زايد.. ملامح قوية ذكية وأسلوب هادئ بارع

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

زار الإمارات عدد لا بأس به من الرحالة الأجانب، ومن أبرزهم: هيرمان بورخارت، ويلفريد ثيسنجر، صموئيل مارينوس زويمر، العقيد أس. بي. مايلز، والسير برسي كوكس وغيرهم.

وجميع هؤلاء الرحالة الأجانب يؤكدون - وعلى اختلاف جنسياتهم، واختلاف فترات قدومهم إلى هذه البقعة من الجغرافيا، يؤكدون في أحاديثهم ويوثقون الصفات القيادية للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد، فهو من اتصف بالصبر والحكمة والنظرة البعيدة وقوة التحمل. وليخرجوا بأبرز وأهم المذكرات الشخصية والصور التاريخية الفريدة والنادرة.

 

يجلس الجميع في مجلس الشيخ طبقاً لمناصبهم ومواقعهم، ولكن حتى أفقر الحضور تصرف بصورة تخلو من أي ذل أو خنوع.

يؤكد الرحالة الأجانب على اختلاف جنسياتهم في أحاديثهم الصفات القيادية للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد، وهو من اتصف بالصبر والحكمة والنظرة البعيدة وقوة التحمل.

المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان قد منح مبارك بن لندن وساماً تقديراً لجهوده الثمينة في اكتشاف المناطق العربية.

 

بورخارت والإمارات قبل النفط

وصل هيرمان بورخارت إلى أبوظبي في 4 فبراير 1904. وسرعان ما قدم وصفاً عاماً للإمارة، لكنه سرعان أيضاً ما انتقل إلى الوصف الخاص، فيقول كما جاء في كتاب «رحالة وسياسيون زاروا الإمارات والخليج قبل النفط»، تأليف د. محمد فارس الفارس، «تم نقلي إلى أكواخ مصنوعة من سعف النخيل خارج البلدة، حيث هناك يوجد مجلس الشيخ أحمد بن محمد». وهنا يقصد الشيخ زايد بن خليفة، الذي حكم خلال الفترة من 1855 إلى 1909.

ويعطي صورة وصفية للشيخ زايد بقوله: «بدا الشيخ وهو رجل مهيب، بهي الطلعة، ومعه أشياء كبيرة، وسلمته رسالة توصية من قطر، وسألني أسئلة عدة اعتيادية.

وقام الحضور بعرض قضاياهم التي جاؤوا من أجلها، وتوجد هنا طقوس حقيقية، فكل شخص يحيي الشيخ أولاً، وبعد ذلك يجلس الجميع طبقاً لمناصبهم ومواقعهم، ولكن حتى أفقر الحضور تصرف بصورة تخلو من أي ذل أو خنوع. وبعد نحو ساعتين انتهى المجلس، وتم إحضار طعام جيد، وبعد ذلك أدخلت إلى الكوخ باعتباره مقر سكني، وأذكر الأيام الستة التي قضيتها في ضيافة الشيخ حيث تم الاعتناء بي بصورة جيدة».

وأقام هناك ستة أيام كضيف على الشيخ زايد بن خليفة. إن أول الأشياء التي أثارت اهتمام بورخارت أنه على طول الساحل تطورت مراكز تجارية مهمة، وقامت التجارة في جو يسوده الأمن. وبعد نزوله إلى أرض أبوظبي، أخذوه إلى كوخ مصنوع من سعف النخيل خارج المدينة، حيث تم فرش سجادة كبيرة للشيخ ليعقد مجلسه.

 

زايد بن خليفة المسن الجليل

وصف بورخارت الشيخ زايد بن خليفة بأنه رجل مسن جليل، وشخصيته بارزة، حيث وصل وفي معيته حاشية كبيرة، فقدم له بورخارت القادم من قطر خطاب توصية من شيخ قطر. واستمر المجلس لمدة ساعتين، تم بعدها قدمت وجبة طيبة انشرح لها صدر الحاضرين.

ويؤكد الرحالة أن الشيخ زايد أصبح أقوى شيوخ الساحل أوائل السبعينات من القرن التاسع عشر. كما بيّن أن تصرفات الشيخ زايد بن خليفة كانت إنسانية إزاء المستخْدَمين. ويتطرق إلى الأمان الذي كان ينعم به سكان المنطقة في تلك الفترة قياساً ببلاد فارس.

وتمكن الرحالة بورخارت أن يكتشف المناطق الداخلية في الإمارات، لكن عوائق حالت دون ذلك. ثم يقول: «ونظراً إلى أن السفينة التي أحضرتني من قطر سترجع عن طريق دبي، ركبت بها مرة ثانية».

 

ويلفريد ثيسنغر واصفاً زايد بن سلطان

توغل في أعماق تاريخ العين من خلال زيارة قلاعها، توجه أولاً إلى قلعة الجاهلي المذهلة، التي شهدت مولد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأرخ الرحالة ويلفريد ثيسيجر ذلك المكان بالتقاط بعض الصور النادرة، ومنها أيضاً أعرق القلاع في العين وهي قلعة «المريجب» التي يعود تاريخ بنائها إلى عام 1816، ما يجعلها أقدم القلاع التاريخية في مدينة العين.

وأشار ثيسيجر إلى أن أول اجتماع له مع الشيخ زايد كان في عام 1948 في المقطع الشهير من رائعته «الرمال العربية»: «لقد كان رجلاً قوي البنية، بملامح قوية وذكية، وبعينين ثابتتين. وكان أسلوبه هادئاً وبارعاً».

وقد تمكن مبارك بن لندن، حيث أصبح اسم ويلفريد، من التقاط هذا الكم من الصور بوساطة كاميرا واحدة من نوع «لايكا 2» التي لازمته منذ عام 1934 حتى عام 1959 وهنا استبدلها بكاميرا أخرى من نوع «لايكافليكس»، والطريف أن هذا العملاق المتجول، لم يستخدم في حياته فلاش الكاميرا، كما أنه لم يتعامل مع الأفلام الملونة قط، وذلك لقناعته بالقدرات التعبيرية لأفلام الأبيض والأسود، بوصفها قادرة على إتاحة تباينات غير متوقعة لكل مشهد يتم تصويره تبعاً لدرجة الإضاءة المتاحة في المكان.

كما ذكر أن ابن لندن كان وحده من يحدد مسألة التصوير، وكان يختار المكان والوقت والجهة، وحقيقة لا أدري سبب اهتمامه بأماكن معينة من دون غيرها، ونحن كنا نفعل ما يريده وفي أي مكان يقف، أو عليه كنا نصوره.. وكان يعجبه.

وأشار بن غبيشة، أحد مرافقي ثيسنجر أو مبارك بن لندن كما أطلق عليه البدو، إلى أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان قد منح مبارك بن لندن وساماً تقديراً لجهوده الثمينة في اكتشاف المناطق العربية.

 

 

رحالة أميركي يشيد بسجايا زايد الأول

 

 

 

في كتابه «رحلات متعرجة في بلاد الإبل»، يكشف الرحالة والباحث الأميركي صموئيل مارينوس زويمر؛ أن ما دفعــه لزيارة أبوظبــي 3 مرات كــان إعجابه بالشيخ زايـد بن خليفة آل نهـيان «الشيــخ زايد الكبير». وجــال الرحال زويمر خلال الفترة 1891-1905 بين البصرة والبحريــن ومسقــط وأماكن أخــرى مــن الجزيـرة العربيــة، وفي أثناء رحلته هذه، وصــل لأبوظبــي للمرة الأولى يوم 14 فبراير 1891، وذكر بكل إعجاب واحترام حاكمها الشيــخ زايد بن خليفة آل نهيان «الشيــخ زايد الكبير».

ثم عــاود زيارتــه لأبوظبي للمرة الثانية خلال شهر مايو من العام نفسه قادماً من البحرين، حيـث توجه حينها على متن بعير إلى ساحل عمان الشرقي، ثم مسقط وقد اجتــاز بالبر الداخلـــي لأبوظبــي الظفرة والعيــن وواحة البريمي ثم الساحل. وكانت من أطول رحلاته البرية على الإطلاق، حيث قطــع مسافة 300 ميل، وهنا يكرر إعجابه بحاكم أبوظبي وسكانها فيقول: «وجدنــا العــرب هناك يحبون الضيوف كثيراً وسارعــوا فوراً لاستقبالنا».

 

إعجاباً بالسجايا كرر زياراته

أما رحلته الثالثة إلى أبوظبي، فكانت في عام 1902 التي يذكرها في مقالة له تضم أقدم صور معروفة لقصر الحصن في أبوظبي «مؤرخة بـ 1902»، أي قبل صور الرحالة الألماني هرمان بورخارت بسنتين، والــذي تم نشر رحلته كذلك ضمن سلسلة رواد المشرق العربي.

وكان زويمر قد قام خلال عامي 1900- 1901م بثــلاث رحلات في الإمارات وشمال عمان، أخذته الرحلة الأولى براً من الشارقة إلى شناص وصحار على ساحل الباطنة العماني، والثانية عن طريق البحر من أبوظبي إلى الشارقة. أما الرحلة الثالثة فقد سافر فيها براً من أبوظبــي إلى صحار عن طريق العين.

وقد أشاد زويمر كثيراً بحسن ضيافة الأهالي وما يتمتعون به من تسامح، ثم واصل مسيرته بعد ذلك حتى وصل إلى شاطئ الباطنة على خليج عمان، وحسب ما أنفقه هو ورفاقه فكان جمله ذلك (95) دولاراً أميركياً. رحلة زويمر لواحة العين أعقبت رحلة مايلــز بنحو ربع قــرن. إن ما دفع الرحالة لزيارة أبوظبي 3 مرات كان إعجابه بها، وبسجايــا الشيــخ زايد الكبير، حيــث لم يزر أيــاً من بلدان المنطقة 3 مرات خلال سنوات سوى أبوظبي.

 

 

العقيد أس. بي. مايلز والسير برسي كوكس

 

 

 

قام العقيد أس بي مايلز، المعتمد السياسي البريطاني في مسقط في شهر نوفمبر من عام 1875م بزيارة لواحة العين، وكتب عن مشاهداته في الواحة يقول: «يمتلك بنو ياس قرى الجيمي والقطارة وهيلي ووادي المسعودي في البريمي، ويمثل بنو ياس القبيلة الرئيسية من بني هناة، وزايد بن خليفة هو الشيخ الأكبر لهذه القبيلة، وهو رجل يتميز بقوة الشخصية، بل لعله الرجل الوحيد الذي يملك سلطة وسيطرة». كما سافر النقيب بي. كوكس الذي أصبح فيما بعد السير برسي كوكس إلى البريمي والظاهرة من الساحل المتصالح في عام 1902 عندما كان معتمداً سياسياً في مسقط.

وذكر كوكس في يوميات رحلته تلك؛ أن الشيخ زايد بن خليفة (زايد الأول الكبير) أصر على أن أسافر كضيف عليه إلى عبري، التي أصبح بعدها ضيفاً على حاكم مسقط. ووجد كوكس إبان رحلته أن نفوذ الشيخ زايد بن خليفة أكبر بكثير في منطقة الظاهرة من نفوذ غيره، ورأى في الشيخ زايد بن خليفة رجل سلام يعتد به. عاد كوكس بعد ثلاث سنوات وكان وكيلاً للمقيم البريطاني العام في الخليج إلى زيارة البريمي.

ولعل من فوائد زيارة كوكس لأبوظبي وواحة العين (1902) لدى وصوله واستقبال زايد الأول له استقبالاً حاراً كما ذكر، وإقامته في بيت الضيافة العربي، أن تحولت زيارة المندوب البريطاني كوكس آنذاك إلى حادثة غير عادية، حيث أقام شيخ أبوظبي عرضاً خاصاً للفروسية، وقد سجلت هذه المناسبة في الصور الفوتوغرافية الخالدة التي التقطها.

ويؤكد الرحالة الأجانب على اختلاف جنسياتهم على الصفات القيادية للشيخ زايد، منها تحليه بالصبر والحكمة والنظرة البعيدة وقوة التحمل.

Email