نهاية دولة المرابطين في الأندلس

ت + ت - الحجم الطبيعي

في 18 رمضان عام 539هـ، كانت نهاية دولة المرابطين في الأندلس، وقيام دولة الموحدين، فعندما اشتد الصراع بين (المرابطين) بقيادة تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين والموحدين - بقيادة عبد المؤمن بن علي- حصل قتال ومطاردة بين الجيشين، وقتل تاشفين بعد أن هوى من فوق الصخرة، فكان هذا الحادث هو نهاية دولة المرابطين في المغرب، علمًا بأن المرابطين ولوا بعد تاشفين أخاه إسحاق الذي لم يكن له أي أثر في التاريخ فيما بعد.

قامت دولة المرابطين بعد الانتصار الساحق للمسلمين في دولة الأندلس على الصليبيين في معركة الزلاقة، وكان سبب قيامها ما وقع فيه حكام الأندلس من الترف والمتعة والاغترار بالدنيا، ما أطمع فيهم عدوهم وجعلهم لقمة سائغة في فم كل جائع.

ولكن السنن تسير على المرابطين أيضاً سيرها على ملوك الطوائف، فما كان لدولة أن يخبو ضوؤها وتسقط في هوي السقوط والانكسار إلا لأسباب.

دولة المرابطين كدورة طبيعية من دورات التاريخ، كان لها مرحلة التأسيس ثم القوة والتمكين ثم الضعف والسقوط، وقد أجمل الباحثون في التاريخ كالسرجاني والدكتور علي الصلابي سقوط دولتهم إلى عدة أسباب منها:

فتنة الدنيا

حيث لم يستطع المرابطون، رغم عدم توقُّف الجهاد، أن يقاوموا بهاء الأندلس وترفها، ومع قوة شكيمة علي بن يوسف بن تاشفين، الذي كان له مع النصارى أكثر من موقعة، إلاَّ أن المرابطين دارت عليهم السنن، ولم يبقوا على عهد صاحبهم المؤسس يوسف بن تاشفين، ففُتنوا بالدنيا، وغرتهم بهجة الأندلس.

إهمال البناء

أخطأ المرابطون خطأ فادحاً عندما اعتنوا بالجهاد وركزوا عليه، وأهملوا البناء الحضاري والإدارة السياسية للبلاد، وبذلك رجحت عندهم كفة على أخرى. شُغلوا بالأمور الخارجية عن الأمور الداخلية، والإسلام بطبيعته دين متوازن، ونظام شامل لا يُغَلِّب جانبًا على جانب، وقد عرف الإسلام قادة أفذاذاً وازنوا بين الجهاد والفتوحات وبين الحكم والسياسة والبناء، أمثال ركن الدين بيبرس، الذي أقام دولة متكاملة في نواحي العلم والجهاد، والاقتصاد والقانون، والعمران والعبادة؛ حيث الدولة التي تسدُّ حاجات الروح والجسد، فسادت وتمكَّنَتْ وظلَّت حينًا من الدهر.

ومثلها -أيضًا- كانت بداية دولة المرابطين وإقامة الجماعة المتوازنة على يد الشيخ عبد الله بن ياسين، تلك التي اهتم في قيامها بكل جوانب الحياة وعوامل ومقومات الدولة المتكاملة، التي تعطي كل جانب من مقوِّماتها قدرًا مناسبًا من الجهد والوقت والعمل، فتعلَّمُوا أن يكونوا فرسانًا مجاهدين، ورهبانًا عابدين، كما تعلَّمُوا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أن يكونوا سياسيين بارعين، ومتعاونين على منهج صحيح من الإسلام وأصوله، لكن أن يُوَجِّه المسلمون كل طاقاتهم إلى الجهاد في سبيل الله في سَنَة 500هـ وما بعدها، ثم يتركوا أمور السياسة الداخلية وتثقيف الناس وتعليمهم أمور دينهم، فتلك هي قاصمة الظهر.

رحلوا وبقيت آثارهم

رحل المرابطون ولكن آثارهم بقيت للعيان على مر العصور، لتكون للأجيال المتعاقبة دلائل على حقبة زمنية بالغة الأهمية في تاريخ الأندلس والإسلام عموماً. ومن هذه الآثار:

جامع القرويين:

من أهم المساجد الجامعة في بلاد المغرب وأكثرها شهرة؛ لكونه جامعة إسلامية عريقة ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، وكانت هذه الجامعة تقارع الأزهر الشريف في العلم وتخريج الدعاة والعلماء والفقهاء.

وقد تخرَّجتْ في جامع القرويين على مرِّ العصور أفواج عديدة من الفقهاء والعلماء ودعاة الشريعة والمُجَاهِدين والقادة العظام، وكان له عند المرابطين مكانة عظيمة في نفوسهم.

المسجد الجامع بتلمسان:

وكان مقرًّا لنشر علوم الإسلام وتربية المسلمين على معاني القرآن، وتم بناء هذا المسجد عام 530هـ في إمارة علي بن يوسف، وكانت هندسته المعمارية في غاية الجمال ودقة الإتقان.

الآثار الحربية

اهتم المرابطون بالحصون والقلاع، التي تدل على أن فنَّ العمارة في زمان دولة المرابطين تأثر كثيراً بفنِّ العمارة الأندلسي، ومن أروع آثار المرابطين الحضارية الحربية أسوار مراكش.

ومن أشهر الأسوار التي بنيت أو أعيد ترميمها في الأندلس، أسوار قرطبة التي امتازت بأبراجها المستطيلة الضخمة المتقاربة، وأسوار إشبيلية من جهة نهر الوادي الكبير. ومن أشهر قلاع المرابطين في الأندلس قلعة منتقوط التي تقع على بساتين مرسية.

Email