أحمد الجابر أحد رواد الاتحاد وعضو مكتب تطوير أنشأه زايد:

مآثر زايد نبراس عالمي وعطاؤه الإنســاني يملأ أرجاء الأرض

ت + ت - الحجم الطبيعي

العظماء لا يرحلون لأنهم يتركون من طيب ذكرهم ما يبقى خالداً أبد الدهر، وتتناقل الأجيال سيرتهم غضّة حيّة كما لو أنهم يعايشونها لحظة بلحظة..

والمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كان قامة إنسانية باسقة، يفوح عطره على كل من عاصره، فأصبحت يومياته معهم كنزاً ثميناً يتناقلونه بين أبنائهم وأحفادهم ميراثاً عزيزاً يستقون منه ما يهتدون به في الحياة..

هذه صفحة يومية لأناس عاصروا الشيخ زايد بن سلطان يروون أحاديث الفكر والقلب والوجدان ممزوجة بعبق المحبة الغامر.

«لا يمكن لأهل الأرض أن ينسوا المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، فمآثره الإنسانية في كل المحافل أضحت نبراساً سار على دربه أصحاب السمو حكام الإمارات، وأعماله الخيرية عمّت أرجاء المعمورة داخل الدولة وخارجها».. هكذا يرى أحمد سلطان الجابر، وهو من رواد الاتحاد.

ومن أعضاء مكتب التطوير الذي أنشأه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، طيب الله ثراه، مسيرة القائد المؤسس، مؤكداً أن إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ليكون العام 2018 «عام زايد» سيظل خالداً في قلب كل مواطن ومقيم على أرض الإمارات الطيبة، كما سيخلد في ذاكرة الوطن،.

مبينا أن الشيخ زايد عرف بعمق إنسانيته وصدق مشاعره، فامتدت أياديه البيضاء الى كافة شعوب العالم المنكوبة لإغاثتها دون منّ أو انتظار لرد الجميل أو تمييز على أساس الدين أو الجنس أو العرق.

كما أنه أنفق مليارات الدراهم في أعمال الخير داخل الدولة وخارجها ما جعل الامارات تتبوأ مكانة عالمية مرموقة وسط دول العالم يشار إليها بالبنان في جميع المحافل الدولية ما اكسبها سمعة طيبة جلبت الاحترام والمحبة للإنسان الاماراتي أينما حل.

اضافة الى انفاقه على البنى التحتية في كافة المناطق الشمالية قبل وبعد الاتحاد، فأسس المدارس والمعاهد والجامعات والمستشفيات والموانئ والاندية الرياضية، كما أن زياراته للمناطق الشمالية وحدت القبائل وألفت بين القلوب، وفي إحدى الليالي الرمضانية تجمع أكثر من 10 آلاف فرد في رأس الخيمة احتفاء بزايد، فألقيت القصائد الوطنية ونظمت المسابقات.

ذكاء متوهج
يقول الجابر لـ«البيان» مستذكرا زيارات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، طيب الله ثراه، إلى المناطق الشمالية: إن إنسانية زايد وكرمه الفياض وذكاءه المتوهج بدأ يظهر جليا في العام 1962، كل ذلك جعله محط الانظار آنذاك.

واثبت أنه قائد فذ بإمكانه أن يكون الشخص المناسب الذي يمكنه تأسيس دولة يشار إليها بالبنان، لأنه كان حكيما في حل الإشكالات الطارئة التي تحدث بين أفراد القبائل، فقرّبهم ووفر لهم ما استطاع من مال لحفر الآبار، لافتا الى انه في الأعوام ما بين 1962 - 1966 مع بداية بزوغ النفط بدأ التدرج في الحركة العمرانية بأبوظبي والعين.

كما أنه عندما تولى زايد الخير الحكم في أبوظبي 1966 ومن خلال دعمه لمجلس التطوير بدأت المشاريع تلوح في الأفق، معلنا الدعم الكامل للمجلس من أبوظبي بإنشاء المشاريع التي تحتاجها المناطق الشمالية، فعمل على ذلك إلى أن خرجت بريطانيا في العام 1968.

ولعل من أبرز المشاريع التي نفذها زايد عندما كان حاكما لأبوظبي في المناطق الشمالية موانئ الصيادين والجمعيات النسائية والأندية الرياضية والسدود لتجميع مياه الأمطار، اضافة الى الجمعيات الزراعية في كافة المناطق الشمالية.
واحات نخيل

وأوضح الجابر أن زايد أصبح أكثر حركة ونشاطاً، وأحسّ بأنه لا بد من قيام اتحاد يلمّ شمل كافة القبائل، وحتى يعم الخير كافة المناطق خارج أبوظبي، فأنشأ مكتبا في الشارقة بديلاً لمكتب التطوير الذي كان قائما في دبي بإشراف من الحكومة البريطانية آنذاك.

وأصبح الجابر عضواً فيه الأمر الذي أدى إلى تواجده مع الشيخ زايد لفترات طويلة، فعرف عن كرمه ونظرته الوحدوية ومدى اهتمامه بأهل البر والبحر، وأنه كان يتجول في أبوظبي بالمناطق الغربية، فلاحظ بعض المناطق هناك بحاجة الى الدعم، فأخبر الشيخ زايد، فكان رده:

«هناك إمارات بحاجة إلى مشاريع عاجلة وتمهيد للبنى التحتية، من الفجيرة الى دبي، فلنكملها أولاً ثم نلتفت الى المنطقة الغربية، وأن تلك المناطق كانت قصورا وحصونا مغطاة بالرمال تأثرت بفعل الزمن وسنعمرها»، وبالفعل تحولت المنطقة الغربية الى واحات تضم بين جنباتها الملايين من أشجار النخيل التي كان يعشقها زايد الخير، لافتا الى أن تلك الإجابة تدلّ على مدى نظرته الوحدوية وبعده الثاقب.

فكان إذا صرف درهما في أبوظبي يقابله آلاف الدراهم في المناطق الشمالية، مبينا انه من العام 1968 وحتى قيام الاتحاد في 1971 بدأت المشاريع تبرز بصورة واضحة على مستوى الدولة، فتأسس المجلس الأعلى، ثم مجلس الوزراء ثم المجلس الاتحادي الوطني،.

فكان الحمل ثقيلاً على زايد وأخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وإخوانهما حكام الامارات وعلى أولياء العهود، ولكنهم تحدوا الصعاب وحولوا الصحارى إلى جنان بفضل التشاور والديمقراطية التي كانت سائدة وقائمة في الامارات من ذاك التاريخ.

تحرك وزيارات

وقال الجابر: إن زايد الخير في الفترة من 1966 إلى 1971 أي قبل قيام الاتحاد كان له تحرك كثيف وزيارات ميدانية متواصلة الى المناطق الشمالية، إضافة إلى عقد الاجتماعات مع شقيقه المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم والتقائه بالمواطنين في قصر الخوانيج في دبي وقصر الذيد بالشارقة وقصر فلج المعلا بأم القيوين.

فيلتقي بالمواطنين متلمساً احتياجاتهم، فينهالون عليه إذا ما سمعوا بمقدمه الميمون، فيلبي كافة طلباتهم آنيا دون انتظار أو تلكؤ، كما ان 60% من الخدمات والمشاريع العمرانية التي شيدت في المناطق الشمالية على يدي زايد كانت قبل قيام الاتحاد من ماله ومن ميزانية أبوظبي، لافتا الى أنه بعد قيام الاتحاد رصدت الميزانيات لإنشاء المشاريع الكبرى من موانئ ومطارات.

فكانت النهضة سريعة وتسير بخطى ثابتة، وأصبحت مثالا يحتذى ويضرب به المثل من الدول التي سبقتنا بعشرات السنين، كما ان الامارات في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، يعيش مواطنوها ومقيموها في سعادة لا تضاهى، وأمن وأمان لا مثيل لهما من حولنا.

جولات بعد الاتحاد
وأوضح الجابر أن الانسان يعجز عن الحديث عن مآثر المغفور له الشيخ زايد لأنها لا تعد ولا تحصى، وأن أول عمل إنساني قام به زايد هو تجميع القبائل المتفرقة على سواحل عمان والإمارات وألّف بينها، ثم أوجد لأولئك الرجال العمل في وظائف بسيطة ليشعرهم بقيمتهم ما عزز لديهم حب الوطن، فكان له جولات في منطقة الذيد وفلج المعلا وخلافهما.

فيأتي إلى مقر الذيد وقصر فلج المعلا مستقبلاً أفراد القبائل، إضافة الى المقيمين على أرض الإمارات من الجاليات العربية، مستمعا إلى مطالبهم، فيحققها لهم، لافتا الى أنه في كافة زياراته كان ينشئ ميادين لسباقات الهجن.

، فأنشأ ميدان اللبسة في أم القيوين، وأقام السباقات والعروض والرقصات الشعبية التي تحبها القبائل، فيخصص لهم الجوائز الكبرى، فكان لها الأثر الطيب في نفوسهم، فأحبوا زايد وتراب الوطن لأنه عمل على إسعادهم وإدخال الفرحة في نفوسهم، فبادلوه حباً بحب وولاء بولاء.

كما أنه لم ينس أهل البحر، فعمل على تمليكهم قوارب وسفن الصيد ومعداته، اضافة الى الشباك، وكذلك اقامة السباقات البحرية، ومن ثم منحهم الجوائز النقدية القيّمة.


10 آلاف

يستذكر الجابر أنه من خلال زياراته لرأس الخيمة في إحدى ليالي رمضان المباركة اختار الشيخ زايد، طيب الله ثراه، منطقة رملية، فتجمع فيها ما يزيد على 10 آلاف فرد من مختلف مناطق رأس الخيمة وما جاورها، وكانت ليلة ملؤها السعادة، فأقيمت الرقصات الشعبية الإماراتية وألقيت القصائد الوطنية التي تدعو إلى التوحد والتعاضد والتآزر.

اضافة الى إقامة المسابقات، فمنحت الجوائز وقضيت الحاجات في تلك الليلة لكل سائل وذي حاجة، لأن زايد الخير لا يرد أحدا، فكان هدفه من ذلك التجمع أن يكون الإماراتيون على قلب رجل واحد متاحبين يعملون من اجل مصلحة الوطن، لافتا الى أن زايد لا يرد أحدا من ابناء الامارات.

فذات يوم أتى اليه احد المواطنين من منطقة غنتوت بـ14 طلبا له ولأسرته وقبيلته عند السابعة صباحا، فتبسم زايد الخير ولبى له ما أراد، مبينا ان كافة جلساته مع المواطنين عبارة عن جلسات عمل، وإذا طلب منه أن ينال قسطا من الراحة، أجاب «راحتي في سعادة أبناء الامارات».
عاشق النخيل والصحراء

يقول الجابر إن زايد الخير كان يعشق النخيل، وخلال 20 عاما غرس أكثر من 50 مليون نخلة على مستوى الامارات في ليوا والفجيرة والذيد وأم القيوين، وإن عشقه للنخيل والصحراء يرجع إلى ارتباطه بقيمها المتمثلة في الشهامة والفروسية وكرم الضيافة. ويروي الجابر أنه سمع من زايد أن المرأة الإماراتية لا بد أن يوفر لها التعليم والاهتمام.

وأن دورها ينبغي ألا ينحصر فقط في البيت، فوفّر المدارس، وأنشأ الجمعيات النسائية، منها جمعية أبوظبي النسائية، وتلتها جمعية أم القيوين النسائية التي ظلت شاهدة على اهتمامه بالمرأة حتى تأخذ حقها في التعليم والعمل جنبا الى جنب من شقيقها الرجل، ومن ثم انتشرت على مستوى الدولة.

جولات زايد جمعت القبائل وألفت قلوب أبناء الوطن

غرس زايد خلال 20 عاماً أكثر من 50 مليون نخلة على مستوى الدولة

60 % من الخدمات والمشاريع العمرانية أسسها زايد قبل قيام الاتحاد

المرأة الإماراتية حظيت باهتمام كبير من زايد الخير.. والمدارس خير شاهد

أنفق المغفور له مليارات الدراهم في أعمال الخير داخل الدولة وخارجها


سينما متنقلة

يروي الجابر أنه في العام 1962 كانت هناك سينما متنقلة عند طريق (دار الاعتماد) البريطاني في دبي تجوب إمارات الدولة كل أسبوعين أو شهر.

وتم خلالها التركيز على الشيخ زايد، واهتمامه بزراعة النخيل، فكان ذلك خير توثيق له، فكان طلبة المدارس وعامة الناس يشاهدون الشيخ زايد يزرع النخيل بيده ويحفر الأفلاج، اضافة الى التقائه افراد القبائل مصلحا لهم يشاطرهم همومهم ومشاكلهم ويذللها، فعرف الجميع أن زايد سيكون خير قائد وموحد لدولة شامخة.

Email