كتاب

«صقر الصحراء».. فكر قائد مستنير

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبين كتاب «صقر الصحراء.. قصة حياة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة» الفكر الغني والمتفرد الذي تميز به المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ونظرته العامة. وهو ما أكده مؤلف الكتاب كلود موريس، صاحب صحيفة «الصوت» الصادرة بالإنجليزية لمعالجة الشؤون العربية، موضحاً: «لقد وجدت دائماً أن الشيخ زايد يتمتع ببساطة غير عادية».

ووزع المؤلف كتابه الصادر عن وزارة الثقافة وتنمية المعرفة في العام 1975 على 11 فصلاً، جاءت فيه العناوين مدخلاً لمضمونها، بدءاً من فصل «اللقاء مع الشيخ زايد»، وفيه وصف موريس الشيخ زايد بـ«أنه يبدو قوياً، رشيقاً، رابط الجأش». وبيّن أنه قرر من بعد ذلك اللقاء أن يروي قصة تحكي مآثر قائد كما رويت له. بدءاً من تاريخ قبيلته بني ياس واستقراها في أبوظبي، والإضاءة على تاريخ شخصيات أحدثت تأثيراً في المنطقة مثل الشيخ زايد الكبير، والشيخ سلطان والد الشيخ زايد، الذي تعلّم الشيخ زايد في مجلسه الكثير من الأمور؛ إذ كان كما يشهد مواطنوه، أكثر إخوته جميعاً مغامرة وإقداماً، حتى إنه بدأ بركوب الخيل منذ أن أصبح قادراً على المشي تقريباً.

كما سرد الكتاب العديد من ملامح شخصية الشيخ زايد إلى أن أصبح حاكماً لمدينة العين، حيث أثبت بأنه دبلوماسي من الطراز الأول؛ فنادراً ما أخطأت قدمه مهما تكن المناسبة ومهما يكن التحدي، ومن الاعترافات الكثيرة بميزات دبلوماسيته البدوية ما قاله النقيب أنتوني شبرد: «كان الشيخ زايد يحظى بإعجاب البدو، وهو بلا شك، أقوى شخصية في المنطقة، وكنتُ أذهب إلى زيارته أسبوعياً، فيعرض عليّ وضع السياسة المحلية بأسلوب ممتاز.. لقد كان واحداً من العظماء القلة الذين التقيتهم».

ويوضح الكتاب أن الشيخ زايد، لم تضعف عزيمته في أي ظرف من الظروف، مهما كانت تحدياتها، فعندما لم يكتمل عقد الإمارات التساعي قال، رحمه الله: «اكتشفنا أننا سنظل سبع إمارات، وإن الاتحاد بشكله الحالي يمثل رغبة جميع الفرقاء المعنيين، وقد تركنا الباب مفتوحاً لإخواننا لكي ينضموا إلينا في أي وقت.. إن عقولنا ليست مغلقة.. إننا ننظر إلى الغد».

وبالفعل نجح الشيخ زايد، رحمه الله، في تأسيس الدولة، وقد قال المؤلف: إن أعظم ميزة لدى الشيخ زايد كما تبين لي من أحاديثي معه، موهبته في خلق الانسجام والتوفيق، وهي ميزة أدخلها إلى العالم العربي عموماً.

وبيّن الكتاب كيف كان الشيخ زايد يقيِّم كل المراحل التي كانت تمر بها الإمارات؛ إذ ذكر المؤلف: «واليوم في العام 1974 يكون الشيخ زايد أول من يعترف بأن مجتمع الإمارات العربية المتحدة لم يتبلور إلى الآن في شكله النهائي، إنه مجتمع آخذ في النمو. وإذ كان في استطاعتي تحديد سياسة زايد وأولئك الذين حوله فإنني أقول: إنها قائمة على الاحتفاظ بمركز البلاد والاستمرار في دفع عجلة التقدم إلى الأمام».

ليصل في ختام كتابه للتأكيد أن صقر الصحراء (كما وصف الشيخ زايد) الذي ولد في مكان وظروف شبه مستحيلة، قد أيقظ مجتمعاً محلياً في العين، ومنذ تلك اللحظة وهذا القائد الفذ، هو نفسه كأي شخص آخر؛ ابن بيئته؛ فمجموع الصفات التي ورثها جعلته مستمراً في تحضير بلاده التي أيقظها من سباتها وأطلق مسيرة شعبها نحو التقدم والازدهار.

Email