تتحدث عن أشرس المعارك في الحياة

سلوى آل رحمه تهزم السرطان بالضربة القاضية في 4 جولات

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع كل دمعة طفل عانى الحرمان، تجد أيادي تكفف البكاء، وتعيد البسمة، وبين أوجاع كبار السن، ترى من يخفف عنهم ويحتويهم، ويرد لهم الجميل، ومع آهات النساء المقهورات، تشاهد من يساندهن ليجعلهن أقوى في مواجهة الحياة. خلف كل هؤلاء...إماراتيون أضاؤوا شعلة الأمل، أعلوا قيمة الإنسان، ومنحوا الأمل للمستقبل.

هاجمها السرطان أربع مرات متتالية، في كل مرة كانت تنتصر عليه سلوى آل رحمه، رئيس مبادرة سفراء الإيجابية، وتخرج من محنتها أقوى من ذي قبل، فالألم الذي كانت تشعر به يتسلل إلى كل جسدها، خلق منها امرأة تتحدى الصعاب، لم تفقد الأمل على الرغم مما كانت تعانيه، فما كانت تلتقط أنفاسها من المرض حتى يهاجمها وبشراسة مرة أخرى، عاشت أوقاتاً طويلة بين أروقة المستشفيات، وتناول الأدوية، واستشارات الأطباء، كانت تقول لنفسها بمساندة عائلتها «أنا قادرة على الوقوف من جديد»، وتحويل الألم إلى طاقة إيجابية تنثرها على من حولها، فصارت أكثر نضجاً وقوة، وأشد تمسكاً بالحياة، وأكثر تقديراً لذاتها وأصبحت لديها رغبة في إسعاد من حولها.

صداقات متعددة

بداية المرض كانت وهي لا تزال شابة صغيرة في السابعة عشرة من عمرها حينما اكتشفت إصابتها بسرطان الغدد اللمفاوية أثناء دراستها في الجامعة، لتسافر إلى لندن وتتلقى العلاج، وتعود إلى البلاد وتتزوج وتنجب 5 أبناء، لتزدهر حياتها من جديد، ويدق الفرح بابها، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ليعاودها المرض من جديد أكثر من مرة، ولكنها على الرغم من ذلك لم تنتكس ولم تفقد الأمل في غد أفضل، بل على العكس، قاومت وتغيرت حياتها فأصبحت أكثر سعادة واختلاطاً بالمجتمع، كونت صداقات كثيرة ومتعددة، جعلت من معاناتها أملاً لغيرها، بأن السرطان ليس نهاية العالم، خصوصاً أنه يتسبب في نحو 9 ملايين وفاة سنوياً، ما يضعه في المرتبة الثالثة على قائمة أسباب الوفيات، ولكنه مع آل رحمه كان البداية لجميع الإنجازات التي قامت بها لاحقاً.

تجربة فريدة

قررت آل رحمه أن تصبح نموذجاً إيجابياً ينشر معاني القوة والأمل والتعايش في المجتمع، فتحولت إلى مصدر هائل للطاقة الإيجابية، وباتت أكثر اختلاطاً بالمجتمع عبر الفعاليات والورش المُجتمعية التوعوية في ميادين التربية السليمة، وإحياء معاني التعايش الإيجابي في المجتمع، لتدرك أنه حان الأوان، لإطلاق المبادرة المجتمعية «سفراء الإيجابية»، التي هي خلاصة تجربة فريدة عاشتها مع السرطان، مانحة القوة والشجاعة والأمل لمن حولها، فهي تحرص على تشجيع الأفراد على التفكير بطريقة إيجابية، لأنه السلاح لتحدي جميع الصدمات التي تواجه المجتمع، فإذا لم يستطع الإنسان -على حد قولها- مواجهة أي عائق يمر به بطريقة إيجابية فلن يستطيع أن يكمل حياته وسيجد نفسه عاجزاً عن الاستمرار.

صندوق القراءة

رافقنا آل رحمه في إحدى ورشها في صندوق القراءة بـ«الفستيفال سيتي» التي تحرص على القيام بها، حيث كانت تعطي لمجموعة من الأطفال دروساً في القراءة، إحدى مبادرات هيئة دبي الثقافية وبالتعاون مع المكتبات العامة في دبي، فهي تؤكد أن القراءة تعتبر قاعدة لكل علم لأنها ببساطة، تفتح أمام القارئ، ممتلكات الفكر الغنية وعوالم مختلفة، حيث إن القراءة بشكل دائم ومنتظم ستؤدي بطبيعة الحال إلى إثراء الخبرات وزيادة المعلومات، وتسهم في رفع نسبة وعي الشباب، وتخلق نوعاً من التحدي لدى كل مواطن، فالمجتمع القارئ هو المجتمع المتقدم الذي ينتج الثقافة والمعرفة، ويطورها بما يخدم تقدمه.

اقتناء الكتب

الأطفال خلال الجلسة تفاعلوا كثيراً مع آل رحمه، فكانت تختار من بينهم طفلاً لكي يقرأ أمام الجميع، ويسأل الباقي عن الفائدة من هذه القصص، وعن عدد الساعات التي يخصصونها للقراءة خلال اليوم لتتنوع الإجابات بشكل كوميدي وعفوي، وتشير آل رحمه إلى أنه عبر اختلاف الكتب والقصص، يتكون لدى الطفل استعداد نفسي لأن يختبر مجريات قصصية عديدة واحتمالات مختلفة في أمور عدّة، فيطبّق ذلك في حياته العملية ويساعده في مواجهة تغيرات عديدة، فمرحلة الطفولة من أكثر المراحل التي تناسب تعليم الطفل وتكوين شخصيته وأفكاره وميوله كونه عجينة تتشكل بحسب ما يحيط به من الأحداث وبحسب ما يتعلم ويلقن.

90 دقيقة

وأبدى الأطفال سعادتهم بهذه الجلسة التي استمرت لمدة ساعة ونصف، فكان التصفيق حاراً في نهاية النقاش بينهم وبين آل رحمه، حيث تسابق الأولاد لمصافحتها وسؤالها عن أكثر الكتب الممتعة التي تنصحهم بقراءتها الفترة المقبلة، لتسألهم بدورها عن أحلامهم في المستقبل فتنوعت الإجابات بين من يرغب في أن يكون كاتباً مشهوراً، وآخر أستاذاً في المدرسة وآخر مهندساً يخطط المنازل.

08

أثناء الجلسة مرت طفلة أجنبية عمرها 8 سنوات، عبرت عن حبها للغة العربية ورغبتها في تعلمها، فما كان من آل رحمه إلا أن استقبلتها بحفاوة ودعتها إلى حضور درس القراءة بصحبة باقي الأطفال.

Email