لا ينتظر الأمل بل يصنع رواده

سعيد الشــقصي أمل السياحة التطوّعية في الدول النامية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أطفال يقطعون آلاف الكيلو مترات بملابسهم الرثة ووجوههم البريئة من أجل الحصول على غذاء العقل، تقابلهم في الطرقات العديد من المطبات، والسيارات المسرعة، يقع ضحيتها الكثير من الأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم 10 سنوات، فبدلاً من أن تراهم يلعبون ويضحكون، تجدهم جثثاً هامدة ملطخة بالدماء. لمس سعيد الشقصي، مؤسس ومدير «الأمل للسياحة التطوعية» هذه المأساة في قرية جنديلي الواقعة في زنجبار، فالمدرسة الابتدائية الكائنة في القرية لا تستوعب أعداد الأطفال، الأمر الذي يضطرهم إلى الذهاب إلى قرية أخرى تبعد عنهم أكثر من 8 كليو مترات، ليقرر الشقصي إنشاء توسعة لهذه المدرسة، بمساعدة عدد من المتطوعين، ضمن مشاريع السياحة التطوعية.

عيون الأمل

وجد الشقصي حب استكشاف الأماكن عند الشباب، ففكر لماذا لا تتم السياحة والمساعدة في الوقت نفسه، لماذا لا نكتشف الأماكن بعيون الأمل وقلوب العطاء، وبعد إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مبادرة «صناع الأمل»، أدرك أهمية وجود صناع أمل في الوطن العربي لأن المجتمع في حاجة إلى ذلك، بدأ خطواته الجدية في البحث عن رواد للأمل، يرغبون بالفعل في تغيير حياة غيرهم من المحتاجين إلى الأفضل، خاصة أنه يقطن في دولة أساسها العطاء، وشبابها يحرصون على المشاركات التطوعية، أسس مشروعه الذي كان يطمح إليه ويحلم بتحقيقه، الذي يعده أهم إنجازاته في الحياة «الأمل للسياحة التطوعية»، الذي يتم من خلاله مساعدة المجتمعات النامية بشكل مستدام، وبتمويل ذاتي.

رسالة عطاء

يعمل الشقصي على إيصال الخير إلى كل محتاج بكل حب وشغف، فالأمل ليس مجرد كلمة، وإنما رسالة عطاء متجددة، ومن خلال مشاركته العديدة في الأعمال التطوعية سواء في المخيمات أو الإغاثة واحتكاكه بالعديد من الشباب المحب لعمل الخير، وجد أنه من الضروري وجود منصة لهذه الطاقات المستعدة لتقديم الخير. يقول الشقصي: في قرية جندلي حينما ذهبنا إلى هناك ووجدنا الأطفال الصغار وهم يرغبون بشدة في مواصلة تعليمهم ولكن مدرستهم لا تستوعب هذه الأعداد، قمنا من الفور بإنشاء توسيعات، وقسمنا أنفسنا فريقين، الأول أسهم بأياديه في البناء بالجبس والأسمنت والصبغ، والفريق الثاني عمل على تنمية قدرات الأطفال في تعلم اللغة العربية والإنجليزية والإسلامية، وبعض المهارات الأساسية التي يفتقدها الطلاب في مدارسهم.

حالة من الاندماج

ويضيف: قضينا برفقة الأطفال أياماً أقل ما يمكن وصفها أنها جعلتنا أناساً آخرين، وضعت بقلوبنا كمية كبيرة من السعادة تكفينا لسنوات طويلة، ضحكنا ولعبنا، جلسنا بصحبتهم فاستمعنا إلى حكاياتهم بإنصات، رأينا أطفالاً يرسمون أحلاماً بريشتهم الصغيرة، ويملكون قدراً كبيراً من الرضا، كنا نقضي معظم الوقت معهم، فكانت هناك حالة من الاندماج كبيرة بين الشباب والأطفال، فقد اكتشفنا عدداً من المواهب يملكها الأطفال في الرسم والكتابة والغناء، وحاولنا بقدر الإمكان تنميتها، لربما في المستقبل نراه في مكان مرموق، فقد خلقنا حالة من الصداقة بيننا وبين تلك البراعم الصغيرة.

جوانب إنسانية

يشير الشقصي إلى أن العمل الجماعي بين الفريق الواحد أثناء تواجده في زنجبار خلق نوعاً من التواصل، خاصة أن الأفراد يتلاقون لأول مرة لفعل الخير، فوجدنا جوانب إنسانية مشرقة ظهرت بين الشباب، من خلال احتكاكهم بمختلف الطبقات، فقد قام الشباب بالعديد من المهمات، فكانوا مدرسين وعمالاً ومهندسين وحاضنين للأطفال. يقول الشقصي: عبارة «لا تزال الدنيا بخير» هي بالفعل موجودة طالما هناك شباب يمدون يدهم بالخير، فقد اكتشفنا إنسانيتنا في هذه الرحلة الممتعة، التي علمتنا الكثير من الأشياء، فلمسنا الحب والعطف وأعلى درجات التضحية بين الشباب.

مهمات مختلفة

في كل رحلة تكون المهمة المختلفة، فلا يزال في جعبة الشقصي العديد من الأعمال الإنسانية التي يرغب في القيام بها، فهناك الكثير من المشاريع التي يحلم بتحقيقها على أرض الواقع لمساعدة المحتاجين، ورفع معاناتهم، خاصة أنه يشعر بواجبه اتجاه كل شخص محتاج، مؤكداً أنه يعرف جيداً أن الأناس الذين هم في حاجة إلى المساعدة كثر، ولكن في الوقت نفسه لديه قناعة بأن الأيادي البيضاء هي الأخرى كثيرة، وترغب في مد يد العون في كل مكان على وجه الأرض.

ثمار الغد

يسعى الشقصي إلى زراعة ثقافة صناعة الأمل، واكتشاف وجوه شابة تطمح إلى أن تصبح صانعة الأمل، من خلال خدمة المجتمعات النامية وتقديم مختلف سبل العون لهم.

Email