زايد .. استنهض صيد القفار والصقر كان الشعار

الشيخ زايد طيب الله ثراه في احدى رحلات الصيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

من قلب الصحارى، جاء..

وفي يده.

حفنة من رمال الأرض..

وغصن من أغصان الأمل.

يستنهض حلماً وليداً.. ويستنفر في النفوس الهمم

كي يصنع وطنا.

يسابق به الأيام، وتتحاكى عنه الأمم

جاء بقلب ينبض حباً، يشيّد كياناً متيناً، بلبنات القيم.

أسطورة من أساطير الزمن.. كان ومازال بسيرته ومسيرته شيخاً وحكيماً للعرب..

أيقظ روابط الأرحام، وألف بين القلوب، فأقام دولة، تحتضن الجميع، وتعلو فوق هامات القمم.

على ضفاف بلا أنهار غرس الشجر.. فأورقت في تحدٍ، مسافات الثمر.

إنه الوالد المؤسس لدولة الإمارات.. المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أدرك مبكراً أهمية بناء الإنسان في كل الجوانب بما فيها الرياضة، ففتح أمام الشباب العديد من الأبواب.

 

في هذا نسرد ما يمكن استخراجه من سجل الذكريات بكل ما هو مفيد في المجال الرياضي، حيث كان، رحمه الله، رياضياً بالفطرة، يمارس من الرياضات ما يتناسب مع ميوله العربية الأصيلة، وشخصيته الهادئة الرصينة.

شجّع سموه الألعاب الشعبية الوطنية لأنها تُعبر عن روح الشعب ووجدانه وعاداته وتقاليده ونمط حياته، ولهذا حظيت سباقات الخيل والهجن والقنص باهتمامه، لارتباطها الوثيق بالماضي المجيد، وظهر ذلك في حرص سموه على تنظيم هذه السباقات وحضورها وتشجيعها وتمجيد أبطالها.

ولعل «المقانيص» تأتي ضمن أولوية الرياضات التي دأب، طيب الله ثراه، على ممارستها، حيث كان يشعر فيها ومعها بامتداد إرث الأجداد، وقد اعتاد أن يخرج إلى البر ليصطاد، في حكايات تروى، ومع قصصها تنشرح الروح، ويبتهج الفؤاد.

وقد جاء اهتمامه، رحمه الله، بهذه الرياضة، امتداداً طبيعياً لماضٍ عريق، إلى جانب توافق طقوسها وجدانياً مع نشأته، وارتباطها بطبيعته الهادئة، وعمق تفكيره، ورصانة شخصيته، لا سيما أن فن «المقانيص» من أشهر أنواع الرياضات التي مارسها العرب، فهم أول من عرفوها وطوّروها، وإلى غيرهم نقلوها ونشروها، وسجلوا ذلك في قصائدهم التي دوّنوها حين امتدحوها.

ولعزة نفس هذا الطائر الجسور وعينه البصيرة الحادة، وقوته الخارقة، وخصاله المحمودة، كانت له في أيامهم أمثالٌ ضربوها.

وقد برع أهل الإمارات، منذ قدم الزمن وحتى الآن، في ترويض الصقور وتدريبها، وأصبح ذلك إرثاً للأجيال يتوارثونها.

لهذا استنهضت ملاحم الوالد المؤسس، رحمه الله، الصيد في القفار، واتخاذه في 9 ديسمبر 1971، هذا الطائر «شعاراً» بعد أن صممته الفنانة ظبية خميس، وكان رسمها توصيفاً لولع الإماراتيين بالطيور التي عشقوها.

وامتد التمثيل التراثي للصقّارة حتى أصبح الصقر من الرموز الوطنية المصورة على الأوراق النقدية والشعارات الرسمية، تأكيداً على مكانة هذه الرياضة في ثقافة البلاد وتاريخها، وللأجيال يتعقبونها.

وبحب الوالد المؤسس لها، أضحت الصقور من الطيور المحظوظة، حيث اهتم بها، رحمه الله، بشكل يؤكد حفاظه على إرث الآباء والأجداد، ووضح ذلك من خلال إقامة أول مؤتمر دولي للصيد بالصقور في أبو ظبي عام 1976، حضره حشد كبير ونخبة من علماء التاريخ والأطباء المتخصصين في الطيور وتربيتها، وعلماء المتاحف لبحث كيفية تطوير هذه الرياضة والحفاظ على الصقور ومعالجتها وإثراء قوانينها وتقاليدها، وتبادل الخبرات في كل ما يتعلق بالصيد بالصقور.

وفي ظل اهتمامه بها، رحمه الله، تبنت الإمارات الكثير من المبادرات لحماية الصقور والطرائد الرئيسة المهددة بالانقراض، مثل برنامج الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لإطلاق الصقور، ويهدف إلى إعادة الصقور إلى بيئتها في مواطن تكاثرها الطبيعية وإتاحة الفرصة لها للتكاثر واستكمال دورة حياتها، بما يسهم في دعمها والحفاظ على استمرارية هذه الرياضة التي تُشعر ممارسيها بالبهجة والسرور.

ومن خلال اهتمامه، طيب الله ثراه، جاءت فكرة إنشاء نادي صقاري الإمارات 2001، ويعد الأول من نوعه في العالم العربي، لنشر أخلاقيات هذه الرياضة القديمة.

وعلى درب القائد المؤسس، طيب الله ثراه، قادت الإمارات مبادرة من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، في إطار سعيها لصون الصقارة وتشجيع مبدأ الصيد المستدام، بإعلان منظمة «اليونسكو» في نوفمبر 2010 عن تسجيل ملف الصقارة كتراث إنساني بما فيه من علم وثقافات.

2011

تكريماً لدور الإمارات اختيرت كـ«ضيف الشرف الأول» في الجمعية العمومية الثامنة والخمسين للمجلس العالمي للحفاظ على الصيد والحياة البرية في سان بطرسبرغ بروسيا 2011.

Email