البلغارية ماجدلينا جاتزينسكا:

قطاع الخدمات في الإمارات حلول مبتكرة تستشرف المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

نسجت المبادرات النوعية للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ملامح المجتمع الإماراتي المعاصر إيماناً منه بأن معطياتها المؤثرة لها بالغ الأثر في تكوين الشخصية الإماراتية في كافة جوانبها الاجتماعية والفنية والأدبية التي هي نتاج لخبرات ومعرفة علمية تجمع كافة جوانب الحياة وعليها أن تقدم الرسالة التي تسهم في تنمية المخزون الإبداعي متعدد الجنسيات والمنفتح بانسجام على مختلف أشكال الإنتاج المجتمعي والذي يضيف إلى الحراك الثقافي المحلي أبعاداً إنسانية متناغمة للسلام والمحبة.

 

قطاع الخدمات في الإمارات جذب اهتمام المصرفية البلغارية ماجدَلينا جاتزينسكا التي تمتلك خبرة عميقة في أسواق المال والأعمال تمتد إلى أكثر من 20 عاماً في مجال إدارة الاستثمارات جابت معظم الشرق الأوسط.

وانتقلت إلى دبي بشكل دائم عام 2014، ونتيجة لشغفها بريادة الأعمال والتكنولوجيا والابتكار شاركت في تأسيس وإنشاء منصة الإحلال التكنولوجية «بوك إني سيرفيس» بهدف إحداث نقلة كبرى على المستوى المحلي برؤية تستشرف المستقبل وتتطلع إلى كافة الحلول والسبيل الابتكارية تسير بالتواري مع أهم أهداف الاستراتيجية الحكومية.

تنوّع اقتصادي

وفى السياق تقول ماجدَلينا الحاصلة على شهادتي البكالوريوس والدراسات العليا في الاقتصاد والتحليلات المالية القياسية: «الإمارات طالما كانت من أنجح الدول في المنطقة من حيث الجهود التي بذلتها في مجال التنويع الاقتصادي، ويدعّم هذه الاستراتيجية الناجحة الاستثمار في قطاع الخدمات الذي يعد كذلك أكبر مشغل للقوى العاملة في الدولة، وهو بوجه عام سيعزّز نموّ التجارة في الإمارات حتى عام 2030، حيث من المتوقع أن يشهد نمواً أسرع نسبياً من نمو تجارة السلع، وستكون السياحة المساهم الأكبر في هذا النمو إلى جانب قطاع النفط المساهم الأكبر في حجم التجارة الكلي في الإمارات وفقاً لأحدث التقارير الاقتصادية».

رؤوس أموال

وحول تخصّصها في مجال الاستثمارات المالية فإن ماجدَلينا، وحتى وقت قريب، أدارت مكتباً خاصاً للاستثمار بين لندن وموناكو ودبي، بالنيابة عن مؤسسات استثمارية وأفراد من أصحاب الثروات، وقالت: «لقد كنت محظوظة لقدرتي على التحدث بخمس لغات، وقدّمت استشاراتي حول تخصيص الأصول لشركات استثمارات رؤوس أموال وملكيات خاصة مصدّرة ومنظمة وقائمة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والشرق الأوسط، وإلى شركات إدارة أصول معروفة، بصورة تنسجم مع مستوى قبول المستثمرين للمخاطرة، كما تولّيت مناصب في عدد من مجالس الإدارات لشركات مستثمرة، وأسهمت بدور فاعل فيها».

50 %

وتشير ماجدلينا إلى أن اقتصاد الخدمات من أكثر القطاعات الاقتصادية تأثيراً على الاقتصاد العام، وتحديداً على الناتج المحلي الإجمالي لدول، إذ تُشكلُ الخدمات الاقتصادية المقدمة للسكان في أغلبِ دول العالم نسبة 50% من إجمالي الناتج الاقتصادي المحلي، خصوصاً في الدول النامية التي تعتمد على تقديم الخدمات كوسيلة من الوسائل التي ساهم اقتصادها في دعمها.

وتضيف ماجدَلينا: «مدفوعة بشغف التحديات والرغبة في اكتساب خبرة واسعة في مجال أسواق المال في نيويورك ولندن مع «جي بي مورغان» و«دويتشه بنك»، كنت مسؤولة بشكل مباشر عن مكتب أسواق الملكية وأسهم رأس المال، مع التركيز على منطقة الشرق الأوسط والأسواق الناشئة، وتولّيت مسؤولية الهيكلة والمنتجات المشتقة لعملائي من المؤسسات، مثل هيكلة المنتجات، وحلول التمويل والتحوّط. كما عملت أيضاً في مجال فرص الاستثمار المباشر والحصص الاستراتيجية في شركات القطاع الخاص، كما أطلقت أولى منتجات «دويتشه بنك» الإسلامية، بالتعاون مع الهيئة الشرعية وبنك دبي الإسلامي في الإمارات.

إسعاد المتعاملين

وتعتقد ماجدَلينا أن قطاع تكنولوجيا المعلومات في دولة الإمارات، وما يقدمه من خدمات للقطاعات الاقتصادية المختلفة، هو المحدد الأساس لمستويات التطور الهائل والغني بالأفكار الملهمة، يضاف إلى ذلك جاذبية فكرة الارتفاع التصاعدي عن مستوى رضا وسعادة المتعاملين معها، وما يحدد ذلك الرضا هو مستوى جودة وتقدم الخدمات التي يتم تقديمها، فكلما تطورت وارتفعت جودة الخدمات كلما تحسّن الاقتصاد على خريطة التنمية والتقدم الاقتصادية، وفي المحصلة فإن اهتمام القيادة الرشيدة بقطاع الخدمات ينم عن حقيقة اهتمامهم بتوفير حزمة متكاملة من الأهداف التنموية.

منصة إلكترونية

وفيما يتعلق بمنصة «بوك إني سيرفيس» التي أطلقتها عام 2016 تشير ماجدَلينا إلى أنها تستثمر في قطاع الخدمات بشكل مباشر عبر المنصة التي من شأنها تسهيل عملية الحجز والمقارنة بين نوعية الخدمات المُقدمة للأفراد، عبر شبكة الإنترنت والهاتف الذكي وذلك لتلبية متطلبات التوسّع المتسارع لهذا القطاع، وتضيف: «كما نعمل كذلك على تمكين شركات الخدمات الصغيرة والمتوسطة وندير أعمالهم بشكل فعّال عبر تطبيقات مجانية على الإنترنت والأجهزة الذكية، وذلك من خلال استخدام التكنولوجيا لزيادة الإيرادات وخفض التكاليف، حيث يمكن لمزوّدي الخدمات استخدام هذه التطبيقات لتعزيز حضورهم على المنصات الإلكترونية ما سيتيح لهم استهداف شرائح من العملاء لم يكن من الممكن الوصول إليها في السابق. وتستخدم الشركة تقنيات تسمح لمزودي الخدمة بالتعرف على الأسعار المناسبة بحسب وقت إجراء عملية الحجز».

خدمات ذكية

وتوضح ماجدَلينا أن الإمارات تشهد تقدماً وتطوراً ملحوظاً بداية من الحكومة الإلكترونية ووصولاً إلى الحكومة الذكية، ومن ثم الوصول بدبي إلى مرحلة أذكى مدينة في العالم عبر استراتيجيتها المعلنة في 2014 التي تضمنت 6 محاور و100 مبادرة، إضافة إلى تحويل 1000 خدمة حكومية إلى ذكية، إلى جانب كونها نموذجاً رائعاً ويحتذى في التعايش والتواصل بين الشعوب والجنسيات المختلفة، رغم هذا التعدد الكبير، فإن هناك طرقاً كثيرة للتفاهم والتواصل بينهم. وفقاً لنمط العيش ومستوى الحياة والرفاهية الذي توفّره الدولة للجنسيات المختلفة التي تعيش على أرضها وسط حزمة القيم الإيجابية التي تسود المجتمع الإمارات ويستلهم منها الجميع عناصر الحياة.

تنوع خلاق

وتضيف ماجدَلينا أن هذا التنوع الخلّاق للثقافات هو الظاهرة الأبرز في الإمارات، فهناك فسيفساء من نحو 200 جنسية من شتى أنحاء العالم تعيش وتعمل بكل هدوء داخل دولة الإمارات في حالة عجيبة من الانسجام، ودون الشعور بأي نوع من الاضطهاد الديني أو العرقي، وهذا أمر يحسب لدولة الإمارات وحكمتها في التعامل مع هذا العدد الكبير من الجنسيات من مختلف التوجهات الدينية والطوائف، وبرأيي أن الإمارات نجحت بجدارة في الحفاظ على موقعها واحة أمان وهدوء ومحبة، تحتوي الجميع تحت مظلة القانون وحقوق الإنسان والتعايش السلمي من أجل الازدهار والبناء.

ترابط عائلي

وترى ماجدَلينا أن شهر رمضان المبارك يعزز القيم المجتمعية القائمة على التسامح والتي يلمسها أبناء الجاليات المتعددة الجنسيات، والذين مع الوقت أصبحوا لا يشعرون بالغربة أو الوحدة، فالبيوت تستقبلهم بفرح جمّ وكرم كبير، لتجربة روحانيات الشهر الفضيل ضمن أجواء من الإخاء والترابط القائم على المحبة المغموسة باحترام ثقافة الآخر، والتأثير الإيجابي المتبادل، الذي يسهم في دمج كافة الحضارات والثقافات ومن ضمنها ثقافة الطهي التي تشكل جزءاً مهماً من طقوس رمضان، حيث تظل المائدة الرمضانية التراثية تشكل زاداً ثقافياً يربط الأجيال الجديدة بماضيها، وبالمقيمين على أراضيها، من خلال حرص العائلات الإماراتية على توريث هذه الأطباق لأبنائها وهو عمل لا يستهان به من حيث طبيعته كثقافة متناقلة.

تأثير إيجابي

تقول ماجدَلينا: «لا بد أن يعي الجميع أن المجتمعات المعاصرة، كمجتمع دولة الإمارات، تنشئ بجهود أفرادها خطوطاً للتلاقي المؤثر الذي يسود خلاله التعايش واحترام الرأي والتعاون وحفظ الحقوق ضمن منظومة الفكر والسلوك للمدن المتطورة؛ كونها عرفت مقصدها، فتمسكت به واعتمدته في تطوير حياتها فصارت أكثر استقراراً وإبداعاً، بعد أن تفرّغ الناس إلى الإنتاج والتطور بعيداً عن ثقافة التطرف والفتن وما شابه».

Email