الأسترالي جون إيسوفيديس:رمضان في الإمارات تسامح وتلاقٍ بين الشعوب والحضارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

نسجت المبادرات النوعية للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ملامح المجتمع الإماراتي المعاصر إيماناً منه بأن معطياتها المؤثرة لها بالغ الأثر في تكوين الشخصية الإماراتية في كافة جوانبها الاجتماعية والفنية والأدبية التي هي نتاج لخبرات ومعرفة علمية تجمع كافة جوانب الحياة وعليها أن تقدم الرسالة التي تسهم في تنمية المخزون الإبداعي متعدد الجنسيات والمنفتح بانسجام على مختلف أشكال الإنتاج المجتمعي والذي يضيف إلى الحراك الثقافي المحلي أبعاداً إنسانية متناغمة للسلام والمحبة.

يعتبر الأسترالي جون إيسوفيديس الرئيس التنفيذي لـ «نور بنك» أن الإمارات تتمتع باقتصاد متنوع ومفتوح يتصف بالمرونة التي تمكنه من استيعاب المتغيرات الدولية والإقليمية، إضافة إلى ما تمتلكه من بنية تحتية وتقنية ولوجستية متطورة، تشكل الركيزة الأساسية التي تمكن الدولة من تطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي، وأن تكون الرائدة والسباقة في إنشاء المصارف الإسلامية على مستوى العالم في سبعينيات القرن الماضي، والقيام بدورها في تعزيز الأخلاق، من خلال محاولة جعل المفاهيم والمنتجات التي توفرها المصارف مقبولة أخلاقياً من قبل المسلمين وغيرهم ممن يشاركون في المعاملات المالية، مؤكداً أن الربح على الرغم من أهميته فإنه ليس المعيار الوحيد في تقييم أداء البنوك الإسلامية.

وبمناسبة شهر رمضان يؤكد جون إيسوفيديس أن ما يميز الشهر الفضيل في الإمارات هو الحرص على تكريس العادات والتقاليد الاجتماعية الطيبة والتعايش بين الجاليات تحت مظلة الخير والعطاء، التي نجدها في أيام وليالي رمضان، من حيث التجمع في مكان واحد وأسرة واحدة مع السمر والدعوات للجيران والأصدقاء، فهذه في مجملها تعطي النفس الصفاء والنقاء والاستشعار بمعاني هذا الشهر المبارك وأيامه الجميلة.

خبرات

ويتمتع جون بخبرة تمتد إلى أكثر من 33 عاماً في القطاع المصرفي الدولي في أستراليا وآسيا والشرق الأوسط: إنه عمل في ثلاث مؤسسات مصرفية بارزة ANZ وستاندرد تشارترد وبنك المشرق، وتشمل خبراته الكبيرة في القطاع المصرفي مناصب قيادية في العديد من البلدان والمناطق الجغرافية، إضافة إلى معرفة متكاملة وتركيز على مجالات الخدمات المصرفية للمؤسسات والشركات، والتخطيط الاستراتيجي، وإدارة التغيير، وعمليات الاستحواذ والاندماج والتكامل.

ويضيف جون الذي يحمل شهادة ماجستير إدارة الأعمال والبكالوريوس في المحاسبة من جامعة موناش الأسترالية، وهو زميل المعهد الأسترالي للمصرفيين: قبل انضمامي إلى نور بنك، شغلت منصب نائب المدير التنفيذي ومدير المجموعة للشركات والاستثمار المصرفي في بنك المشرق، حيث استطاع البنك تحت إدارتي الحصول على عدة جوائز مرموقة في القطاع، وقبل أن أدير قسم أعمال الشركات في بنك المشرق، أدرت أعمال الامتياز المصرفية الدولية من 2009 حتى 2015. وبفضل إسهامي خلال هذه الفترة، نمت أعمال الامتياز المصرفية الدولية بأكثر من 25% من الدخل الصافي للبنك، وهي أكبر نسبة لأي مصرف في الإمارات، وقد شغلت أيضاً منصب المدير الإقليمي لعلاقات وتغطية العملاء، والمدير المشارك لقسم الخدمات المصرفية للمؤسسات والشركات في بنك ستاندرد تشارترد، ومنصب مدير الاستراتيجية لقسم الخدمات المصرفية العالمية للمؤسسات والشركات في فرع البنك في سنغافورة.

رؤية دبي

وحول مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي يعتقد جون أن المدينة تتمتع بمقومات اقتصادية وتجارية ودبلوماسية متميزة، ما يجعلها تتفوق على منافسيها للفوز بالعاصمة العالمية للاقتصاد الإسلامي من خلال عشرة مؤشرات تتعلق بالبنية الاقتصادية لمدن العالم، حيث تتبنى استراتيجية متكاملة تشمل: قطاعات التمويل والصيرفة الإسلامية، والمعايير والشهادات، والمنتجات الحلال والسياحة العائلية والمعرفة والفنون الإسلامية.

وتم إنشاء مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي بهدف تنفيذ الاستراتيجية بالتعاون مع شركاء من القطاعين العام والخاص، كما تم في فبراير 2013 إطلاق مبادرة «دبي مركز عالمي للصكوك» لدعم قطاع التمويل الإسلامي لتشكل هذه الخطوة أول مبادرة من نوعها لجعل الإمارة منصة عالمية للصكوك عبر سوق دبي المالي وناسداك دبي، من خلال استقطاب العديد من المستثمرين، ليس فقط من الدول الإسلامية، بل أيضاً من أكبر اقتصادات العالم غير الإسلامية.

ويرى جون المقيم في الإمارات منذ أكثر من 18 عاماً أن «نور بنك»، تماشياً مع رؤية دبي الرامية إلى جعل الإمارة عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي، حقق عدداً كبيراً من الإنجازات شملت إدراجه على قوائم «بلومبرغ» السنوية المرموقة للمديرين والمرتبين المفوضين للتمويل المجمع لمختلف المعاملات، وبوصفه مصرفاً ديناميكاً ناشئاً، قام نور بنك بترتيب معاملات للتمويل المجمع وأسواق رأس المال تزيد قيمتها عن 64 مليار دولار أميركي منذ يناير 2008. وفي مجال الخدمات المصرفية الإسلامية، قدم البنك ابتكارات متميزة مثل خدمات تمويل الفواتير المؤجلة الدفع، كما طوّر بالتعاون مع مركز دبي للسلع المتعددة عمليات بيع مرابحة السلع لتسوية عمليات الخزينة بين البنوك.

نحو المستقبل

ويضيف جون: على امتداد رحلته طوال عقد من الزمن، حقق «نور بنك» عدداً لا يستهان به من الإنجازات المبتكرة، فهو أول مصرف إماراتي يفتتح فروعه على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، وأول مصرف إسلامي يقدم خدمة فتح الحسابات عبر الإنترنت، وبعد مرور عامين على تأسيسه، أصبح نور بنك أول مصرف إسلامي يطلق خدماته المصرفية عبر الإنترنت، وفي عام 2012، حقق سبقاً جديداً مع إطلاق تطبيق للخدمات المصرفية على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية بتقنية الواقع المعزز. ونتعهد بأن يواصل البنك مسيرة الابتكار كونه مسهماً أساسياً في تحقيق أهداف رؤية 10X.

ويقول: إن القطاع المصرفي يهيئ بيئة عمل مثالية ونموذجية للمواطنين لإبراز مواهبهم وقدراتهم، مشيراً إلى أن التوطين يعد من أهم الاستراتيجيات التي يركز عليها البنك، كما أن 44 % من الموظفين هم من النساء، وقد ضاعفنا على مدى العامين الماضيين عدد العملاء الإماراتيين في المصرف، ومع ذلك فإننا نطمح في المستقبل لأن يتم تصنيفنا على أننا المصرف الإسلامي المعاصر الأفضل في العالم، وفي هذا الإطار، فإن كلمة معاصر تعني الحداثة، وإننا نرى أنفسنا نسير على خطى دبي نفسها من حيث الحداثة والشمولية والتسامح والرؤية المستقبلية والتطور سريع الوتيرة، وكل تلك صفات تنطبق على «نور بنك».

عادات طيبة

وفيما يتعلق بذكريات الشهر الفضيل خلال 18 عاماً، يبتسم جون قائلاً: في المرة الأولى التي اختبرت فيها شهر رمضان، كانت الأمور أسهل نوعاً ما، إذ صادف منتصف فصل الشتاء، أي أن الأيام كانت أقصر، وقد حظيت بفرصة التعرف إلى الجانب الثقافي منه على نحو مخالف كثيراً للغرب، حيث كنت أعيش، لكني أحب الروحية الكامنة في طيات هذا الشهر الفضيل، الذي يعني وقت التأمل وقضاء الوقت مع العائلة والتطهر الروحي والتجدد، وهي أمور تمسني أنا شخصياً، وهو شهر السعادة بالنسبة لها ويمتلك نكهة مختلفة عن باقي الأشهر، خاصة فيما يتعلق بطقوسه المختلفة بين الجاليات العربية والمسلمة التي تعيش في الإمارات التي تلاحظها عندما تلبي دعوات على الإفطار من قبل أصدقائها المسلمين.

عطاء زايد

وفيما يتعلق بعام زايد يؤكد جون: عام زايد يعني لي الكثير، إنه الأب المؤسس الذي تمكّن من توحيد كل الإمارات على أساس الشمولية والتسامح والمساواة وحب الخير وأهمية التعليم، وتلك أمور تهمني أنا شخصياً كما هو الحال بالنسبة لاستراتيجية «نور بنك»، وقد أقمنا هذا العام شراكة مع مؤسسة «مواهب من الناس الجميلين»، وإننا نعتمد على أعمالهم الفنية في تزيين المطبوعات والبطاقات المصرفية التي نرسلها إلى عملائنا، كما تبرعنا بمبلغ 1.6 مليون درهم لمركز الشيخ راشد لأصحاب الهمم كمثالين على ما يقوم به نور بنك بمناسبة عام زايد.

سلام

يقول جون: أتمنى بمناسبة حلول هذا الشهر المبارك أن يحل السلام والتناغم، سيما أننا نعيش في منطقة متأزمة من العالم، ومع أننا نعيش في جنة من الأمن والأمان في الإمارات إلا أن ما يجري حولنا يثير القلق، لذا أتمنى فعلياً أن يسود السلام والوئام والازدهار، وسواءً على الصعيد الشخصي أو على صعيد المصرف والبلد ككل أعتقد أننا نتشارك جميعاً الأمنية نفسها.

Email