تحلم بإنشاء مستشفى خيري للحيوانات

منال المنصوري طبيبة تفيـض إنسانية على قطط الشوارع

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع كل دمعة طفل عانى الحرمان، تجد أيادٍ تكفف البكاء، وتعيد البسمة، وبين أوجاع كبار السن، ترى من يخفف عنهم ويحتويهم، ويرد لهم الجميل، ومع آهات النساء المقهورات، تشاهد من يساندهن ليجعلهن أقوى في مواجهة الحياة. خلف كل هؤلاء...إماراتيون أضاءوا شعلة الأمل، أعلوا قيمة الإنسان، ومنحوا الأمل للمستقبل.

كانت تحلم بأن تصبح طبيبة بيطرية لتعالج أحب المخلوقات إليها وهي القطط، ولكن تشاء الأقدار أن تكون طبيبة بشرية ومتطوعة في مجال مساعدة إنقاذ الحيوانات.

بداية الطبيبة منال المنصوري كانت مع القط «ياني» الذي تعرض للتعذيب على يد صاحبه، وسُكب الزيت المغلي فوق رأسه، وهو لم يكمل شهره الرابع، وقتها أخبرها الطبيب هي ومن معها من المتطوعين بإعطائه إبرة الرحمة، ليتخلص من آلامه الشديدة، ولكنها رفضت لأنها تؤمن بأنه لا شيء مستحيل، فهي لا تيأس من علاج أي حيوان، وبالفعل أُجرى له العديد من العمليات وشفي في نهاية الأمر، ليعيش «ياني» بسعادة في منزلها برفقه بعض من القطط الذي جهزت لهم المنصوري مكاناً للاعتناء بهم أشبه بفندق صغير فيه حديقة يلعبون بين ظلالها، وتتابع حالاتهم بكل حب رعاية، لتكون صوتاً لجميع الحيوانات التي تتعرض للاضطهاد أو التعذيب تعمل على إنقاذهم، وتدافع عنهم مهما كلفها الأمر.

قلوب قاسية

قط فقد عينه وآخر قدمه مبتورة، وهناك في آخر الغرفة يلعب قط صغير تعرض لإساءة بالغة من أصحاب القلوب القاسية في الشارع.. جمعت المنصوري كل هذه الحيوانات لتقدم لها الرعاية على نفقتها الخاصة، وبمساعدة بعض المتطوعين، فهي ترى أن الرحمة تبدأ من الحيوان، فإذا زرعت بداخل ابنك أهمية مراعاة الحيوانات الأليفة سيكبر بشكل سليم ولن يستطيع إيذاء حيوان أو إنسان في المستقبل.

تتذكر المنصوري حينما ذهبت مهرولة لإنقاذ قطط تعرضت إلى طلق ناري وقتها بحثت في المكان، ولم تجد أثراً للقطط وفي طريقها لمغادرة المكان لمحت قطاً أسفل السيارة يعرج قليلاً فقررت أخذه للاعتناء به، لتذهب إلى الطبيب البيطري، ويقوم بعمل أشعة له وكانت المفاجأة؛ القط تعرض لطلق ناري أسفل القلب مباشرة ليجري الطبيب عملية قلب مفتوح للقط، وينجو بأعجوبة مما تعرض له فلو بقيت الطلقة لمدة يوم آخر دون علاج لكان القط فارق الحياة، المنصوري تؤكد أن القط حالياً في كنف عائلة ترعاه وتهتم به.

محميات للقطط

تقول المنصوري: في العصر الذي يسوده العنف حينما نتكلم عن موضوع الرفق بالحيوان أسمع عبارات «إذا كان البشر يتعرضون للاضطهاد بسبب الكراهية والعنف؛ فكيف يكون الحيوان؟» ولكني أجيبهم ببساطة أن الأمل موجود، إذا بدأنا بالحيوان سيعم الحب الجميع، وننتهي من مسلسل الحروب والدمار الذي يهدد العالم، مشيرة إلى أنها تحلم بإنشاء مستشفى خيري للحيوان في الإمارات، ويكون الأول من نوعه في المنطقة، إضافة إلى ملاجئ مجهزة ومطورة لها، ومحميات للقطط، خاصة أن قطط الإمارات صحراوية.

قصص مأساوية

تتذكر المنصوري حينما اتصل بها أحد مراكز شرطة دبي، وأخبرني أن طفلاً أحضر قطتين للمركز، وعرض عليّ إذا أردت الاحتفاظ بهما، وحينما وصلتني القطط، شعرت أن هناك قططاً أخرى، فتساءلت عن المكان الذي أحضر منه الطفل القطط وذهبت إليه، وأخذت أبحث؛ ففتشت داخل مواقف السيارات وغرفة النفايات ووقتها كنت حاملاً في الشهر الثالث والرائحة قاتلة، وفي النهاية كانت المفاجأة، وهي أن هناك قطاً ثالثاً حبيس النفايات؛ فأخذته ونظفته وهو حالياً مع إخوته القطط، وأطلقت عليهم عنتر وزعتر وزيتون.

ورغم المعاناة والمشقة التي تتكبدها المنصوري بين عملها الأساسي كطبيبة بشرية وبين أسرتها الصغيرة ورحلتها في إنقاذ القطط والاهتمام بهم، إلا أن سعادتها لا تكتمل إلا حينما تقوم بالعمل التطوعي، وتلمس أثره بشكل إيجابي على المجتمع، تقول المنصوري: العطاء والخير خياران متوازيان يسيران مع الإنسان في كل مكان وزمان، ويظلان يرسمان النور والحب والفرح في طريقه طوال مراحل حياته، فليس هناك أجمل من أن ترى نتيجة العمل الذي تقوم به على أرض الواقع، فما أن ألمس تحسن حياة القطط إلى الأفضل أشعر بالفعل أنني إنسانة وأعيش من أجل تحقيق هدف سامٍ.

القط «مشمش»

وجدت المنصوري «القط مشمش» كما أطلقت عليه في سوق الذهب بالشارقة، كان يجلس ساكناً غير قادر على الحركة، فأخذته على الفور إلى أحد الأطباء وأجرى له العديد من العمليات حتى يستطيع أن يمشي من جديد، وبالفعل تمت معالجته وهو حالياً يقطن معها في المنزل.

Email