«الحاكم الفيلسوف».. منهج حكيم لقائد متفرد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يسرد كتاب «الشيخ زايد الحاكم الفيسلوف»، لمؤلفه صلاح أبو السعود، جملة من المميزات الكثيرة التي اتسمت بها شخصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. إذ يقول المؤلف : ما زلت أذكر جيداً أول موقف استرعى انتباهي، وجعلني مرتبطاً أيما ارتباط بالشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان ذلك وأنا في سن الطفولة على صفحات مجلة «ماجد»، وهي مجلة أعتبرها من أقيم مجلات الأطفال في العالم العربي، إذ رأيت على صفحاتها طفلاً صغيراً من أطفال الإمارات يُجري حواراً صحفياً مع الشيخ زايد، وعندها تساءلت: أهكذا.. يقابل رئيس الدولة طفلاً صغيراً ويحاوره؟ وكيف أصبح هذا الأمر في متناول السهولة واليسر في دولة الإمارات العربية المتحدة؟ ووقتها لم أجد الإجابة بسبب صغر سني، ولكن مع مرور السنين اتضحت الإجابة؛ فهذا القائد صاحب منهج فكري غاية في التحضر، رجل يخالط شعبه ويجلس مع رعيته بكل تواضع، فإذا كان هذا حاله مع الصغير فكيف هو حاله مع الكبير؟!

ومن خلال هذه الدراسة الصادرة عن دار طيبة للطباعة، يتضح لنا كيف أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، لم يكن حاكماً عادياً؛ فهو يعلم تماماً ما يريد ويخطط له بكل دقة وينفذ ما انتهى إليه بكل صبر وتأنٍّ، ولاينحني أمام أعتى العواصف، ولا توقفه أصعب العراقيل، ولعل الاستراتيجية التي اتبعها لتحقيق حلمه بتكوين دولة الإمارات العربية المتحدة لهي خير شاهد على كل ما ذكر.

وينقل الكاتب ما قاله كلود موريس في كتابه «صقر الصحراء» على لسان العقيد هيوبوستيد الممثل السياسي البريطاني، الذي عاش فترة طويلة في المنطقة: "لقد دهشت دائماً من الجموع التي تحتشد دوماً حول الشيخ زايد وتحيطه باحترام واهتمام، وقد شق الينابيع لزيادة المياه وري البساتين، وكان الشيخ زايد يجسد القوة مع مواطنيه من عرب البادية الذين يشاركهم حفر الآبار وإنشاء المباني وتحسين مياه الأفلاج والجلوس معهم ومشاركتهم الكاملة في معيشتهم وفي بساطتهم كرجل ديمقراطي لا يعرف الغطرسة أو التكبر، وصنع خلال سنوات حكمة في العين شخصية القائد الوطني بالإضافة إلى شخصية شيخ القبيلة المؤهل فعلاً لتحمل مسؤوليات القيادة الضرورية...".

ويستعرض الكتاب في طياته جهود المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، في زياراته الخارجية التي بدأها في عام 1953؛ إذ بدأ وقتها جولاته الخارجية في سبيل تحقيق مصالح البلاد والتأسيس لنهضتها، حيث كانت رحلته الأولى إلى بريطانيا، ثم إلى غيرها من عواصم الدنيا؛ فزار كلاً من الولايات المتحدة الأميركية وسويسرا ولبنان والعراق ومصر وسوريا والهند وباكستان وفرنسا.. وكانت النتيجة أن عمل بكل جهد لمنافسة الدول المتقدمة والاتقاء بدولة الإمارات العربية المتحدة لتصل إلى أعلى المستويات في فترة يسيرة، حتى أضحت الإمارات رقماً صعباً على جميع المستويات، محلياً وإقليمياً وعالمياً.

وينقل الكتاب ما يرويه الشيخ زايد، رحمه الله، من بعض ذكرياته في تلك الفترة من حياته إذ يقول: «كانت أحلامي كثيرة وكنت أحلم بأرضنا تواكب حضارة العالم الحديث ولكني لم أستطع أن أفعل شيئاً كبيراً، لم يكن في يدي ما يحقق الأحلام ولكنني كنت واثقاً من أن الأحلام سوف تتحقق في أحد الأيام».

ويبين الكتاب أنه بتولي الشيخ زايد حكم منطقة العين تحققت بها نهضة لم تخطر على بال أحد سوى حاكمها، ونتج عن هذه النهضة الكثير من الإفرازات، وشهدت المنطقة زيادة في الكثافة السكانية من خلال تحولها إلى نقطة جذب لسكان المناطق المحيطة كي ينعموا بحكمة وعدل هذا الحاكم الفريد.

 

Email