آفة البخل.. 30 عاماً من الصبر لحماية كيان الأسرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يخلو منزل من الخلافات الأسرية بين الفينة والأخرى لأسباب قد تبدو تافهة وأخرى ذات قيمة، ومع الوقت يخمد وهج الخلافات ثم سرعان ما يتجدد مع أول مشكلة، كل طرف يحاول من خلالها تغيير صفة بالطرف الآخر من دون البحث عن حلول إيجابية أو معرفة الأسباب التي تدفع الشريك للتغيير؟ ويعد البخل بمثابة السلاح الأكثر فتكاً بالحياة الزوجية، وهو صفة لا حل لها، تدفع ثمنها الزوجة والأبناء.

«زوجي بخيل» صرخة ألم أطلقتها زوجة بعد 30 عاماً من الصبر، عانت خلالها مرارة بخل زوجها، في البداية كانت تفسر تصرفاته أنها من باب الحرص، لكن الأمر ازداد سوءاً، وبدأت تشكو من تصرفات هذا الزوج البخيل، ورغم أنها قررت أن تصبر من أجل أطفالها، إلا أن المنغصات أصبحت بالجملة حين كان يرفض تلبية طلباتهم البسيطة.

قد تكون حكايات الرجل البخيل من النوادر التي يتسلى بها الناس، وقد تثير الضحك عندما يقصها البعض، لكن عندما تفاجأ المرأة بعد دخولها القفص الذهبي بأن زوجها الذي بنت حوله آمالها وأحلامها رجل بخيل، وتصبح هذه الحكايات حقيقة واقعة في حياتها، لتتحول إلى مأساة تعيشها يومياً مع أبنائها. في البداية قررت الزوجة الاستمرار مع هذا الزوج، من أجل صالح الأبناء، وبعد مرور 30 عاماً لم تستطع تحمل مرض البخل.

تجربة قاسية

البخل من أشد أنواع الأمراض خطورة على الكيان الأسري، والمرأة بطبعها وفطرتها تكره البخل والشح، وتحب الرجل الكريم، الذي لا يبخل عليها بحبه ولا برعايته وأمواله، ولكنها تحملته كثيراً وحافظت على كيان الأسرة حتى تزوج معظم أبنائها، وهنا شعرت بأنها قد أدت مهمتها تجاههم ولا يوجد ما يعوق رغبتها في الهرب من الجحيم، فلجأت إلى أهل الخبرة والمصلحين الأسريين علها تجد خلاصها من هذا الجحيم.

ويقول الشيخ عبدالله موسى أخصائي رئيس وعظ وإرشاد في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي ومستشار بجمعية النهضة النسائية بدبي وخبير التحكيم الأسري بمحاكم دبي: «البخل مرض ليس له علاج أو مسكن، لذا نصحت هذه الزوجة بأن تتعامل مع زوجها البخيل كأنه طفل، لأن الإنسان البخيل يشبه الطفل في شعوره بالخوف وعدم الأمان، ويجد سعادته وأمانه في جمع المال، والطفل عادة يأخذ موقفاً دفاعياً في حالة اتهامه بالتقصير، ولذلك لا يجب اتهامه أو مهاجمته أو توبيخه لأنه في هذه الحالة سوف يزداد سوءاً».

وشرح عبدالله موسى للزوجة بأن الزوج البخيل إنسان واقعي وليس خيالياً ولذلك يجب التعامل معه بواقعية وبمنطق، وعلى سبيل المثال إذا رفض زيادة المصروف اصطحبيه إلى السوق معك ربما يشعر بارتفاع الأسعار وضرورة التضحية ببعض من أمواله لصالح الأسرة، وبالصبر يمكن على المدى الطويل تعديل بعض من سلوكه.

وسعى جاهداً في الإصلاح بينهما وإعادة المياه لمجاريها، وأخبر الزوجة بأن المؤمن كل أمره خير، فالمصائب والابتلاءات امتحان للعبد، وهي علامة حب من الله له، إذ هي كالدواء الذي وإن كان مراً إلا أنه يحمل في طياته الخير لصاحبه، ولا سيما أن هذا الابتلاء جعل الزوجة أقرب إلى الله حيث أخبرته بأنها كانت تتغلب على هذا الابتلاء من أجل الأبناء وإبقاء كيان الأسرة قائماً، عن طريق تقوية الوازع الإيماني في نفسها، ومقاومة رغبتها في الهرب من جحيم الحياة مع مثل هذا الزوج، بكثرة الصلاة والصيام وقراءة القرآن وتلاوة الاذكار.

بعض المشاكل ليس لها حل إلا تطييب الخاطر، لذلك عدلت الزوجة عن طلب الطلاق وعاشت بنفس مطمئنة إلى قضاء الله مع زوجها.

Email