يعزز مفهوم العطاء وصناعة الأمل في عام التسامح

سقيا الأمل.. تحدي جهاز الضخ التفاعلي يستقطب كبار المواطنين

ت + ت - الحجم الطبيعي

كبار المواطنين هم سارية الوطن وشراعه المخضب بالتقاليد والإرث العريق، مداد الأخلاق وحبر الوطنية الخالصة، فقد كرسوا حياتهم للنهوض بالوطن وبناء أجيال تنبض قلوبهم بالهوية، تقاطعات جيل ما بعد الألفية تشد وثاق سفنها «أدقال» أجيال الاتحاد لتنقلها إلى شواطئ الثقافة العالمية وإيقاعها الذي يتجلى بالمعاصرة والمحافظة على الموروث، فنحن لا نعيش بين زمنين، بل نصنع لحظاتنا بين ذكريات استثنائية وإنجازات تستشرف المستقبل.

دبي من المدن العالمية التي لا يتوقف فيها الحراك الثقافي المجتمعي، بفضل مبادراتها النوعية التي تعكس الوجه الإنساني لدولة الإمارات العربية المتحدة، ودورها الرائد في العمل على إيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه الدول النامية والمجتمعات الفقيرة في مختلف مناطق العالم، وفي مقدمتها تحدي نقص مياه الشرب النظيفة التي تشير التقديرات إلى أن أكثر من 844 مليون شخص حول العالم لا يستطيعون الوصول إلى مياه صالحة للشرب.

وفي السياق شارك جمهور وزوار دبي مول من كافة الجنسيات ومختلف الأعمار، بمن فيهم كبار المواطنين ضمن مبادرة «سقيا الأمل»، والتي نظمتها هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، ضمن فعاليتها خلال شهر رمضان المبارك، وحققت بذلك المركز الثالث على مستوى الدولة، خلال الأسبوع الثالث من التحدي، إذ ضخت 17 ألفاً و707 لترات من الماء عبر جهاز الضخ التفاعلي الافتراضي.

تجارب مثالية

وفي السياق يؤكد المصور راميش شوكلا الذي حضر برفقة زوجته للمشاركة في التحدي ضمن جمهور عريض من فئة كبار الموطنين في الحدث: «طالما كان الحراك الثقافي التفاعلي هو مؤشر السعادة والارتقاء في المجتمع الإماراتي بالأهداف والطموحات، سعياً وراء التجارب المثالية التي تثري حياة الموطنين والمقيمين تطلعاً لاستشراف المستقبل، تجمعهم المحبة والامتنان، والرؤى المحفزة على الإبداع في إطار المسؤولية المجتمعية التي هي روح المدينة النابضة بالخير للجميع».

بناء حضاري

وأضاف شوكلا أن هذه الرؤية الواضحة والطموحة التي تنتهجها الدولة، تلهم جميع الأجيال حول العالم والشباب أيضاً، حيث يبدأ البناء الحضاري بسواعدهم وإعدادهم إعداداً متكاملاً ومتوازناً لكي يكونوا بمستوى البناء والتحدي الحضاري، والمنافسة الحضارية بين الأمم والشعوب. والتقدم في مجال العمل والصناعة والاقتصاد من محاور البناء الحضاري، وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا عندما يتحول الشباب إلى قوة عاملة وفاعلة ومنتجة. إن توظيف عقول الشباب، واستثمار قدراتهم ومواهبهم، والاهتمام بهم وتشجيع روح الإبداع والابتكار والاختراع والاكتشاف، هي من الخطوات الرئيسة نحو بناء حضاري مشرق، ونهضة اقتصادية زاهرة.

منهج أصيل

وأشارت فاطمة الجلاف، مديرة إدارة الفنون الأدائية بالإنابة في هيئة الثقافة والفنون، إلى أن جهود دولة الإمارات (شعبها من مواطنين ومقيمين) وفي مقدمتنا كبار المواطنين، تحثنا على الانخراط في العمل المجتمعي الاجتماعي الذي يرتبط بشكل وثيق بالواقع الإنساني، وهذا الارتباط ليس وليد اللحظة، أو نتيجة تنظيرات فكرية معاصرة، بقدر ما هو منهج أصيل في الثقافة العالمية، فهو سلوك حضاري حي لا يمكنه النمو سوى في المجتمعات التي تنعم بمستويات متقدمة من الثقافة والوعي والمسؤولية، فهو يلعب دوراً مهماً وإيجابياً في تطوير المجتمعات وتنميتها، فمن خلال المؤسسات التطوعية الخيرية يتاح لكافة الأفراد الفرصة للمساهمة في عمليات البناء الاجتماعي والاقتصادي اللازمة، كما يساعد العمل الخيري على تنمية الإحساس بالمسؤولية لدى المشاركين ويشعرهم بقدرتهم على العطاء، وتقديم الخبرة والنصيحة في المجال الذي يتميزون فيه.

قضايا إنسانية

وأكد صلاح القاسم، مستشار هيئة دبي للثقافة والفنون، أن دبي مكان التطور والازدهار والأفكار الخلاقة، وهي تحتل المراتب الأولى بكافة المعايير وفي مختلف المجالات، حيث يتلمس ديناميكية المدينة وحراكها الاقتصادي من خلال أعماله التي تعني بدعم المؤسسات الصغيرة المتوسطة، التي وبكل تأكيد تخدم كافة المبادرات المحلية المتعلقة بالاستدامة، من ذلك أنها ستتعاطى بشكل مباشر مع واحدة من أهم القضايا الإنسانية التي تستهدف العمل على إيجاد تنافس إنساني بنّاء بين المؤسسات، من خلال التبرع بالمياه وإيصالها إلى المناطق التي تعاني شحاً في موارد المياه الصالحة للشرب، من خلال ضخ أكبر كمية من المياه عبر جهاز ضخ تفاعلي افتراضي متنقل، على أن تقوم مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية بالتبرع بكمية المياه الإجمالية نفسها التي تضخها كل جهة وكل مؤسسة، وإيصالها إلى المحتاجين والمحرومين في المجتمعات الأقل حظاً في العالم.

جدارية الأمل

ويضيف صلاح: «وضمن الحملة قدمت هيئة دبي للثقافة عرضاً فنياً، لتضفي من خلال جدارية أبدعها الفنان ضياء علام، مزيجاً جمع بين الإنسانية والإبداع في مشهدٍ يتزيّن بروح الأمل، وأشعر بالامتنان والفخر لتواجدي في هذا الحدث الذي استطاع أن يجمع كافة شرائح المجتمع من كبار المواطنين والشباب والصغار، حيث يلتقي الجميع من مختلف الجنسيات والخلفيات العرقية والثقافية، ليتعاونوا يداً بيد في التخطيط والإنتاج للعديد من المشاريع ذات الصلة، إيماناً منهم بأن العطاء الإماراتي منحهم الكثير على المستوى الشخصي، وعليهم أن يبادروا أيضاً بالعطاء تحت مظلة التسامح كمنظومة أساسية تدعمها دولة الإمارات».

طاقة إيجابية

ويعتقد الفنان بلال عبدالله أن فعل الخير لا يحتاج إلى مبرر أو غاية، ولكنه يمدنا بطاقة إيجابية حين تتوسع الدائرة وتشمل أيضاً الذين أصبحوا بحال أفضل وتخطوا أزماتهم المالية، وأصبحوا مرشدين لغيرهم من العاطلين عن العمل، ومساندين لهم مادياً واجتماعياً، ويحكمهم في ذلك الوعد كصيغة ثابتة للوفاء بالدين، إنها عدوى العطاء تسري في قلوبهم ويتعاطونها بشغف، فهم على ثقة بأن ما يقوم به اليوم من مساندة وعطاء، هو إشباع لرغبة داخلية أصيلة بداخلهم تشعرهم بالرضا عن الذات والسعادة، حيث يبرز فعل الخير أصالة الإنسان وفطرته المجبولة عليه، لتمنحه السلام والبركة لبذل المزيد من الجهد، والسعي من أجل تحقيق أفضل النتائج في حياتهم.

عطاء متجدد

يوضح المصور راميش شوكلا أن شهر رمضان المبارك مناسبة متجددة للعطاء والتسامح، وعلى مر الأعوام تعلمنا وفهمنا من كافة أصدقائي المسلمين المواطنين والعرب، والذي يحمل بين طقوسه الدينية وتقاليده الكثير من الحكم الفلسفية والروحانية التي تتلخص في أن الصفاء هي المائدة الأُولى لهذا الشهر الكريم، فمن دون المحبة والنقاء يكون الإيمان خالياً من العطاء، ومع صفاء القلب ونقاء الصيام يتحقق الصفاء بجانب العطاء. شهر رمضان شهر الشفاء.

لم يكن الصيام في السابق ديناً يُعتد به بل كان دواءً شافياً لكل الأمراض التي تصيب الإنسان، وعلى الرغم من أن الثقافة الإسلامية والعربية تنهي عن التفاخر بعمل الخير، إلا أنه يتعين على الشركات التي تقوم بالأعمال الخيرية الاستراتيجية أن تلتزم بالشفافية عند تنفيذ هذه الأنشطة، من أجل توضيح ما تقوم به من أعمال وأسبابها وكيف يمكن إشراك الآخرين بها.

ويرى راميش أنه وفقاً للتعاليم التي نستقيها من شهر رمضان، ثمة شعور رائع في ممارسة الأعمال الخيرية والكريمة مع الآخرين، بدلاً من ممارستها بصورة منفردة، والذي ينتج عنه الإحساس الجماعي بعمل الخير والذي يرتبط بهذا الشهر من كل عام، إن العبارة التقليدية التي نتبادلها خلال شهر رمضان هي «رمضان كريم»، وليست هذه العبارة مجرد تهنئة بحلول الشهر المبارك فحسب، بل هي دعوة للعمل تغطي كافة جوانب حياتنا بما في ذلك مصالح أعمالنا. ومن هذا المنطلق، أدعو شركات المنطقة إلى استغلال هذا الوقت من كل عام لتحديث برامج الأعمال الخيرية القائمة لديها وبحث كيفية زيادة قيمتها خلال العام المقبل.

8 ملايين

«سقيا الأمل» تندرج ضمن إطار مؤسسة سقيا الإمارات، وهي المبادرة الأكبر من نوعها عربياً والمعنية بتنفيذ مشاريع مستدامة لتوفير مياه نظيفة في العديد من المناطق التي تعاني شحاً في المياه والتي استفاد منها أكثر من 8 ملايين إنسان حول العالم، وهي لا تنفصل عن الجهود الرائدة التي تقوم بها المؤسسات الأخرى في هذا الشأن، وعلى رأسها صندوق أبوظبي للتنمية الذي يولي منذ تأسيسه في عام 1971 أهمية بتمويل مشروعات المياه في العديد من الدول النامية والصديقة، حيث موّل نحو 108 مشاريع في قطاع المياه بقيمة إجمالية بلغت 8 مليارات درهم استفادت منها 56 دولة نامية.

في سطور

العمل التطوعي الإماراتي بكافة مؤسساته ومبادراته المتعددة يعبر عن إرادة وطنية ويهدف إلى حراك مجتمعي خيري في تحمّل مسؤوليات التنمية، وبالتالي انتفاع كافة فئات المجتمع بمبادراته النوعية ذات التأثير الملموس على كافة الصعدة.

Email