حظيت مهنة الصيد بعناية خاصة من السكان الإماراتيين على الساحل، فهي المهنة التي أغدقت عليهم الخير الوفير، وقد شقوا طريقهم بعصامية باحثين عن الأسماك في قاع البحار وعلى الشاطئ وفي عرض البحر، عبر ابتكارات وطرق مختلفة من أجل الحصول على رزقهم من الماء، في مصائد كبيرة الحجم وأخرى صغيرة وسنارات صيد متواضعة، وبأساليب كثيرة عكف الأجداد على استخدامها للحصول على لقمة العيش «لحماً طرياً» بعبقرية الحاجة.

ويحتاج الصيد إلى اختيار دقيق للوقت، إذ عرف في بعض المواسم أن البحر يكون خلالها ثرياً بالأسماك، فيما تفتقر مواسم أخرى للسمك كما يقول أهل البحر.

«القراقير» و«الدوباية»

من الوسائل القديمة التي استعملها المواطنون في صيد الأسماك «القراقير»، وهي عبارة عن أقفاص صيد بيضاوية الشكل تُصنع من الأسلاك وسعف النخيل والحطب، طولها يبدأ من نصف متر ويصل إلى مترين، وأكبرها حجماً يُطلق عليها «الدوباية»، وتحتوي على فوهة خرطومية الشكل من الجانب، تدخل من خلالها الأسماك، ثم يصعب خروجها.

ويُفضل رمي «القراقير» على الشعاب المرجانية والصخور في القاع وسط المياه الضحلة لفترة قد تستغرق أياماً، وغالباً ما يكون الطُعم في الداخل قطعاً من سمك السردين.

وتُعد الليالي القمرية أفضل الأوقات لصيد السمك، وفيها يفضل الكثيرون الصيد باستخدام «الألياخ» أو «الغزول»، وهي الشباك المصنوعة من الخيوط القطنية المستوردة الآن، وفي السابق استخدم الناس خيطاً قطنياً لا يؤذي اليد، ويتحمل وزن الأسماك الثقيلة، ويعلق على أطراف هذه الشبكة قطع من الأحجار في الغالب.

ومن الأنواع الأخرى المستخدمة في الصيد «الحداق»، الذي يكون بجر الأسماك بواسطة خيط يُصنع محلياً من القطن باستخدام «الميدار» وهو عبارة عن خطاف أو سهم حاد صغير الحجم يُذيّل به الخيط، وفي نهاية الخيط من الأمام يُوضع الطعم على ثقل أمامي حاد، لصيد أسماك الهامور والشعري والكنعد وأنواع أخرى. وكان في السابق اصطياد السمك لا يحتاج إلى السير في عرض البحر كثيراً خلافاً للواقع اليوم.

ويحرص الصيادون على صيد أسماك الشعري بواسطة «الحداق» قبل دخول فصل الشتاء البارد، وهي من الأسماك التي يُفضل وضع قطع الربيان طعماً لها. و«الحداق» حاجز ملتوٍ أو مصيدة دائرية الشكل مصنوعة من جريد النخل أو القصب، أو الأسلاك المعدنية كما هو دارج مؤخراً، وتعد الخيران والمواقع البحرية الأخرى المحاذية والقريبة من الشاطئ، أو الأماكن التي تنحسر فيها المياه، أماكن مناسبة لهذا الصيد، والوقت الأمثل لاصطياد الأسماك يكون عند حركة المياه إلى الأمام «المد»، وبعد انحسار المياه يأتي الصيادون لجمع الأسماك المحبوسة في عمق الحضرة.