الإمارات وأستراليا.. نموذج في التعايش السلمي وتنوع الثقافات

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتشارك دولة الإمارات وأستراليا العديد من قيم التعايش المشترك في ظل تنوع الثقافات لديهما، وتمثل قيم التسامح ركائز للحياة في البلدين، كقيم عالمية تسهم في مستقبل مشرق للبلدين، بغض النظر عن العرق أو الديانة، كما أن البلدين يوليان أهمية خاصة لترسيخ روابط الصداقة والتعاون في العالم.

 وفرت أستراليا على مدار التاريخ الملجأ الآمن للمهاجرين الباحثين عن فرصة للعمل والحرية والعيش الكريم من مختلف أنحاء العالم، فهي تستقبل سنوياً أكثر من 160 ألف مهاجر، ونتج عن ذلك خليط من الثقافات والعرقيات المتباينة بين أفراد المجتمع الأسترالي، وتتجلى مظاهر التآخي والتأكيد على الأخوة الإنسانية والتلاحم بين أفراد الشعب الواحد من خلال تنظيم واستضافة الكنائس الأسترالية الإفطار الجماعي خلال أيام رمضان واستقبال الصائمين ومشاركتهم وجبة الإفطار في أجواء رمضانية مفعمة بالمحبة والتسامح، وبالمقابل تقوم الأسر المسلمة بتوجيه الدعوات للأصدقاء من الديانات الأخرى لمشاركتهم في إفطار رمضان.

ويؤكد السفير الأسترالي لدى الدولة آرثر سبيرو، أن أكثر من 25% من المواطنين الأستراليين ولدوا خارج أستراليا ومعظم لغات العالم مستخدمة هناك، فإلى جانب الإنجليزية هناك لغات الماندرين والكانتونيز (لغات صينية) والعربية والفلبينية والإيطالية واليونانية والألمانية والفيتنامية، وبناء عليه أستراليا افتخرت بأنها أنجح مجتمع متعدد للثقافات في العالم، إذ إن مدن أستراليا تم اختيارها بأنها أكثر المدن متعددة للثقافات ومن الأكثر ملاءمة للعيش في العالم على مدار 7 أعوام متتالية.

ويلفت إلى أن من بين اللغات العشر الأكثر تحدثاً في البيوت الأسترالية ومع نمو أستراليا في التنوع العرقي، نما وازداد الانتماء الديني إلى ديانات غير المسيحية بنسبة 84% بين عامي 2006 و2016 - من 1.1 إلى 2 مليون، كما أن أستراليا تتمتع حالياً بسجل يبلغ 28 عاماً تقريباً من النمو الاقتصادي المتواصل، ويعزو ذلك جزئياً إلى انفتاح أستراليا على الهجرة، ودعمها للمواهب المبدعة وتعدد الثقافات، التي تعكس الهوية الحقيقية لأستراليا، وهذا شيء مميز نشارك به دولة الإمارات العربية المتحدة.

رمضان في أستراليا

ويحتفل المسلمون في أستراليا بقدوم شهر رمضان بعد الإعلان عن رؤية الهلال بالعين المجردة من قبل المجلس الإسلامي الأعلى في استراليا وسط مظاهر احتفالية مبهجة، ولا يختلف رمضان في أستراليا عن بقية البلدان العربية، المسلمون في أستراليا يصنعون جواً من البهجة والروحانية في الشوارع، التي يسكنون فيها، كما تقدم المطاعم المنتشرة بكثرة في أستراليا، الأطعمة العربية والحلوى الشامية احتفالاً بشهر رمضان.

كما يحرص المسلمون في أستراليا على تبادل الزيارات في ما بينهم وتناول الإفطار الجماعي، كما تنتشر موائد الرحمن للسحور والإفطار الجماعي أمام المساجد وفي حدائق المنازل، ويتم استدعاء الشيوخ لتلاوة القرآن بعد الإفطار.

كما يقوم أعضاء السفارة الأسترالية في أبوظبي بتلبية دعوات الإفطار التي تنظمها المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة خلال أيام رمضان ومشاركة المسلمين في احتفالاتهم بالشهر الكريم توثيقاً للروابط ودعماً للتفاهم والاحترام المتبادل.

وتحرص الأسر على الذهاب إلى المساجد لإقامة صلاة العشاء والتراويح التي تعتبر فرصة عظيمة لروح الجماعة وذوبان الجنسيات المختلفة وتضامنها وتوحدها على مظهر من مظاهر العبادة، وتنشط العبادة في العشر الأواخر وعند دخول العيد تعم الفرحة على الجميع وينطلق الأطفال إلى اللهو واللعب في الميادين العامة وعند حدائق المساجد، وتوجد مطاعم الحلال في أستراليا بكثرة بسبب نشاط المجلس الإسلامي الأسترالي، كما تقوم الأسر المسيحية بمشاركة الجاليات الإسلامية أجواء رمضان وبخاصة عند الإفطار، ما يدل علي التعايش والتآخي والمحبة بين الشعوب.

وعن تجربته الشخصية كسفير لأستراليا في الإمارات في ما يخص التسامح بين أفراد المجتمع الذين يزيدون عن 200 جنسية بمختلف الأديان والثقافات، وما لمسه من صور واقعية لتلك المبادئ الإنسانية السامية، يقول السفير آرثر سبيرو: «أنا محظوظ لمشاهدتي مظاهر التسامح والمحبة بشكل يومي على أرض الإمارات وأول صورة من صور التسامح تجسد هذا المفهوم على أرض الإمارات هي متحف اللوفر في جزيرة السعديات، إذ إن الإمارات برعت في جمع العديد من القطع الأثرية من مختلف الحضارات والديانات والثقافات والأعمال الفنية معروضة بشكل يظهر تناغم الديانات والحضارات وتوصل للزائر رسالة واقعية بالمظاهر المشتركة بين مختلف الثقافات، لافتاً إلى الجهود الكبيرة والمثمرة في نشر وترويج أجندة التسامح حول الإمارات التي يقدمها معالي الشيخ نهيان بن مبارك، وزير التسامح، صديق أستراليا.

ويقول آرثر سبيرو: إن دولة الإمارات العربية المتحدة أظهرت قيادة عظيمة في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم بإعلانها عام 2019 عاماً للتسامح، حيث يعيش على أرضها العديد من الجنسيات والأديان والثقافات والأعراق المختلفة في تفاهم وتناغم كبيرين، شأنها في ذلك شأن أستراليا التي تعد موطناً للعديد من الناس من مختلف بلدان العالم، ينتمون لمجموعة من الديانات المختلفة ويتحدثون العديد من اللغات.

ويضيف: «أوافق بشدة على ما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بمناسبة الإعلان عن عام التسامح 2019: «ما أحوج العالم اليوم إلى تعزيز القيم الإنسانية الجامعة التي تمكن المجتمعات من العمل لما يخدم مصالحها وينهض بأوطانها ويؤمن مستقبل أجيالها».

كما يوضح السفير الأسترالي أن «الدبلوماسيين يستطيعون من خلال عملهم دعم وتعزيز قيم التسامح والتعايش وبحث سبل تعزيز التبادل المعرفي والعملي وأفضل الممارسات في مجال الدبلوماسية والعلاقات الدولية من خلال الدور الذي يلعبونه في تمثيل حكوماتهم، حيث إنهم قادرون على إظهار القيادة من خلال الجمع بين الناس لتبادل وجهات النظر وتعزيز التفاهم يكسب الدبلوماسيين أيضاً الخبرات والرؤى المختلفة من خلال العيش والعمل في بلد ما لمدة ثلاث أو أربع سنوات. لقد كنت محظوظاً في تولي مناصب في فرنسا وماليزيا والإمارات العربية المتحدة وآمل أن تكون التجارب التي اكتسبتها في كل من تلك البلدان في الأقاليم المختلفة عملت على تطوير مفهوم أكبر للثقافات والأديان، التي تساعدني لبناء الجسور وتعزيز التسامح بين بلدينا».

متفرقات

تعاون مشترك

يعيش في الإمارات أكثر من 15 ألف أسترالي يساهمون في برنامج التنمية الطموح للدولة من خلال خبرتهم في قطاعات الصحة والتعليم والمالية والقانونية والتصميم والبناء، وقامت دولة الإمارات بابتعاث حوالي 2000 طالب إماراتي للدراسة في أستراليا والعديد من السياح الإماراتيين والأستراليين يزورون بلدان بعضهم البعض كل عام. ووقعت الإمارات العربية المتحدة وأستراليا على عدد من الاتفاقيات الثنائية التي تغطي مجموعة من القضايا.

100 مسجد

تنتشر المساجد في أغلب المدن الأسترالية، ويوجد في أستراليا ما يقارب 100 مسجد تتمركز في المدن الكبرى، وتوفر معظم الجامعات، والمستشفيات الكبرى غرفا خاصة لأداء الصلاة، وتنظم معظم المساجد في أستراليا دورساً دينية وتحفيظ القرآن، واللغة العربية للأطفال المسلمين يومي السبت والأحد من كل أسبوع، ومن أهم مساجد استراليا مسجد لاكمبا في سيدني، ومسجد مورينا في فيكتوريا، ومسجد تشو لوزا غيرنا في سيدني، ومسجد بوركين هيل، ومسجد بيت الهدي في سيدني، ومسجد الطائفة الأحمدية في ملبورن.

روضة المري تستعرض العادات الإماراتية الرمضانية

قدمت روضة المري صاحبة كتاب «الإمارات 101 قصص، ثقافة، وتعاليم» محاضرة في مقر السفارة الأسترالية بأبوظبي استعرضت فيها عادات مجتمع الإمارات خلال رمضان، وأشارت إلى أن الشهر الكريم بالدولة وفي جميع الدول العربية والإسلامية لا يعني فقط الامتناع عن الأكل والشرب، ولكن يرتبط بعادات وقيم أخرى متأصلة مثل زيادة أعمال البر والإحسان والعبادة والصلاة ومساعدة الفقراء.

فلاش

يبلغ عدد سكان أستراليا 25 مليون نسمة، فيما دخل الإسلام إلى أستراليا في القرن السادس عشر عبر المهاجرين العرب ومسلمي آسيا الوسطى والتجار من إندونيسيا وماليزيا وغيرها، ووفق الإحصاءات الرسمية يبلغ عدد المسلمين في أستراليا حالياً نحو 650 ألف مسلم يعيشون في مختلف المدن الأسترالية.

Email