الإمارات وكازاخستان.. التنوع والتعايش سمة مشتركة بين الشعبين

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهد مستوى العلاقات الثنائية بين جمهورية كازاخستان ودولة الإمارات العربية المتحدة تطوراً لافتاً خلال السنوات الماضية ووصلت العلاقات إلى شراكة استراتيجية في جميع المجالات وهناك توافق وتقارب في القضايا السياسية الدولية والإقليمية، وعلى المستوى التجاري والاقتصادي هناك العديد من المشاريع المشتركة الضخمة قيد الإنجاز.

 قطعت الإمارات شوطاً كبيراً فيما يتعلق بتكريس مبادئ التسامح والتعايش، فيما تتمتع جمهورية كازاخستان بنفس التجربة في دعم وتعزيز التسامح بين مختلف الأقليات، إذ يعيش فيها أكثر من 130 قومية مختلفة جنباً إلى جنب، تحت مظلة الوطن الواحد ولديهم كامل الحرية في العبادة وممارسة الطقوس الدينية والتقاليد والعادات الخاصة بهم.

وأكد ماديار مينيلبيكوف سفير فوق العادة والمفوض لجمهورية كازاخستان لدى الإمارات، أن السفارة الكازاخية تشارك بفعالية في أغلب الأنشطة المتعلقة بعام التسامح، حيث شاركت أخيراً السفارة في قمة التسامح مع وفد مجلس الشيوخ في كازاخستان، وذلك لأن جمهورية كازاخستان قريبة الشبه بدولة الإمارات فيما يخص إعلاء قيم التسامح.

سعادة

ويستقبل المسلمون الكازاخ شهر رمضان بالسعادة والبهجة ويعكفون على تنظيف المساجد وتغصّ أغلب مساجد الجمهورية الكازاخية بالمصلين في شهر رمضان الفضيل، وتقام صلاة التراويح في المساجد وغيرها، وعند الانتهاء من صلاة التراويح يومياً يخرج الأطفال والجيران في الأحياء إلى الشوارع يمشون ويطرقون الأبواب وينشدون نشيد شهر رمضان، هذا النشيد يحتوي على مفردات المدح والدعاء لأصحاب المنازل التي يطرقون أبوابها، وهم بدورهم يقومون بتوزيع بعض النقود والحلوى على الأطفال.

وقال مينيلبيكوف: إن إعلان عام 2019 عاماً للتسامح من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وسبقه عام زايد للاحتفاء بمئوية القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي رسخ مبادئ التسامح والتعايش السلمي بين كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة، التي تضم أكثر من 200 جنسية يعيشون معاً في توافق ووئام وانسجام تام. وأضاف أن دولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت عاصمة للتسامح على مستوى العالم، فقد كانت أبوظبي محط أنظار العالم عند زيارة قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية التي جاءت تتويجاً لعام التسامح، لافتاً إلى أنه قضى في دولة الإمارات حوالي 10 سنوات وعرف عن قرب طبيعة الشعب الإماراتي المحب والكريم مع كل من يفد إليه، ولذلك عندما يأتي أي شخص ويعيش في هذه الدولة لا يشعر بغربة أو أنه بعيد عن وطنه وأهله.

وذكر السفير الكازاخي لدى الدولة أن الإمارات قطعت شوطاً كبيراً فيما يتعلق بتكريس مبادئ التسامح والتعايش، ويقوم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، بجهود كبيرة في المجال، مؤكداً أن جمهورية كازاخستان لديها نفس التجربة في دعم وتعزيز التسامح بين مختلف الأقليات حيث يعيش فيها أكثر من 130 قومية مختلفة جنباً إلى جنب.

وأوضح أن مؤتمر زعماء الأديان العالمي يعقد كل ثلاث سنوات لتعزيز مبادئ التسامح والتعايش السلمي ويعقد في قصر التوافق والسلام بالعاصمة «نور سلطان» الأستانا سابقاً، حيث تم تغيير اسم عاصمة جمهورية كازاخستان من «أستانا» إلى «نور سلطان» تكريماً لأول رئيس لجمهورية كازاخستان المستقلة نور سلطان نزاربايف الذي استقال أخيراً من منصبه.

طقوس

وأشار إلى أن شعب كازاخستان بطبيعته المسلمة لديه نفس الطقوس الموجودة في البلدان العربية في رمضان وإن اختلفت بعض التفاصيل الصغيرة إلا أن أهم طقس في رمضان لدى الشعب الكازاخستاني يتلخص في أن الإفطار لا يكون إلا عند الأقارب ولا يمكن أن تقوم الأسرة الواحدة بالإفطار من دون العائلة أو الجيران، حيث يتقاسم الأهل أيام رمضان لاستضافة الصائمين فيما بينهم، ويركزون على ختم القرآن ويقوم الناس بتلاوة جزء واحد يومياً لتكتمل تلاوة القرآن الكريم ليلة العيد.

وتضم مائدة الإفطار الكازاخستانية بعض العصائر والسلطات والطبق الرئيسي الذي يسمى «بلوف» وهو عبارة عن قطع من لحم الغنم والأرز والمكسرات، بالإضافة إلى نوع من الخبز المحشو باللحم المفروم، ويعد طبق «بشمرماه» المصنوع من اللحم وهو من أفضل الأطعمة في كازاخستان، وتقام موائد الإفطار الجماعي «موائد الرحمن» في كازاخستان في جميع المدن.

وبعيد صلاة التراويح في كل مسجد تقرأ أيضاً ختمة كاملة لكتاب الله تعالى، وفي وقت سابق ولقلة حفظة كتاب الله، كانوا يختمون القرآن في كل عشرة أيام ثمّ ينتقلون إلى مسجد آخر، أمّا الآن ولله الحمد كثر القراء وطلاب العلم، وأصبحت صلاة التراويح تقام في كل المساجد وتقرأ ختمة كاملة.

وفي عام 2012 تم افتتاح مسجد «حضرة سلطان» الذي يعد أكبر مساجد آسيا الوسطى في أستانا عاصمة كازاخستان سابقاً «نور سلطان» حالياً ويضم المسجد الذي يحتوي على نسخ قديمة من القرآن الكريم قبة كبيرة قطرها 28 متراً وارتفاعها 51 متراً، وهو مزين بزخارف شرقية وعثمانية.

علاقات ثنائية

وأوضح مينيلبيكوف أن الجالية الكازاخية المقيمة في الإمارات يقدر عددها بنحو 2800 مواطن بينما بلغ عدد السياح الذين زاروا الإمارات خلال العام الماضي 160 ألفاً، مشيراً إلى أن التبادل التجاري بين البلدين حقق العام الماضي حوالي 487 مليون دولار.

وأوضح أن حجم الاستثمارات الإماراتية في كازاخستان بلغ ملياري دولار بحسب الإحصائيات الرسمية الكازاخية وتشمل مجالات الطاقة والنقل والعقارات، وفي المستقبل سوف يتم الإعلان عن مشروع ضخم للبتروكيماويات.

وتدعم الإمارات بشكل نشط المبادرات السياسة الخارجية لكازاخستان، في الوقت الذي تتطابق فيه مواقف البلدين إزاء معظم قضايا السياسة الإقليمية والدولية.

وترتبط كازاخستان مع دولة الإمارات برحلات مباشرة عبر طيران الاتحاد وفلاي دبي والعربية وإيرأستانا وتبلغ عدد الرحلات الجوية حوالي 30 رحلة أسبوعية بين البلدين.

علاقات دبلوماسية

أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية كازاخستان ودولة الإمارات العربية المتحدة في 1 أكتوبر 1992، وفي شهر أكتوبر2005 تم افتتاح سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في أستانا، أما سفارة جمهورية كازاخستان في دولة الإمارات العربية المتحدة فتعمل منذ سبتمبر 2006، كما تعمل القنصلية العامة لجمهورية كازاخستان في دبي منذ عام 1997. وتتطور العلاقات بين البلدين الصديقين في جو من التفاهم والثقة المتبادلين، وتعزز ذلك الديناميكية الإيجابية للاتصالات على المستويات العليا وغيرها.

الإعفاء من التأشيرة

قررت جمهورية كازاخستان في يوليو عام 2014 إعفاء مواطني دولة الإمارات من تأشيرة الدخول المسبقة إلى أراضيها لتكون مدة البقاء في كل زيارة 15 يوماً، يهدف إلى تعزيز علاقات الشراكة الثنائية وخلق ظروف مواتية لرجال الأعمال والسياح الأجانب خلال إقامتهم على أراضي كازاخستان.

وأشادت دولة الإمارات بهذه الخطوة الإيجابية من قبل جمهورية كازاخستان، والتي من شأنها تعزيز العلاقات المتنامية بين البلدين الصديقين وتشجيع الانتقال والسياحة بما يفتح آفاقا أوسع لرجال الأعمال والمواطنين في البلدين.

وجهة مفضلة

تبوأت كازاخستان المرتبة الخامسة بين وجهات السفر المفضلة لدى المسلمين العام الماضي 2018 ما يضعها على لائحة السفر الحلال في شهر رمضان المبارك فكون هذا البلد يتألف من غالبية مسلمة، فإن النشاطات الرمضانية فيه تكون مكثفة ومتنوعة وثرية، فشهر رمضان المبارك هو شهر القرآن وشهر العطاء عند المسلمين في جمهورية كازاخستان، وبقيت عادات استقبال هذا الشهر المبارك في الشعب الكازاخي منذ عصور قديمة وحتى الآن.

فلاش

تعد جمهورية كازاخستان أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث المساحة حيث تبلغ حوالي 2.75 مليون متر مربع ويبلغ عدد سكانها بحسب تعداد عام 2014 حوالي 18 مليون نسمة، وتتكون كازاخستان من 16 محافظة، والشعب الكازاخي نسبته من إجمالي السكان 53.4% يتحدَّث معظمهم باللغة الكازاخية.

Email