين شاركوا في مسيرة البناء والتنمية فعم الخير جميع أرجاء الإمارات وساندهم في ذلك شعب مخلص وثق في قيادته الحكيمة وإخلاصها ورؤيتها المستقبلية.

ويرى الكندي أن سر نجاح اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة هو الشيخ زايد الذي لا يزال حاضرا في وجدان كل إماراتي، فأبناء الإمارات كلهم أبناء زايد... زايد الخير والعزة والكرامة، زايد الذي أجمع الناس على محبته وهذه المحبة تعتبر رزقاً من عند الله عز وجل، وكان همه الدائم وصول الإمارات إلى أفضل المراتب، فسخر النفط في خدمة الصحة والتعليم، من خلال تشييد المدارس والجامعات والكليات والمعاهد، والمستشفيات والمراكز الصحية، وتوفير جميع احتياجات المواطنين والاهتمام بالأسرة وتوفير الحياة الكريمة والاستقرار الأسري.

نهج راسخ

وأضاف: الحقيقة أن نجاح دولة الإمارات لم يأتِ مصادفة أو بسرعة وإنما نتاج أسس متينة ونهج راسخ وضع لبنته الأولى المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأخوه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم "طيب الله ثراهما"، فلذلك يحتل الشيخ زايد مكانة متميزة في قلوب وعقول أبناء الإمارات، لما له من مآثر ومناقب وجدانية وقيم أخلاقية وإنسانية ورؤية استراتيجية بعيدة المدى، باتت نهجاً وطنياً في سيرة ومسيرة القائد المؤسس، فهو رجل أعطى بلا حدود للقريب والبعيد، وسخر فكره وإمكاناته لخدمة وإسعاد شعبه، ووضع الإنسان الإماراتي محور تفكيره.

ويشير سعيد الكندي إلى أنه عندما بدأ التعليم النظامي يأخذ مجراه في الدولة وتم تأسيس الجامعات كلف الشيخ زايد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان بالتعليم النظامي والجامعي، وكان الشيخ زايد يحضر حفلات التخرج في جامعة الإمارات بنفسه ويسلم الشهادات ويعد هذا الأمر واجباً عليه لا تفضلاً منه، خاصة وأنه كان محبا للتعليم والاستثمار في أبناء الوطن وتوفير جميع السبل لتعليمهم وحصولهم على أعلى درجات العلم والمعرفة ويؤمن ببناء الإنسان قبل العمران.

زايد الخير

ولا يزال يذكر سعيد الكندي أنه في أحد الأيام زار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عندما كان في المجلس الوطني الذي كان يناقش ميزانية الحكومة الاتحادية التي تعد سنويا وتعرض على المجلس، تبين أن إحدى الوزارات تريد المزيد من المال المخصص لها وبمجرد أن التقى سعيد الكندي الشيخ زايد وعرض عليه الأمر وافق بشكل مباشر ووجه بتلبية المطلوب، ويتابع الكندي فيقول: إن الشيخ زايد وقبل تسلمه مقاليد الحكم كان في مدينة العين ينفق الكثير من الأموال لحفر آبار مياه للمواطنين في العين حتى يحفزهم على الزراعة والاهتمام بالبيئة.

وقال: ما يميز الشيخ زايد أنه وهب نفسه لبناء وطنه وخدمة مواطنيه وتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم في الحياة الكريمة الرغدة، وكان سريع الاستجابة لمطالب المواطنين وتلبيتها، فكان يركب سيارته ويذهب إلى استراحات خاصة به في مختلف إمارات الدولة ويلتقي المواطنين ويستمع إلى آرائهم ومتطلباتهم ويأمر بتلبيتها فوراً، والحقيقة أن أفعال الشيخ زايد الخيرة والعطاء الذي رسخه نهجا وثقافة لدى أبناء الإمارات.

فضلا عن ذلك فإن الشيخ زايد وقيادتنا الرشيدة لم تكن يوما بعيدة عن أبنائها بل دائما كانت قريبة وأبوابها ومجالسها مفتوحة أمام الجميع، فحكمة وبصيرة وروح القيادة لدى الشيخ زايد جعلت الإمارات تتحول من صحراء إلى قصة نجاح وقوة، ومسيرة إنجازات تنافس دول العالم، من خلال تكاتف الأيادي لرسم وصناعة مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وهذا ما زرعه الشيخ زايد في نفوس أبنائه.

ويستذكر سعيد الكندي أن رئيس مجلس الشورى الجزائري كان يزور المنطقة ليسلم رسائل من قيادة دولته إلى زعماء المنطقة وعندما جاء إلى الإمارات استقبله الكندي في المطار وبعد أن ذهب للفندق للاستراحة ذهب إليه الكندي وأخبره أنهما سيذهبان لمقابلة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتسليمه الرسالة، فأخبره الضيف الجزائري أنه مكلّف بتسليم الرسالة إلى الشيخ زايد، فأجابه الكندي لا تقلق إن قيادتنا كلها واحدة ونحن على قلب رجل واحد، وبعد أن استقبلهما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خاطب سموه رئيس مجلس الشورى الجزائري أثناء اللقاء بـ«سيدي»، وهذا ما جعل الضيف تتغير ملامح وجهه فوقف وسلم الرسالة إلى سموه، ولما غادرا إلى المطار قال الضيف لسعيد الكندي لقد صدقت القول إنكم في الإمارات على قلب رجل واحد، ويتابع الكندي فيقول: إن مدرسة زايد في القيادة والتي تسير عليها القيادة كان جوهرها الأساسي الاحترام والعدل والمساواة.

مواقف متفردة

تعتبر مسيرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، زاخرة بالعديد من الإنجازات والمواقف الخالدة التي شكلت علامات فارقة في تاريخ دولة الإمارات والأمتين العربية والإسلامية، والتي عكست مدى الثبات والوضوح في رؤية مواقف الشيخ زايد، خاصة تلك المتعلقة بالقضايا المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وصولاً إلى ملف تحرير الكويت جهود رأب الصدع العربي وتدخله لإنهاء الخلافات البينية في العديد من الدول.

فمواقف مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كانت متفردة، في مختلف الجوانب، وستبقى كلماته تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، حيث قال: "البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي"، التي جسّدت أبرز مواقف الإمارات الداعمة لمصر في حرب 1973.

وركز نهج الشيخ زايد على العلاقات السلمية وعلاقات حسن الجوار مع دول المنطقة، وإقامة علاقات متوازنة مع الجميع، وهي الصفة الأساسية في شخصيته، رحمه الله، والتي كانت فيما بعد ركيزة لتحركات الإمارات على صعيد سياستها الخارجية.

كما أن للشيخ زايد مواقف إنسانية عظيمة وقدم نموذجا للعالم في العطاء والإنسانية وكرس هذا النهج مسارا للتنمية الشاملة على قاعدة القيم النبيلة، فعطاؤه لم ينقطع، ومد يد العون للجميع ولم يتوانَ يوماً عن نجدة ملهوف، أو إغاثة ضعيف، أو مساعدة محتاج، ولم يرد سائلاً، ولم يغلق بابه يوماً في وجه طالب مساعدة وعم الخير ربوع الدولة، وفاض خارجها، فوصلت عطاءاته إلى شتى بقاع العالم، وترك المغفور له، بإذن الله، مواقف خالدة، يذكرها العالم، ويعيش عليها المجتمع الإماراتي، وتتناقلها الأجيال.

ويشير سعيد الكندي إلى أن الشيخ زايد، رحمه الله، لعب دوراً كبيراً في تأسيس مسيرة العطاء الإنساني وترسيخه على مستوى الدولة والذي جعل من الإمارات قبلة للخير ومنارة للإنسانية تفيض بعطائها على مختلف دول العالم ومضربا للأمثال في التسامح ومحبة الخير والبذل والعطاء، واليوم على جميع أبناء الإمارات تكملة المسيرة التي بدأها الشيخ زايد على النهج نفسه الذي أرساه.

نجاح

يقول سعيد الكندي: استطاع المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد أن يؤسس دولة حديثة، لها مكانتها في المنطقة العربية والعالم، وسعى على الدوام لتثبيت أركانها، ومدها بكافة مقومات التقدم والنجاح، وهي فلسفة أثبتت تفوقها في كل الميادين الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والعلمية، والثقافية وغيرها، مما يعكس فكرا متقدما، يستند إلى وعي مبكر في زمن كانت فيه معظم الدول العربية، تعيش تحديات التأسيس وصعوبة تثبيت أركانه.

Email