الإمارات وباكستان.. التسامح توجّه وطني وأسلوب حياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترتبط دولة الإمارات وجمهورية باكستان بعلاقات وروابط تاريخية وثقافية وثيقة ويشمل التعاون بين البلدين مختلف المجالات الحيوية، وتوفر هذه العلاقات أرضية خصبة لشراكة تخدم مساعي التنمية المستدامة للطرفين، وتعزز قنوات التواصل والتنسيق وفق أجندة واضحة تخدم مصالح البلدين الصديقين.

ساهم نهج التسامح واحترام الآخر والوسطية والاعتدال الذي رسخته الإمارات وتوفير أجواء التعايش السلمي بين الأديان والأعراق المختلفة والمتعددة التي تتجاوز 200 جنسية في الارتقاء بالعلاقات المتميزة بين مختلف الجاليات، لاسيما الجالية الباكستانية التي تعكس التزامها بدعم التوجه الوطني نحو جعل التسامح نهجاً وفكراً وثقافة وأسلوب حياة، وهذا ما يؤكده الدكتور فيصل إكرام رئيس الجمعية الباكستانية في دبي الذي يعمل طبيب جراح في مستشفى ميدكلينك.

ويوضح الدكتور إكرام تشابه العادات والطقوس في الإمارات وباكستان، مثل الإقبال على الصلاة في المساجد، والأجواء الحميمية التي تجمع الناس وتؤلف بين قلوبهم، وينتهز الباكستانيون فرصة شهر رمضان الفضيل في العبادات وأعمال الخير، والتقرب من بعضهم البعض، فيتبادلون الأطباق والزيارات وتقام موائد الإفطار الجماعي.

وتشمل علاقات التعاون بين البلدين مختلف المجالات، إذ سجل حجم التبادل التجاري بين البلدين غير النفطي خلال العام 2017 إلى 12.48 مليار درهم (3.4 مليارات دولار)، وتستضيف الإمارات على أرضها حوالي 1.6 مليون باكستاني يعملون في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والاستثمارية، وتشكل فئة العمالة 60% منهم.

مبادئ

ويرى الدكتور إكرام أن شعب الإمارات وباكستان تجمعهما قيم التسامح والمبادئ ذاتها، لافتاً إلى العلاقات الطيبة التي تربط البلدين منذ عقود، لافتاً إلى دور أكبر مركز طبي خيري في منطقة الخليج العربي، ستؤسسه الجالية الباكستانية في الدولة كنموذج يُحتذى به في إعلاء قيم التسامح والانفتاح والتعايش، وليؤكد التزامها بدعم ثقافة وفكر ونهج التسامح استلهاماً من إرث الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من خلال خدمة كل شرائح النسيج الإماراتي المتنوع.

خدمات

ويشرح الدكتور إكرام في عمل المركز، قائلاً: المركز سيقدم الخدمات الطبية المتكاملة للمرضى من مختلف الجنسيات والديانات، التي تتعايش مع بعضها البعض بتناغم ووئام وسلام على أرض دولة الإمارات، لافتاً إلى أن روح التسامح ستسهل إجراءات وعمليات المستشفى، خاصة أنه سيقدم المساعدة الطبية للمحتاجين لها، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين أو حتى أوضاعهم الاقتصادية.

ويبرز المركز الطبي الباكستاني، المزمع افتتاحه رسمياً في أغسطس 2019 باعتباره المرفق الصحي الأول من نوعه لجالية أجنبية في منطقة الخليج العربي، ويرتبط المركز بشراكة استراتيجية مع «جمعية دار البر» باعتبارها الشريك الخيري، في سبيل دعم الأهداف الطموحة للمشروع النوعي الذي يعود بالنفع على كل أطياف المجتمع المحلي.

ويضيف: سيستقبل ويقدم العلاج إلى 3 فئات من المرضى وهم من يحملون التأمين الصحي، ومن ليس لديهم تأمين صحي، وهؤلاء سيتم علاجهم بأقل التكاليف، لاسيما وأن جميع الأطباء الذين سيعملون في المركز من المتطوعين، أما الفئة الثالثة فهم المرضى المعوزون الذين لا يستطيعون دفع تكاليف العلاج فسيتم تقديم الخدمات الطبية والعلاج بالمجان بغض النظر عن العرق أو الدين، كما سيقدم المركز كذلك الفحوصات الطبية المجانية والعلاج التأهيلي.

تماسك

ويقول الدكتور إكرام: إن إطلاق المركز الصحي الباكستاني هو مثال حي على التسامح، ويعبر عن التلاحم والتماسك الاجتماعي في أبهى صوره، كما أنه يعد هدية من الجالية للمجتمع الإماراتي كرد للجميل، وعرفاناً من الجالية للبيت الكبير الذي يحتضن أحلام وآمال من يعيش على أرضها، فهي موطن الأحلام الكبيرة، ترفع سقف أحلامهم، وتبدد المستحيل أمامهم.

كما يؤكد أن الجمعية تقوم بدعم الجانب التعليمي من خلال دفع أقساط المدارس للطلبة المعسرين، كما تقدم منح دراسية للمستحقين، وذكر مثال لطالبة واجه ذويها صعوبة في استكمال تعليمها الجامعي، فقامت الجمعية بتوفير منحة دراسية لها، فتفوقت وأصبحت تدرس الآن في نفس الجامعة التي تخرجت منها. ويضيف: لا يقتصر دعم الجمعية على هذه الشرائح بل يمتد إلى التكفل بسداد الديون عن نزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية ومنحهم بارقة أمل في بدء حياة جديدة، ولقاء أحبائهم، ولم شمل أسرهم، بعد سداد مديونياتهم، وتدبير قيمة تذاكر عودة للمبعدين منهم إلى بلدانهم وذلك مع دخول الشهر الكريم من كل عام، حيث يتم مساعدة 100 حالة العام الماضي 2018، بقيمة 3 ملايين درهم ونصف.

تعليم

كما يشير إلى أن الجمعية تكفلت بتعليم 165 طالباً وطالبة خلال العام الدراسي 2017-2018، الماضي، إلى جانب توزيع معونات لـ 1000 أسرة، ووزعت 300 ألف وجبة على الأسر المعوزة، ووفرت 130 تذكرة عودة للنزلاء المحكوم عليهم بالإبعاد عن البلاد، وسددت الديون عن 116 نزيلاً خلال نفس الفترة. كما يشير الدكتور إكرام إلى دور هيئة تنمية المجتمع في دعم أندية الجاليات وترسيخ دور دبي والإمارات بشكل عام كحاضنة للتسامح والحوار والوسطية والاعتدال، مؤكداً اندماج الجاليات الباكستانية في الفعاليات المجتمعية المحلية لدولة الإمارات وتطوير وعيهم بالثقافة والهوية الوطنية بما يساهم في ترسيخ مكانة الدولة الريادية في انصهار الثقافات وتلاحم المجتمع، لافتاً إلى التجربة الرائدة والمتميزة لإمارة دبي كملتقى لثقافات العالم وأيقونة لسعادة واطمئنان كل من على أرضها.

المطبخ الباكستاني

ويتأثر المطبخ الباكستاني كثيراً بالمطبخ الشرقي لآسيا الوسطى والشرق عموماً والهند، كما أن التوابل نكهة ملازمة للأعشاب مما يعطي الأطباق مذاقاً خاصاً كما أن (الچباتي) متصدر أنواع الخبز المعروفة بالإضافة إلى «الكرك» وهو خليط الشاي مع الحليب الذي له شعبية كبيرة أما الحلوى فلعل أشهرها (سوهان) وهو الطبق الشعبي الحلو المتصدر في البنجاب وعموم باكستان.

تعتبر جمهورية باكستان الإسلامية سادس دولة في العالم من حيث عدد السكان الذين يتجاوز 181 مليون نسمة وثاني أكبر دولة من حيث السكان المسلمين، وفق إحصائية عام 2014، وتغطي مساحتها 796095 كم2، لذا تعتبر الدولة الـ 36 في العالم من حيث المساحة.

 

متفرقات

علاقات تاريخية

تعد باكستان من أولى الدول، التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الإمارات استناداً إلى العلاقات التاريخية بين الشعبين والروابط الاجتماعية والثقافية التي تربط البلدين، وتعكس العلاقات الثنائية المتبادلة آفاق التعاون الواسعة في شتى المجالات، وتعد الإمارات أكبر مستثمر في باكستان، وتشمل مجالات الاتصالات والطيران والأعمال المصرفية والعقارية وقطاع النفط والغاز، وتعمل حالياً أكثر من 26 شركة إماراتية في باكستان، كما يوجد أكثر من 7 آلاف شركة باكستانية مسجلة بالإمارات.

دعم كبير

تحظى الجالية الباكستانية والجمعية في دبي، بدعم كبير في الإمارات، وفقاً للدكتور فيصل إكرام، الذي يؤكد أن مقر الجمعية في الإمارة يعتبر المساحة الأكبر، التي حصلت عليها مقارنة بالبلدان الأخرى بشكل مجاني، حيث تضم عدة أجنحة منها قاعة رئيسية تستوعب 750 شخصاً، وملاعب خارجية، مثل ملعب لكرة القدم ولعبة الهوكي وكرة السلة والكريكيت، والفولوبول، بالإضافة إلى مكتبة، وتشرع الجمعية أبوابها وملاعبها لكل الجاليات والجنسيات وليس للجالية الباكستانية فقط، الأمر الذي يبرز التسامح وهو المفهوم الذي سعت إليه هيئة تنمية المجتمع لتعزيز التنمية المجتمعية الوطنية.


تطوع وخدمات

يشارك عدد كبير من المتطوعين في الجمعية الباكستانية في دبي، فيما يتم تنظم بشكل دوري معسكرات طبية في أماكن سكن العمال لتقديم خدمات الفحوصات الطبية ومنتجات العناية بالنظافة الشخصية والصحة العامة بالمجان، وذلك آخر جمعة من كل شهر، ويشارك في المعسكر 50 طبيباً و31 متطوعاً. وفقاً للدكتور فيصل إكرام، الذي أشار إلى أن الجمعية قدمت الخدمات الطبية لـ 26000 مريض ونظمت 115 معسكراً طبياً منذ عام 2009، وأنفقت ما قيمته مليون و200 ألف درهم على المعسكر الطبي في 2018.

Email