منارات شامخة في حاضر الدولة، وقناديل مضيئة أمام الأجيال.. رجال ونساء تركوا بصماتهم العطرة سيرة كفاح ورحلة نجاح، لم يعرفوا اليأس يوم أن كانت ذات اليد قليلة، ولم يعرفوا الغرور يوم أن أضحت نسائم النجاح عليلة.. في جعبة كل واحد منهم آلاف الذكريات، وفي كلماتهم آلاف العبر.. نقف كل يوم عند محطة جليلة لقامة إماراتية كبيرة.

الحوار مع خميس أحمد سالم سويدان، ممتع للغاية، وخاصة حينما يتحدث عن حياته الرياضية والعملية، والأجواء الرمضانية التي اختلفت بين الماضي والحاضر، وعن وجهاته المفضلة خلال الشهر الكريم، حيث تختلف طبيعة الشعوب من بلد إلى آخر، ووصف الأجواء الرمضانية التي تعيشها الدولة في شهر الخير، فكانت في الماضي توصف أجواؤه بالدفء والسكون والراحة، وتزينت اليوم ملامحه بالأنوار والزينة، سواء على جوانب الطرقات أو في المراكز التجارية. واختلف اليوم رمضان عن السابق، من حيث تعدد الأنشطة الموجودة فيه، نظراً إلى اختلاف الثقافات التي أصبحت موجودة على أرض الإمارات.

تواصل رمضاني

يقول الحاج خميس سالم: رمضان جزء من حياة الشعوب الإسلامية، ونحن على امتداد الستين عاماً التي عاصرناها، نرى أن رمضان شهر يحمّل الأشخاص مسؤولية التواصل المجتمعي، سواء مع الأهل أو الأصدقاء، كونها عادة يتوارثها الأجيال، فيسعى إلى المحافظة عليها عاماً تلو الآخر، ويأخذ في يده جميع أبنائه في تبادل الزيارات بين الأهل والأصدقاء، وهذا يعزز تواصل الأبناء مع عوائلهم، ويغرس فيهم أهمية تبادل الزيارات وصلة الأرحام.

العودة إلى الوطن

واسترسل سويدان في حديثه، عن الأجواء الرمضانية، موضحاً أنه يحب أن يزور بلداناً أخرى، للتعرف إلى أجوائها المختلفة، وكان معتاداً على زيارة مصر ومناطق التراث فيها، التي تضم أماكن رمضانية جميلة، مثل الأزهر والحسين، فكان يقضي فيها أجمل الأيام، يقول: «عشت خلال دراستي الجامعية أجواء مختلفة في شهر رمضان بالقاهرة، فكانت حياة مختلفة، فجميع المبتعثين للدراسة في الخارج، كانوا مع وجود أي فرصة لعطلة رسمية تمنحهم فرصة لقضاء رمضان في الدولة بين أهاليهم، وإنما أنا وأصحابي الثلاثة، كان شغلنا الشاغل، أن نقضي رمضان في مصر، نظراً إلى فعالياتها المختلفة تماماً على ما كانت عليه الإمارات، فكنا نتوجه للحسين لشراء الكتب، وبعد الانتهاء، نعود سيراً على الأقدام، لأننا كنا نقطن في منطقة الدقي، بسبب ظروف خاصة، لم أكمل دراستي، واضطررت إلى الرجوع لأرض الوطن بعد انتهاء السنة الثانية في الدراسة، لأنطلق في حياة أخرى، وتكوين أسرة، والبحث عن العمل».

الارتقاء بالوعي

يقول خميس سويدان: المجالس الرمضانية الشبه يومية، مؤشر على وعي المجتمع، كما أنها وحدة من تراث وعادات المواطنين، وقال إنه يتذكر في صغره، أن هذه المجالس كانت تنظم يومياً، وغير مرتبطة بشهر رمضان، ولكن مع مرور الحياة، تغيرت هذه العادات، وأصبحت المجالس مرتبطة بشهر رمضان فقط، وهناك تسارع بين الأفراد على تنظيمها بشكل يومي خلال شهر رمضان، لأنها أصبحت شكلاً من أشكال السمر، الذي يجمع العائلات ضمن الاحتفالات بالشهر الكريم، تعزيزاً للود وصلة الأرحام، وأصبحت تلعب دوراً مهماً في المجتمع الإماراتي غير منظور في تكريس ثقافة الحوار والشفافية، والتأكيد على التواصل بين أفراد المجتمع.

ولادته

ذكر الحاج خميس طفولته التي عاشها في بداية حياته في منطقة الشندغة، وبعدها انتقل إلى الفهيدي، وقضى بها فترة، لينتقل بعدها لمنطقة زعبيل، في ظل الوالد الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، فكانت العلاقة قريبة جداً من الأسرة الحاكمة لإمارة دبي.

أعمال ومناصب

يقول خميس عن أهم المناصب والأعمال التي شغلها: التحقت بوزارة الصناعة سابقاً، والمالية حالياً، عام 1982 وحتى عام 2010، ثم تدرجت في العمل تحت مظلة الوزارة، حتى أصبحت مديراً فيها، وكان العمل خلال تلك الحقبة ممتعاً للغاية، ولي علاقات وصداقات أعتز بها، مع مجموعة من الوزراء والمديرين والشباب. ويتابع: جمعتنا أيام لها ذكرى طيبة مع سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم وزير المالية، إضافة إلى حميد الطاير ومحمد بن خرباش وفرج المزروعي، وهم مجموعة من المسؤولين والوكلاء والمديرين، وكانت العلاقة حميمة، شهدنا خلاله تطور مراحل العمل، فقد عاصرنا طريقة العمل اليدوي، حتى دخولنا العالم الإلكتروني، وهذه كانت أجمل نقلة في الوزارة.

مسيرة حافلة

يقول خميس: ارتبطت خلال وظيفتي بالحياة الرياضية بشكل كبير، وكنت أوزع وقتي بين الحياة العملية والرياضية والاجتماعية، عملي في الرياضة، بدأ من خلال نادي الوصل، نظراً إلى استقراري في منطقة زعبيل بدبي، والنادي كان قريباً جداً من المنزل، يقول سويدان: في الماضي، لم تكن لي أي ميول واهتمامات رياضية، وفي حال حضرت مصادفة، أنضم إلى فريق أكون جزءاً مكملاً له فقط، ولست لاعباً أساسياً، ولكن هذا الأمر لم يمنع عشقي للمجال الإداري الرياضي، في أن أشغل منصب مدير في نادي الوصل، حتى أصبحت رئيس مجلس إدارة نادي الوصل، وصولاً للحياة الأوسع واتحاد كرة القدم، بمنصب المدير المالي لاتحاد كرة القدم، وانتقالاً للمدير المالي في الجنة الأولمبية، لينتهي عمل الاتحاد واللجنة الأولمبية، لأرى نفسي رئيس اتحاد السباحة للدولة، وقضيت فيها مدة طويلة، وبعد انقضاء هذا كله، أعود لأكون رئيس مجلس إدارة نادي الوصل، لما يقارب الـ 4 سنوات.

حب الحياة

ويضيف سويدان: بعدها تركنا العمل الرياضي، وتفرغنا للراحة والحياة الاجتماعية، وقال: مع التقدم في العمل، ينحاز الإنسان للراحة، على الرغم من شغفه وحبه للحياة، في ظل ما يراه ممتعاً، وهنا، أنطلق يومياً لقضاء بعض الأمور الشخصية، أو مقابلة بعض الأصدقاء لتناول أطراف الحديث، وهذا لا يمنع من متابعة العمل، في ظل الانغماس في الجو الأسري، وأضاف: العمل الرياضي خلق نوعاً من الجو المنفصل تماماً عن الحياة العملية.

لحظات فارقة

لكل واحد منا ذكريات جميلة لا تبرح ذاكرته، ارتبطت بأماكن وأشخاص، تركوا بصمة لا تنسى، يقول سويدان: ذات مرة، التقت المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عندما كنت فرداً من المسؤولين عن منتخب الإمارات في بطولة كأس الخليج، وهي من اللحظات الجميلة في حياتي، والتي لا يمكن نسيانها، وهو لقاء الوالد والقائد بالأبناء، ومن اللحظات الفارقة في حياتي، ارتباطي بالشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم، رئيس نادي الوصل، الذي ارتبط اسمه بنادي الوصل، حيث جمعتنا علاقة قوية ممتدة حتى الآن، فقد أثمرت وجهوده بكثير من النتائج لنادي الوصل، فقد كان يصرف بسخاء على النادي، واستطاع أن يصل به إلى مراكز متقدمة، موفراً كل الألعاب المشهورة في الدولة، وهو من الشخصيات المهمة والملهمة في حياتي وحياة الرياضيين، وإذا تتبعنا حياته، نجد أنه أول من أنشأ السباقات البحرية في دبي، وأول من أنشأ مضماراً للخيول في جبل علي، إلى جانب ارتباطي بالشيخ بطي آل مكتوم رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية.

المجالس الرمضانية

لاحظ سويدان خلال زيارته لكثير من الدول، أن الخيم الرمضانية أخذت حيزاً ضخماً في الظهور، حيث أضفت روحاً عصرية على رمضان، من خلال تلبية رغبات أفراد المجتمع الذين يقبلون عليها، والتي أصبحت تشهد منافسات قوية، وانتشرت بشكل كبير، خاصة في الإمارات، نظراً إلى تعدد الجنسيات الذين يرغبون في التعرف إلى الأجواء الرمضانية وزيارتهم لها.