السويسرية ليندا ميريياو: مسؤولية «سيرج» العالميـة نحـو المجتمع تبدأ بكوب ماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

طوال 20 عاماً لم تتوقف الأميركية السويسرية ليندا ميريياو مديرة البرامج التعليمية بمنظمة «سيرج» العالمية عن التفكير في حلول ومشاريع عملية وأكثر فعالية لتحقيق أفضل مستويات الاستدامة في بلدان حاصرها الفقر من جهة والصراعات الداخلية والاقتصادية من جهة آخر، فطرقت كافة الأبواب بدأ من انخراطها في العمل ضمن فريق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العديد من الدول وصولاً إلى دبي، بحثا عن الدعم والمساندة وهي تحمل أطنان من الحقائق الكارثية عن المشكلات الصحية والاقتصادية طمست معالم الحياة الواعدة والمحملة بالأمل في كثير من بقاع الأرض، وباتت تحديات المسؤولية الاجتماعية ومشروعاتها التنموية، هدفاً سامياً للعطاء يبدأ بكوب ماء نظيف!

مشاريع المياه

وفي السياق تؤكد ليندا أن جهود «سيرج»، وهي منظمة عالمية غير ربحية لتمويل مشاريع المياه والصرف الصحي الآمنة المستدامة، وقد ساهمت منذ تأسيسها بتسهيل الحصول على المياه الصالحة للشرب عن طريق الحلول المستدامة لأكثر من 350 ألف شخص في 11 دولة حول العالم، وتهدف للتعاون مع الجهات الراعية للاستثمار في مشاريع المياه النظيفة المستدامة والمبتكرة، فضلاً عن العمل مع قادة المجتمع المحلي لتطوير حلول مستدامة في المناطق المحتاجة، وذلك من أجل تحقيق أهدافها وغاياتها ونجاح هذه المشاريع على المدى الطويل، وبالإضافة إلى ذلك تهتم المنظمة بضرورة تثقيف المجتمعات حول أهم الممارسات المتبعة لتوفير المياه النظيفة وأنظمة الصرف الصحي، وتسليط الضوء على أهمية تبادل المعلومات حول أزمة المياه العالمية لإظهار دور المبادرات المحلية في إحداث تأثير عالمي إيجابي.

جهود عالمية

وتضيف ليندا: نتملك العديد من التقارير والإحصائيات المثيرة للقلق حول أزمة المياه النقية ومشكلات الصرف الصحي، حيث يموت 2300 شخص يومياً بسبب نقص مياه الشرب ومشاكل الصرف الصحي. ويعاني ما يقرب من 663 مليون إنسان حول العالم من صعوبة الحصول على مياه الشرب، فيما يفتقر 2.4 مليار شخص لخدمات الصرف الصحي الجيدة. وبحلول عام 2025، سيعاني ثلثا العالم من مشاكل توفير المياه وذلك بسبب النمو السكاني وتغير المناخ، وفى ظل هذه التحديات عالمية، لا يمكن لمؤسسة بمفردها أو بلد بمفرده مواجهتها، فلا بد من التعاون العلمي الدولي كيما يجمع بين جميع الأطراف الفاعلة، مثل مؤسسات البحوث والجامعات، والسلطات الوطنية، ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، والروابط الوطنية أو الدولية. والفجوة بين العلم والمجتمع عميقة، وهناك حاجة إلى تعزيز التآزر الدولي بشأن البحوث العلمية، والتعاون الدولي لتوفير الحلول وإجراء التحولات من أجل تحقيق الأمن المائي.

برامج توعوية

وتقول ليندا: نقوم في الوقت الحالي بتقديم برامج تعليمية وتوعوية في دبي، كما سنقوم كذلك بتشجيع أفراد المجتمع على استخدام مياه الصنابير المفلترة للشرب للحد من الآثار السلبية على البيئة الناتجة من استهلاك عبوات المياه البلاستيكية، إلى جانب ورش تثقيفية لطلاب المدارس حول أهمية المياه والتحديات العالمية ذات الصلة حيث إن الفقر والموارد المائية قضيتان متلازمتان، مشيراً إلى أن عدد الأشخاص الذين يعيشون بأقل من 1025 دولاراً في اليوم يتوازى مع عدد الأشخاص المحرومين من مياه الشراب النظيفة معتبراً أن هذا الوضع له تأثير كبير على الصحة، 80 في المئة تقريباً من الأمراض في البلدان النامية تعود أسبابها إلى المياه وتؤدي إلى نحو ثلاثة ملايين حالة وفاة مبكرة سنوياً، ويبقى توفير المياه الصالحة للشرب مشكلة بالنسبة لعشرات الملايين من البشر في القارة السمراء، كما أن المائي لا زال يشكل واحداً من أبرز التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه المجتمعات والشعوب كلها في كوكبنا.

ثقافة العطاء

ومن جانب آخر تؤكد ليندا أن مبادرة «عام الخير» تستهدف تعميق ثقافة العطاء المجتمعي، سواء لدى مؤسسات القطاع الخاص لتؤدي دورها في خدمة الوطن، والمساهمة في مسيرته التنموية، أو فيما يتعلق بترسيخ روح التطوع لدى كل فئات المجتمع لتمكينها من تقديم خدمات حقيقية لمجتمع الإمارات والاستفادة من كفاءاتها في جميع المجالات، أو فيما يتعلق بترسيخ خدمة الوطن في الأجيال الجديدة كإحدى أهم سمات الشخصية الإماراتية لتكون خدمة الوطن رديفاً دائماً لحب الوطن الذي ترسخ عبر عقود في قلوب أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها كافة.

وتوضح ليندا أن الإمارات واحة للخير والعمل الإنساني، ويحسب لها أنها عملت منذ نشأتها على ترسيخ قيم ومضامين العمل التطوعي، وتجسدت روح العمل التطوعي في كافة المؤسسات والقطاعات، وأثمرت هذه القيم عن إيجاد نسيج متماسك يسوده التكافل والإيثار، والسعي في قضاء حوائج الآخرين ونجدة الملهوفين وإسعاد المحرومين. ولهذا فإن أحد الأهداف الرئيسية لمبادرة عام الخير تتمثل في ترسيخ روح التطوع وبرامج التطوع التخصصية لدى فئات المجتمع كافة، لتمكينها من تقديم خدمات حقيقية لمجتمع الإمارات، والاستفادة من كفاءاتها في المجالات كافة.

طقوس رمضان

وترى ليندا أن شهر رمضان المبارك هو مناسبة متجددة للعطاء والمحبة كما تعلمت وفهمت من أصدقائي المسلمين المواطنين والعرب، ويحمل بين طقوسه الدينية وتقاليده الكثير من الحكم الفلسفية والروحانية التي تتلخص في أن الصفاء هي المائدة الأُولى لهذا الشهر الكريم، فمن دون المحبة والنقاء يكون الإيمان خالياً من العطاء، ومع صفاء القلب ونقاء الصيام يتحقق الصفاء بجانب العطاء. شهر رمضان شهر الشفاء. لم يكن الصيام في السابق ديناً يُعتد به بل كان دواءً شافياً لكل الأمراض التي تصيب الإنسان، وعلى الرغم من أن الثقافة الإسلامية والعربية تنهي عن التفاخر بعمل الخير، إلا أنه يتعين على الشركات التي تقوم بالأعمال الخيرية الاستراتيجية أن تلتزم بالشفافية عند تنفيذ هذه الأنشطة من أجل توضيح ما تقوم به من أعمال وأسبابها وكيف يمكن إشراك الآخرين بها.

وترى ليندا أنه وفقاً للتعاليم التي نستقيها من شهر رمضان، ثمة شعور رائع في ممارسة الأعمال الخيرية والكريمة مع الآخرين، بدلاً من ممارستها بصورة منفردة، والذي ينتج عنه الإحساس الجماعي بعمل الخير والذي يرتبط بهذا الشهر من كل عام، إن العبارة التقليدية التي نتبادلها خلال شهر رمضان هي «رمضان كريم»، وليست هذه العبارة مجرد تهنئة بحلول الشهر المبارك فحسب، بل هي دعوة للعمل تغطي كافة جوانب حياتنا بما في ذلك مصالح أعمالنا. ومن هذا المنطلق، أدعو شركات المنطقة إلى استغلال هذا الوقت من كل عام لتحديث برامج الأعمال الخيرية القائمة لديها وبحث كيفية زيادة قيمتها خلال العام المقبل.

تحديات المياه

في 2017، قرّرت الأمم المتحدة أن تكون مدينة «دوربان» في جنوب أفريقيا، مركزها للاحتفاء بـ«اليوم العالمي للمياه». ومن «دوربان» أطلقت الأمم المتحدة تقريرها عن تنمية المياه في العالم 2017، الذى يؤكد ضرورة اعتبار الكميّات الهائلة من مياه الصرف الصحي الناجمة عن النشاطات الإنسانيّة المختلفة، مورداً ثميناً وليس مشكلة تنتظر حلاً. ويدعو إلى صحوة عالمية ونقلة نوعية في التعامل مع المياه وتنميتها عالميّاً، مع التشديد على شعار «مياه الصرف مورد غير مستغل».

2.6

مليار شخص يعيشون ‏بدون مرافق صرف صحي محسَّنة، والغالبية العظمى في آسيا وأفريقيا.

2.2

مليون طفل يمكن تجنب وفاتهم من خلال إدخال تحسينات في مجال توفير مياه الشرب.

80 %

نسبة الأمراض التي تتسبب بها أزمة المياه وتصيب الأطفال بشكل أساسي.

Email