بر الوالدين من خلق الأنبياء

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

قال ذو النون النبي يونس عليه السلام ثلاثة من أعلام البر: بر الوالدين بحسن الطاعة لهما ولين الجناح وبذل المال ، وبر الولد بحسن التأديب لهم والدلالة على الخير ، وبر جميع الناس بطلاقة الوجه وحسن المعاشرة.

إن بر الوالدين مما أقرته الفطر السوية، واتفقت عليه الشرائع السماوية، وهو خلق الأنبياء، ودأب الصالحين ، كما أنه دليل على صدق الإيمان، وكرم النفس، وحسن الوفاء ،وبر الوالدين من محاسن الشريعة الإسلامية؛ ذلك أنه اعتراف بالجميل، وحفظ للفضل، وعنوان على كمال الشريعة، وإحاطتها بكافة الحقوق بخلاف الشرائع الأرضية التي لا تعرف للوالدين فضلا، ولا ترعى لهما حقا، بل إنها تتنكر لهما، وتزري بهما.

ان حق الوالدين والاحسان اليهما في الإسلام يأتي بعد العبادة ونفي الشرك عن الخالق حيث يقول تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا اياه وبالوالدين إحسانا) ، بل إن الإسلام نهى عن العقوق، وحذر منه أشد التحذير، فهو كبيرة من الكبائر، وهو قرين للشرك ويكفي في ذلك قوله تعالى: «فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا» الإسراء:23. فما بالك بما فوق كلمة "أف". والأحاديث في هذا السياق كثيرة جدا، ومنها ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس.

ومع تلك المكانة للوالدين، وبرغم ما جاء من الأمر الأكيد في برهما، والزجر الشديد في النهي عن عقوقهما إلا أن فئات من الناس قد نسيت حظا مما ذكرت به، فلم ترع حق الوالدين، ولم تبال بالعقوق.

وقال تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء: 23، 24 .

اما العقوق فهو ضد البر، قال ابن منظور رحمه الله : " بررت والدي: بالكسر أبره برا، وقد بر والده يبره ويبره برا، فيبر على بررت ، وقال: "ورجل بر من قوم أبرار، وبار من قوم بررة، وروي عن ابن عمر أنه قال: إنما سماهم الله أبرارا لأنهم بروا الآباء والأبناء ، وقال: كما أن لك على ولدك حقا كذلك لولدك عليك حق "وعق والده يعقه عقا وعقوقا ومعقة: شق عصا طاعته، وعق والديه: قطعهما ولم يصل رحمه منهما " وقال: " وفي الحديث أنه، صلى الله عليه وسلم، نهى عن عقوق الأمهات وهو ضد البر، وأصله من العق: الشق والقطع.

 

البر قرين العبادة

قال تعالى: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا) البقرة 83 والإحسان نهاية البر , فيدخل فيه جميع ما يحب من الرعاية والعناية , وقد أكد الله الأمر بإكرام الوالدين حتى قرن تعالى الأمر بالإحسان إليهما بعبادته التي هي توحيده والبراءة عن الشرك اهتماما به وتعظيما له وقال تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا) النساء 36 فأوصى سبحانه بالإحسان إلى الوالدين إثر تصدير ما يتعلق بحقوق الله عز وجل التي هي اكد الحقوق وأعظمها تنبيها على جلالة شأن الوالدين بنظمهما في سلكها بقوله (وبالوالدين إحسانا).

وقد كثرت مواقع هذه النظم في التنزيل العزيز كقوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) الإسراء 23- 24

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربونا صغاراً، واجزهم عنا خير ما جزيت به عبادك الصالحين.

Email