نموذج مضيء وشخصية رائدة في خدمة الوطن

مسلم بن حم العامري:نهلت الحكمــــــة من مجالس زايد

ت + ت - الحجم الطبيعي

نشأ وترعرع في مجالس كبار الشيوخ وعلى رأسها مجلس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الأمر الذي جعله قريباً منه، فنهل من حكمته ورؤيته وخبرته الكثير وهو في سن مبكرة من حياته، واكتسب أصول العادات والتقاليد العربية الأصيلة، وقيم البِر والاحترام ومبادئ الكرم العربي.. هو الشيخ مسلم بن سالم بن حم العامري عضو المجلس الاستشاري الوطني في إمارة أبوظبي ورجل الأعمال المعروف ورئيس مجلس إدارة مجموعة ابن حم.. حرص والده الشيخ سالم بن حم العامري على اصطحابه إلى مجالس الشيوخ العامرة وكبار رجال الدولة المؤسسين منذ أن كان طفلاً صغيراً، فغدا شاهداً على نهضة وتطور البلاد.

والشيخ مسلم من النماذج المضيئة والشخصيات الرائدة التي سخرت كل إمكاناتها وخبراتها لخدمة هذا الوطن وأبنائه فكان له أكبر الأثر في دفع عجلة التنمية والاقتصاد في مختلف القطاعات من عمليات الحفر البترولية، وحفر آبار المياه، والزراعة، والمقاولات العامة، والأعمال الكهروميكانيكية، والاستشارات الهندسية، والاستثمار العقاري، والتعليم والسياحة والصحة والصناعة والإعلام وغيرها من خلال مجموعة ابن حم التي تعمل في جميع تلك القطاعات.

بدايات مع الحكمة

يقول الشيخ مسلّم بن حمّ العامري إنه من مواليد مدينة العين وأكثر ما يتذكره من مرحلة الطفولة مرافقة والده للشيخ زايد طيب الله ثراه ويصف تلك المرحلة قائلاً: تعلمت في هذه الأثناء من مدرسة زايد الحكمة حيث لا أذكر أنني جلست مع الشيخ زايد ولم أحصل على حكمة أو نصيحة جديدة تنفعنا في الحياة.

ويؤكد الشيخ مسلم بن حم أن والده الشيخ سالم، رحمه الله، هو مثله الأعلى والذي تعلم منه الكثير من التجارب والخبرات، ويقول: «إن مرافقة والدي للقائد المعلم الشيخ زايد مَدعاةُ فخرٍ واعتزاز لنا؛ فهي رفقة زعيم فَـذّ لم يعرف الناس له مثيلاً، وكان والدي يسمع من الناس حاجاتهم؛ فيوصل طلباتهم إليه؛ وبذلك كسب ودَّ القبائل واحترامها، وقد منحه الله عز وجل الموهبة والأسلوب الطيب؛ فكان يقضي حاجات الناس ويحفظ كرامتهم، وكنت ملازماً لوالدي منذ نعومة أظفاري فاستسقيت من معارفه التي اكتسبها من مجالس زايد ورفقته».

ويرى ابن حم أن الأبناء هم السعادة الحقيقية للإنسان، ونحن نعودهم على الثقة بالنفس وتحمل المسؤولية، ونعرفهم أن كل شخص يحصل على جزاء عمله، وهو الذي يفرض حضوره ومحبته على الآخرين، ولذلك أهتم كثيرا بدفع أبنائي لخوض معترك الحياة لاكتساب الخبرة اللازمة ويتولى ابني الأكبر الدكتور محمد موقع نائب رئيس المجموعة، كما يتولى أحمد قطاع الفنادق، أما ابني مبارك فيتولى قطاع السفر.

السفر مع زايد كله فوائد

ويضيف: من هواياتي السفر لأن فيه سبع فوائد كما يقولون، ولكن السفر مع المغفور له باذن الله تعالى الشيخ زايد طيب الله ثراة كله فوائد يصعب حصرها، فلقد كنت محظوظا جدا عندما حظيت بشرف السفر مع الشيخ زايد مرات عديدة إلى خارج الوطن، وكانت أولى تلك السفريات التي لا تنسى وستظل محفورة في الذاكرة والوجدان رحلة القنص إلى باكستان.

ويروي تفاصيل تلك الرحلات فيقول: عندما نكون في المقناص، كانت ترد الى المغفور له الشيخ زايد الرسائل والأخبار فكان رحمه الله يقوم في الليل بتسليط المصباح اليدوي عليها ليقرأها، إذ لم يكن في المقناص كهرباء وأنوار في تلك الفترة، وبمجرد علمه بمحتوى الرسائل أو الأخبار، كان يُجري الاتصال، وتُحل المشكلة مهما كان حجمها بلا تأخيرٍ أو تعطيل.

«دعك بجانب سالم»

ويقول الشيخ مسلم عندما ضعف نظر والدي أواخر عمره، أصبحت بجانبه في كل جلساته بمجلس الشيخ زايد، فكنتُ عندما يحضر أحد الشيوخ الأكبر سناً ومقاماً، أنهض تاركاً له المكان لأجلس أنا بعيداً، فكان الشيخ زايد يقول لي: لا تذهب، دَعْكَ بجانب سالم، وكنت أستجيب وأبقى في مكاني فأسمعُ حديثَ خيٍر، عن الوطن أو عن الصديق.

ويضيف أنه ذات مرة تأخر عن زيارة الشيخ زايد ولم يره لفترة طويلة، وعندما زاره في قصر البحر؛ قال له: سامِحْني يا طويلَ العمر، إنَّما أخَّــرَني عن الحضور إليك التزامي مع الوالد، فردّ المغفور له الشيخ زايد قائلاً: يا مسلم لسالم حــق علينا، ولولا وجودك لوضَعْنا من يعتني به.

زايد والأفلاج

ويقول الشيخ مسلم بن سالم: كان الشيخ زايد رحمه الله هو المشرف على أمور شق الأفلاج، إذ لم يكن هناك استشاريون أو خبراء، بل كان هو المهندس، وأذكر كيف كان يخرج في الصباح الباكر ويذهب إلى حيث يعملون في الأفلاج، ويعود وقتَ الظهر كان يؤمّــِنُ لهم بنفسه ما يحتاجونه من طعامٍ وشراب، فقد كان كل شيء صعبَ المنال حينئذ، فوجود الماء كان شحيحاً إلا من الآبار.

ويضيف: عرف عن الشيخ زايد رحمه الله اهتمامه الكبير بكل شيء فما بالك بالنخلة، وذات مرة جئنا له بمقترح لطريقة حديثة لزراعة النخيل، وهي عبارة عن استزراع الفسايل عن طريق الأنسجة، فالمعتاد في تكاثر النخيل حينئذ بفصل الفسيلة عن النخلة الأم، ثم زراعتها.

ويضيف أنه اتفق مع شركة تعمل في هذا المجال على أن تنتج الأنسجة في بريطانيا، وكانت هذه الشركة تعمل في مجال استزراع الفواكه، ومن حُسْن حظنا أنْ أخذَت الشركة الفسايلَ فعالجتْها لتتكاثر عن طريق الأنسجة، وتعاقدتُ مع الشركة، وأحضرت الفسايل التي زرعناها في العين؛ وذهبت إلى الشيخ زايد، وكان في قصر المقام وقلت له: يا طويل العمر، لدي مشروع أودُّ أن أخبرك عنه فسألني: وما هو؟ فقلت له: النخيل، فقال: «والنِّعم.. مِدْها» وصافحني واحتفظ بيدي في يده وهو يقول: وما أدراكَ أني أريد ثلاثة ملايين نخلة؟ فقلت له: أبَشّرك؛ نحن الآن قادرون على توفير العدد الذي تطلبونه والنوع الذي تريدونه، فقال لي: هل لديك ورقة؟ قلت: نعم، فأخذت الورقة والقلم، وسار يعد علي ما يزيد عن ثمانية أصناف من الأنواع الممتازة من النخيل وكتبت ما طلبه، وبعد أسبوعين أحضرتُ له الطلبية فرأى الفسايل وبدت له صغيرة فقال لي: يا مسلم، ألم تسمع عن المثل الذي يقول لا تأخذ الحريمة ولا تزرع الصريمة فقلت له: نعم، يا طويل العمر، فقد صَدقَ هذا المثل لكن هذه الفسايل بالأنسجة، وهي ليست من الصرم، فاقتنع بهذه الطريقة، رحمه الله، وقال أخرجوا هذه الفسايل الصغيرة من عُلَبِها وضعوها في علب أكبر، وعندما تكبر أخبرونا ونفعتْني فكرتُه، فوضعناها في علب بلاستيك أكبر حتى تنمو وقمنا بزراعة حوالي أربعة آلاف نخلة، مشيرا إلى أنه امتثل لتوجيهات الشيخ زايد وفعلاً بدلاً من أن تستغرق الفسيلة سنة للنمو استغرق نموها ستة أشهر فقط لتصل للحجم المطلوب.

ذكريات رمضانية

يقول الشيخ مسلم بن حم عن ذكرياته في شهر رمضان المبارك: كنا في الماضي نستقبل رمضان استقبال المضيف لضيفه الحبيب، لأنه بالفعل ضيف محب خفيف الظل يطل علينا في كل عام مرة واحدة لذلك تفرغ له النفوس من جميع المشاغل الدنيوية من العمل سواء كان في المزارع أو غيرها من الأعمال المتعبة.

ويضيف: كان رمضان في الماضي بالنسبة لنا ونحن صغار وشباب هو الشيء الجميل الذي لن يغيب عن خيالنا وذلك في فرحة استقباله ولوعة وداعه فكنا في النهار نقضي الوقت في الأشغال الهامة التي لا يمكن تأجيلها وغالباً ما تكون العناية بالمواشي وجلب المياه.

Email