الهندي مايور سجناني: طموحاتي أحلام واعدة تحاكي شغف دبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

نسجت المبادرات النوعية للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ملامح المجتمع الإماراتي المعاصر إيماناً منه بأن معطياتها المؤثرة لها بالغ الأثر في تكوين الشخصية الإماراتية في كافة جوانبها الاجتماعية والفنية والأدبية التي هي نتاج لخبرات ومعرفة علمية تجمع كافة جوانب الحياة وعليها أن تقدم الرسالة التي تسهم في تنمية المخزون الإبداعي متعدد الجنسيات والمنفتح بانسجام على مختلف أشكال الإنتاج المجتمعي والذي يضيف إلى الحراك الثقافي المحلي أبعاداً إنسانية متناغمة للسلام والمحبة.

لم يكن شارع الوصل مجرد حي عريق تزينه المنازل وأنوار السيارات بل نقطة محورية في حياة الهندي مايور سجناني، مؤسس «ستاليون بيسبوك» للخياطة الرجالية، فقد ولد قبل 30 عاماً في مستشفى لطيفة الذي كان يعرف سابقاً باسم مستشفى الوصل، فدبي تنبض في عروقه ويتنفس هواءها المعتق بمحبة الأهل والجيران وكبر بين أحيائها وهو يرقب عن كثب قدرتها المبهرة على التفاعل والتطور، ينصت بكثير من الحب لخرير مياه الخور التي في هدوئها تحاكي أحلامه وطموحاته لتجاري شغفها للريادة والابتكار، وهو ابن عائلة توارثت تجارة الأقمشة منذ أكثر من 80 عاماً بين الهند ومدن الشرق الأوسط والخليج.

ظل المدينة

وفي السياق يقول مايور: ترعرعت بين أحياء دبي وخاصة الجميرا والوصل وكنت كثير التجوال بمنطقة السوق الكبير في بر دبي أطالع قدرة تلك الأسواق على التفاعل والتطور، في ظل الإطار التراثي العريق والأخاذ الذي يلتصق بهذه الأسواق العتيقة، وأردت بكثير من الشغف أن أسير بالتوازي مع نهضة دبي من خلال مهنتي كتاجر ابن تاجر وضع حجر الأساس في معقل التسوق الشعبي والذي يرتكز بشكلٍ أساسيّ على فكرة التّفاوض (المفاصلة أو المكاسرة) بين البائع والمشتري، لينتهي المطاف حول سعرٍ يُناسب الطرفين.

ويضيف مايور: كبرنا في دبي وكبرت معنا طموحاتنا ونظرتنا أيضاً لتأسيس الأعمال أو المواجهة إلى جانب الرغبة في التغيير، أسست محل «ستاليون بيسبوك» للخياطة الرجالية نتيجة للعديد من العوامل المحيطة بي في ذلك الوقت وكان من أهمها الرغبة الشخصية في مجاراة الموضة الكلاسيكية على الرغم من أنني كنت مصاباً بزيادة الوزن، فمنذ طفولتي كنت ضخماً وسميناً وكان ينبغي أن أخيط كل ملابسي.. أنهيت الجامعة وأنا أزن حوالي 145 كيلوغراماً وخسرت حوالي 55 كغ في عام ونصف تقريباً.

ولم أجد خياطاً ماهراً أثناء التحضير لزفاف شقيقتي يجيد الجمع بين التشكيلات الجديدة والقصات العصرية وكان معظمهم تقليديين.

ذوق رفيع

ويؤكد مايور أن موضة البدلات الكلاسيكية من أكثر التصاميم رواجاً في دبي نظراً لمحيطها القائم على دائرة الأعمال ومراكزها المتعددة فنحن نستقبل زبائن يفضلون «بدل تحت طلب» يتم تفصيلها وفقاً لرؤية الزبون الذي يختار القماش ولونه ونوعه، ومن ثم تؤخذ مقاساته لتبدأ عملية الحياكة التي في معظمها عمل يدوي، مما يتطلب أكثر من بروفة، وتلك مهمة تحتاج وقتاً ومالاً بالطبع.

وفيما تجنب مفضلاً عدم الكشف عن أسماء بعض هؤلاء الزبائن أوضح مايور أن سعر أغلى بدلة من تلك النوعية التي تتطلب مجهودا وبروفات ومقاسات وأخذا وردا يختلف باختلاف ثمن القماش، ونوع التفصيل، وما يتطلبه من ساعات عمل خاصة، كما أنهم يحرصون أيما حرص أن يأتي الجزء العلوي أو «الجاكيت» في أكثر من طبقة (الخارجية ثم البطانة الداخلية) مع مراعاة ألا تكونا ملتصقتين ببعضهما إلا في الجوانب والأطراف حتى لا يؤثر ذلك على عموم الشكل والمظهر، ولمزيد من التنسيق والانسياب بين الإكمام والظهر، فالذوق الرفيع مكلف دون شك، لا سيما إن كان يتطلب عملاً يدويا يجعل صناعة بدلة رجالية من قطعتين فقط يستغرق 4 أشهر بالتمام والكمال.

نسيج الابتكار

بابتسامة عريضة يغلفها الحماس والبهجة يقول مايور وليس هناك أفضل من دبي في مجال الأعمال والتطور رؤى وأفكار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الملهمة والمحفزة على الابتكار، والتي كان لها أكبر الأثر في نفسي وساهمت في سرعة اندماجي المهني في المجتمع الذي أصبح جزءاً من ثقافتي المتسامحة والمحبة للجميع، وإن اختلاف العادات والتقاليد العربية والإسلامية لم يشكل يوماً حاجزاً نفسياً وثقافياً بالنسبة لي بل على العكس تماما، فطالما كنت محاطاً بالأصدقاء من الجنسيات العربية والإماراتيين، الذي قاموا بتبسيط وشرح الكثير من العادات والتقاليد وبعض الموضوعات الدينية الإسلامية التي كنت أجهلها وفي نفس الوقت بحاجة ماسة لمعرفتها لصلتها الوثيقة بالمجتمع المحلي.

مجتمع السعادة

ويؤكد مايور: دبي منحتني الكثير من السعادة والإيجابية، وكل أصدقائي تقريباً ولدوا هنا في دبي وتجمعني بهم صداقة تعود لحوالي 25 عاماً. وأول مدرسة ارتدتها كانت في شارع الوصل وتدعى مدرسة الضيافة، وأتذكر جيداً زياراتي لمنازل أصدقائي حيث الوالدة والجدة ونساء العائلة كلهن تطهون وتحرصن على إطعامي بأيديهن، وهذا ما يعنيه جوهر رمضان بالنسبة لي وأعتبره أكثر أهميةً من السهر مع الأصدقاء حتى وقت متأخر وتمضية الوقت في السمر واللهو.

ويضيف مايور: إن هناك الكثير من العادات الرمضانية الأصيلة التي يكن لها الاحترام والتقدير ومنها تبادل وجبات الإفطار بين البيوت قبيل أذان المغرب وخروج النساء لأداء صلاة التراويح في المساجد واصطحاب الأهل أطفالهم لتعويدهم على الصلاة وفيما أصبحت كل خيارات الأطعمة مطروحة أمام الناس فإن شهر رمضان يعيد بعض التقاليد الغذائية إلى الواجهة من جديد حيث نجد المسلمين والعرب يقبلون على مأكولات بلدانهم التقليدية بالدرجة الأولى ولهذا تحظى المأكولات الشعبية الإماراتية بالأولوية في المائدة الرمضانية.

مسيرة قائد

وحول أهمية عام زايد بالنسبة له يقول مايور: كنت صغيراً جداً أيام فترة حكم المغفور له الشيخ زايد لكني أتذكر والدي وجدي يتحدثان عن سموه بكثير من التقدير والاحترام، لذا قد لا أعرف الكثير عن الأمر، لكني أرى بأم العين اليوم المكانة التي وصلت إليها الإمارات بفضله، فعلى امتداد مسيرة المغفور له بإذن الله والتي اتسمت بالتوازن المتفهم لخصوصية المقيمين واختلاف عاداتهم سواء من العرب أو الأجانب قام الشيخ زايد بإدخال تغييرات جذرية وإيجابية على مستوى حياة الملايين سواء في بلاده أو خارجها.

أما فيما يتعلق بدولة الإمارات فإن مقارنة بصرية بسيطة لصور ما كانت عليه قبل قيام الاتحاد وما أصبحت عليه اليوم تؤكد أنها ما كانت ستحظى بما حظيت به لولا وجود هذه الرؤية الثاقبة له كحاكم وقائد وسياسي محنك. لقد استطاع المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أن يضع بلاده على الخريطتين العالمية والإقليمية وأن يكرس اسمه كقائد عربي فريد تمتع باحترام العالم أجمع.

تأثير إيجابي

ويرى مايور أن قيم التسامح والأخلاق التي يحرص عليها المسلمون بوجه عام تعد بمثابة بطاقة تعريفية لهوية دينية ثقافية رفيعة الشأن تعكس حياة تتميز بالأصالة والقوة والتميز، فالمواطنون والمقيمون يميلون في تواصلهم بتبادل مشاعر ومعايير يؤثر بعضها في بعض تأثيراً إيجابياً يبلور مواقفهم النفسية والوجدانية بغض النظر عن جنسياتهم وأديانهم، فقد وجد الفكر الأخلاقي عند المسلمين طريقه للتأثير على الفكر الأخلاقي على المستوى العالمي، ولا يزال هذا الفكر مسيطراً على سلوك المسلمين في الحاضر، ويعمل على صياغة حياتهم في المستقبل، ولم يكن الأمر كذلك إلا لكون هذا الفكر الإسلامي فكرا عالميا يعالج قضايا الحياة الإنسانية من منظور يسمو على النواحي القومية والعرقية والإقليمية

أمنيات

فيما يتعلق بأمنيات العام الجديد وبمناسبة شهر رمضان يقول مايور: لدي ثلاث أمنيات عادية وواحدة غير عقلانية وأتمنى بدايةً الصحة للجميع أن يهتموا بأنفسهم ويحافظوا على احترام الذات، ثانياً أتمنى من الحكومة أن تدفع أكثر باتجاه استخدام الحافلات العاملة بالطاقة الكهربائية، وثالثاً أن نلجأ إلى الطاقة المتجددة للاستهلاك اليومي مما يحمي الطبيعة ويحافظ عليها للمستقبل، وهو أفضل ما يمكن فعله في عام زايد وعام العطاء. أما بالنسبة للأمنية الغريبة فآمل أن تستمر الأجواء غير الحارة في دبي طوال العام.

Email