زايد.. سبق عصره مع الشباب

ت + ت - الحجم الطبيعي

من قلب الصحارى، جاء..

وفي يده.

حفنة من رمال الأرض..

وغصن من أغصان الأمل.

يستنهض حلماً وليداً.. ويستنفر في النفوس الهمم

كي يصنع وطنا.

يسابق به الأيام، وتتحاكى عنه الأمم

جاء بقلب ينبض حباً، يشيّد كياناً متيناً، بلبنات القيم.

أسطورة من أساطير الزمن.. كان ومازال بسيرته ومسيرته شيخاً وحكيماً للعرب..

أيقظ روابط الأرحام، وألف بين القلوب، فأقام دولة، تحتضن الجميع، وتعلو فوق هامات القمم.

على ضفاف بلا أنهار غرس الشجر.. فأورقت في تحدٍ، مسافات الثمر.

إنه الوالد المؤسس لدولة الإمارات.. المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أدرك مبكراً أهمية بناء الإنسان في كل الجوانب بما فيها الرياضة، ففتح أمام الشباب العديد من الأبواب.

وفي هذا نسرد ما يمكن استخراجه من سجل الذكريات بكل ما هو مفيد في المجال الرياضي.. حيث كان رحمه الله رياضيا بالفطرة، يمارس من الرياضات ما يناسب ميوله العربية الأصيلة، وشخصيته الهادئة الرصينة.

اهتم الوالد المؤسس طيب الله ثراه عقب تأسيس الدولة بالشباب، لا سيما العناصر المثقفة منه في مختلف المجالات بما فيها الرياضي، وكان رحمه الله يدرك أن هذه الفئة من الشعب هي القوة الفعالة لصناعة مستقبل الوطن، وأنها خلقت لزمانها وأدرى بما فيه من متغيرات.. لذلك كان اهتمامه بها بالغ الأهمية، بل كان من حكمته أن يريهم حبه للرياضة عندما مارس العديد من الرياضات، ومنها البلياردو وكرة الريشة الطائرة، متماشيا مع روح الشباب، ولعل ما قاله في هذا الصدد يعد درساً في التربية الحديثة، مما يؤكد أنه رحمه الله سبق عصره في التعامل مع الأجيال القادمة. إذ يقول:

«حينما نتكلم عن الشباب، ومع الشباب، فيجب أن نتكلم باللغة التي يفهمونها، حتى تصل المعاني إلى عقولهم ووجدانهم، ويجب أن نتحاور معهم بروح العصر، ولا نفرض عليهم رأياً أو موقفاً بغير اقتناع منهم، ولا نتصور أن هذا الجيل نسخة طبق الأصل من أجيال سابقة، فكل جيل له سماته وطبيعته وتفكيره، وما كان مقبولاً في جيل ما قبل البترول لا يصلح مائة في المائة للجيل الحاضر.

ولا بد أن نعترف بأن هناك أفكاراً متصارعة في أعماقهم، وواجبنا أن نفتح عيونهم على الخطأ والصواب، وأن تتسع صدورنا لآمال الشباب وطموحاتهم.»

بهذه الكلمات وصف الوالد المؤسس رحمه الله حالة الاختلاف الدائم بين كل جيل وما يليه، ووضع الحل الأمثل في تفهم الآباء لفكر الأبناء حتى يسايروهم ولا يقفوا أمام أحلامهم.

لذلك، كان تركيزه -رحمه الله- في السنوات الأولى للمسيرة على استنفار طاقات الشباب لصالح الوطن، وكان يرد على من يتخوف من قلة خبرتهم بقوله:

«الشباب لا ينقصه الحماسة، وما دام متحمساً ومؤمناً بوطنه فإنه قادر على استيعاب كل جديد، واكتساب الخبرة، ولقد كانت تجربتنا في هذا الميدان ناجحة، وكل ما ترونه الآن في دولة الإمارات هو أولاً من صنع أبنائها، ونحن نسعى جادين إلى تدريب أبنائنا وتعليمهم، ولن يمضي وقت طويل قبل أن يتم ذلك».

وقد حرص رحمه الله على الالتقاء دوما بأبنائه من شباب الوطن، وكان يحرص على بث الأمل في نفوسهم، ويتحاور معهم ويستمع اليهم، لا سيما الرياضيين الذين يمثلون الإمارات في المحافل الرياضية الدولية، لذلك كان اهتمامه جليا بتوفير الأجواء لممارسة الرياضة فانتشرت دور الشباب والرياضة وأسس مدينة زايد في 1974 وافتتحت 1980، بجانب تشييد عدد من الأندية على نفقته في كل أنحاء الإمارات لاستقطاب الشباب، كما كان لمكارمه وهباته دور كبير في تطور الأندية والاتحادات، وانتشرت في المدارس مختلف الألعاب، بجانب الاهتمام بفرق الكشافة والمرشدات.

ومع كل اهتمامه بالرياضة، إلا أنه كان يرى، أن من الخطأ، أن تتحول الرياضة إلى كل شيء في حياة الشباب، وفي تربيته وتنشئته، أو أن تكون على حساب جوانب تربوية وتثقيفية أخرى اكثر أهمية وقيمة في تحديد مستقبل الشباب ومستقبل الأمة.

ومما يؤكد اهتمام الشيخ زايد رحمه الله بالشباب ما ذكره في خطابه يوم 20 نوفمبر 1972، حيث قال: «أولت الدولة اهتماما برعاية الشباب فأنشأت وزارة خاصة للشباب والرياضة تتولى وضع السياسات العامة لتوجيه ورعاية الشباب وإرشاده إلى ما يرفع مستواه ويقوي روحه الوطنية، وإنشاء الأندية والجمعيات والاتحادات الرياضية وتشجيع الشباب للالتحاق بهم وتنظيم وشغل أوقات الفراغ، ووضع البرامج المحققة لذلك، بالإضافة إلى تدعيم أنشطة رعاية الشباب في الإمارات وتنظيم الاشتراك في المؤتمرات والدورات الرياضية العربية والدولية».

من هنا، ومن هذه الكلمات، بدأت تتحقق أفكار زايد لشباب الوطن.

«الشباب هو الثروة الحقيقية.. وهو درع الأمة.. وسيفها والسياج الذي يحميها من أطماع الطامعين».

الشيخ زايد رحمه الله

 

Email