مؤيد الصومالي فقد أباه ولم يفقد الأمل بالحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لكل شيء في هذا الكون بديل، إلا الأب والأم، فلا أحد يسد خانتهما، أو يعبئ مكانهما، أو يعوض حبهما وحنانهما واهتمامهما، وكما يقولون فإن فاقد الأب نصف يتيم، وفاقد الأم يتيم.

في المقابل هناك أطفال أيتام، رغم أن آباءهم وأمهاتهم مازالوا على قيد الحياة، لكن الرحمة ماتت فيهم، وتكلست فيهم مشاعر الأبوة والأمومة، وفطموا أبناءهم منذ الطفولة عن أحضانهم، وقلوبهم وعقولهم، وأعرضوا عن الاهتمام بهم، أو مجالستهم، أو الاستفسار عن احتياجاتهم المادية والعاطفية، بعد أن صارت الدنيا ومشاغلها وملذاتها أكبر همهم، ومحلَّ اهتمامهم وتفكيرهم.

لكن حتى لو غاب الأب، أو الأم، أو كلاهما عن الحياة بقدر الموت، فهذا لا يعني البتة، أن الضياعَ والشتاتَ والفقرَ والخطرَ مصيرُ الأبناء، لأن الله يسخر لهم من يرعاهم، ويرأف بهم، ويعطف عليهم، ويمسح على رؤوسهم، ويقف عند احتياجاتهم، سواء أهل الخير والإحسان، أو الجمعيات الخيرية ومنها العاملة في الإمارات، والتي تكفل العديد من الأيتام داخل الدولة وخارجها، وترفع شعار «معاً نصنع حياة أفضل لليتيم».

جمعية دار البر الخيرية في دبي، شأنها شأن الكثير من الجمعيات الأخرى في الدولة...تخصص جزءاً كبيراً من التبرعات الواردة إليها لكفالة الأيتام محلياً ودولياً، لتشد عضدهم وتحيي همتهم وتنقذهم من الصعاب وتوفر لهم سبل الحياة الكريمة، فكانت هي الأب والأخ والعشيرة للمكلومين الأيتام والمحرومين الذين حرموا من حنان أعز ما يملكون، ومنهم الشاب الصومالي مؤيد البالغ من العمر 15 عاما، والذي فقد سنده ومصدرَ قوته أباه عندما كان في عمر الزهور.

إذاً، فجأةً وبرمشة عين، صار مؤيد يتيماً بعدما قتل أبوه «مظلوما»، ومن تلك اللحظة عرف الألمُ والحزنُ وقسوةُ الحياة الطريقَ إلى أسرته المكونة من أربعة افراد، وتعيش في بيت متواضع بالكاد يسترهم ويوفر الراحة والسكينة لهم، لكن الله شمل مؤيد وأسرته برحمة واسعة، ويسر لهم أسباب الحياة من أجل النهوض من تلك المحنة بعد ما أصابهم اليأس والإحباط بفقدان «الأب»، فكان لكفالة جمعية دار البر الأثر البالغ لمساعدتهم في سد احتياجاتهم المختلفة واستعادة عافيتهم، حتى أن مؤيد لم يستسلم لتلك الظروف وأخذ من هذه الكفالة سلاحاً قوياً لمواجهتها وأصر أن يستخدم العلم كوسيلة فثابر واجتهد وسهر الليالي لتحقيق أمنيته التي وضعها لنفسه وجعله هدفاً يسمو إليه للنهوض في المجتمع والتغلب على الصعاب، وهذا ظاهر في نتائجه الدراسية المشرفة والمستمرة وواصل النجاح وتقوية علاقاته مع أبناء مجتمعه، وهو اليوم في الصف التاسع ومستواه الدراسي ممتاز، ومعدله 97.9 %.

Email