زايد.. وكتاب «رياضة الصيد بالصقور»

ت + ت - الحجم الطبيعي

في هذا نسرد ما يمكن استخراجه من سجل الذكريات بكل ما هو مفيد في المجال الرياضي.. حيث كان رحمه الله رياضيا بالفطرة، يمارس من الرياضات ما يناسب ميوله العربية الأصيلة، وشخصيته الهادئة الرصينة.

نستكمل ما بدأناه بالأمس حول اهتمام المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، برياضة الصيد بالصقور لما لها من حُسن الخصال، وحرصه رحمه الله على ترسيخ ذلك عبر الأجيال.

وذكرنا أن الصقارين العرب اعتادوا صيد الصقور وتدريبها على الصيد، وهم في ذلك لهم باع كبير وتفرد في هذا المجال.

واليوم نستكمل مسيرته وسيرته العطرة في هذه الرياضة، حيث كان له رحمه الله في دروب البراري والمقانيص حكايات، تروى في التاريخ بمداد من الصفحات، عما يصيد، وكيف اصطاد؟

كانت رحلات الوالد المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ملحمية، تجسد حبه العميق للحضارة العربية والتعامل مع الصحراء على أنها منبع الخير ومصدر العطايا والسخاء.

وفي بواكير الأيام الخوالي، كان أسلوبه مع صقور الشواهين، دروسا تؤكد إلى أي مدى كانت بصيرته ثاقبة، ونظرته ذات أبعاد.

أدرك الوالد المؤسس أهمية هذه الرياضة لشباب الوطن، لاسيما الأجيال الجديدة، فلم يكتف فقط بممارستها أو ترسيخ الاهتمام بها، بل فضل توثيقها في كتاب، يضمن به نقاء الإرث وبقاءه في ازدياد.

وقد أرسى الشيخ زايد رحمه الله، منهجا رائعا في رحلات الصيد التي كان يقوم بها في أوقات الفراغ القليلة، في خضم مسؤولياته الكبيرة، حيث تعامل معها بجانب كونها رياضة وترويحا، على أنها فرصة للتفكير العميق وصفاء الذهن وتوطيد الصداقة مع الربع والأصدقاء.

ولعل رد سموه على أحد الصحفيين عندما تساءل: هل تذهبون كل عام في رحلات للقنص وهل هذه الرحلات للراحة؟.. فكانت كلماته رحمه الله، أبلغ مما قيل في هذا الخطاب.. إذ قال:

القنص لا راحة فيه، إنه يعلم الجلد والصبر وليس فيه رفاهية ولا ترفيه، وأنا أحب القنص لأنه يجمع بين الصغير والكبير.. وفي رحلة القنص نمر بأراض وصحارى شاسعة فيها من البشر ما لم نرهم، نسمع كلامهم ببساطة، ونختلط بهم، نعيش حياتهم، ونستفيد من حياة هؤلاء الذين يعيشون على الطبيعة.

اهتمام الوالد المؤسس ـ رحمه الله ـ برياضة الصيد والقنص تجلت حين ألف كتابا يعد مرجعا للباحثين عن مجمل الصيد والمقانيص،هو كتاب «رياضة الصيد بالصقور».. إذ يقول في مقدمته:

"في رحلات الصيد التي أقوم بها مع صحبتي من القوم والعشيرة والتي تضم أصحاب الهواية، وفي جلساتنا العربية، في أوقات الفراغ القليلة التي أحظى بها وسط زحام مسؤولية الحكم ومهام الدولة كانت تدور بيننا أحاديث عن الصيد وروايات مختلفة عن الطيور، الصائد منها والمصيد.

وفي أحيان كثيرة يأتي نفر من الناس يسألون عن فن الصيد وأساليبه ومجمل آدابه ومعانيه.

وكثير من الشباب كان يحضر لي بعض المؤلفات التي كتبت عن الصيد، منها مخطوطات قديمة مضى عليها مئات السنين، والبعض الآخر لمؤلفات حديثه ولكنه مليء بالأغلاط المطبعية مما يجعل الإفادة منه عديمة الجدوى.

ويستكمل رحمه الله بقوله: لقد طلب البعض من أهل العشيرة ورفقاء الهواية، وضع كتاب عن الصيد (بالصقر) وهي الرياضة المحببة عند أهل الجزيرة العربية منذ عصر الجاهلية، ثم تعاقبت عليهم جيلا بعد جيل، وما زالت حتى اليوم تمثل الصدارة في مقدمة الرياضات العربية الأصيلة التي يمارسها أهل المنطقة، ورغم كثرة المشاغل في سبيل بناء دولتنا الفتية عقدت العزم على تحقيق هذه الأمنية، حتى أذن الله ويسر فكانت هذه (الدراسة) عن رياضتنا الأولى في دولة الإمارات، والتي أرجو أن أسد بها فراغا في المكتبة العربية لمن يريد الوقوف على حقيقة تاريخ هذه الرياضة العريقة والتعرف على آدابها وأصولها.

ومن يريد معرفة مدى تعلق أهل (البادية) بحب هذه الرياضة النافعة، وأنا في أثناء إعدادي لهذه الدراسة لم أعتمد على ما كتب من قبل في هذا الموضوع فحسب، بل اعتمدت على جانب ذلك على ما رأيته بعيني ومارسته بنفسي وقد حاولت أن أستعيد ذاكرتي وأعود بها إلى الوراء منذ أيام صباي الأولى، فهناك أشياء كثيرة استخلصتها من تجاربي بكل أنواع (القنص) هي التي جعلتني أحب هذه الرياضة وأفضلها على غيرها من أنواع الصيد الأخرى.

إنه زايد الخير الذي اهتم بكل ماهو جديد وحافظ على إرث الأجداد للأبناء.

تجارب

يقول الوالد المؤسس رحمه الله حول تأليف كتابه عن رياضة الصيد بالصقور ان هناك أشياء كثيرة استخلصها من تجاربه بكل أنواع القنص جعلته يحب هذه الرياضة ويفضلها على غيرها من أنواع الصيد الأخرى.

Email