«زايد في الوثائق البريطانية» مآثر وإنجازات

ت + ت - الحجم الطبيعي

«زايد في الوثائق البريطانية» كتاب يتناول كاتبه الدكتور محمد فارس الفارس الوثائق والمراسلات الرسمية في الوثائق البريطانية، التي تشتمل على سرد تفاصيل تتعلق بمآثر وإنجازات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وقد أرفقت النصوص الأصلية للوثائق البريطانية باللغة الإنجليزية مع ترجمتها بالعربية في آخر الكتاب، والكتاب من إصدار المجلس الوطني للإعلام بدولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2008.. ومؤلفه يحمل دكتوراه الدولة في التاريخ بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة تونس عام 1999.

ويقول الفارس في كتابه: «لم تكن سيرة حياة الشيخ زايد قائمة على الرفاهية والبذخ، بل كانت حياة ملؤها المشقة والعناء والتحدي في ظروف غاية في الصعوبة، استطاع أن يجتاز عقباتها وحواجزها الكثيرة بصبر وأناةٍ وإصرار على بلوغ الأهداف واحداً تلو الآخر، دون التوقف عند أي محطة تعرقل مسيرة التنمية التي بدأها منذ الأربعينيات».

ويشرح الكتاب أنه نشأ الشيخ زايد في بيئة صحراوية قاسية مناخها حار معظم أيام السنة ومعظم أراضيها غير صالحة للزراعة، لا توجد بها مياه عذبة ولا مروج خضراء، ولا موارد طبيعية، ولم يكن هناك سوى ظروف الحياة الصعبة والمرحلة الحرجة من مراحل الأمة العربية عموماً والمنطقة على وجه الخصوص. وكانت تلك هي سنوات الشباب بين مولده عام 1918 إلى يوم تقلده أول منصب له ممثلاً لشقيقه الشيخ شخبوط بن سلطان، حاكم أبوظبي، في المناطق التابعة لأبوظبي عام 1946، وكان لا يزال في الثامنة والعشرين من عمره.

ويلفت الكتاب إلى أنه بعد تسلُّم الشيخ زايد مقاليد الحكم في أبوظبي في 6 أغسطس 1966، كتب فينلاي -وهو أحد المسؤولين البريطانيين- تقريراً سرياً لحكومته عن الحاكم الجديد بعنوان «التأثيرات المحتملة لتولي الشيخ زايد بن سلطان السلطة في أبوظبي»، والتقرير صادر من مقر المقيم البريطاني بالبحرين بتاريخ 29-8-1966، ويقول : «إن الشيخ زايد هو أصغر إخوة الشيخ شخبوط، ويوصف بأنه الأكثر ذكاءً والأشد جاذبية والأوسع شعبية»، وبسبب الصفات المعروفة عن الكثير من الشيوخ وما يمتازون به من نبل وشهامة لدى الغربيين، اعتبر التقرير الشيخ زايد نموذجاً لذلك، ويقول فينلاي: «إنه يتمتع بسخاء أسطوري، وليس في المنطقة من يفوق الشيخ زايد في دماثة أخلاقه ولطفه وانفتاحه ومرونته وبذله العون للمحتاجين».

ويلفت المعتمد البريطاني في أبوظبي، آنذاك، لامب، حسب ما يوثق الكتاب، إلى أن الشيخ زايد لم يكن يصدّ طالبيه، وإنما يحدثهم بلطف ومودة حتى وإن كان ثمة مانع من تلبية طلب الطرف الآخر، وكان هذا يحدث على ما يبدو مع الشركات العاملة التي قدمت لتنفيذ المشاريع، كما يُستشفّ من التقرير، حيث يقول لامب عن الشيخ زايد: «إذا كان يرغب في رفض طلب ما فليس بوسعه التصريح بقول «لا»، بل يغلف رفضه بكلام طيب جميل».

ورُغم سخاء الشيخ زايد فإنه كان حريصاً على عدم تبديد المال في مشاريع غير ذات جدوى، وكمثال على ذلك، طبقاً لما جاء بالكتاب، ففي تقرير كتبه روبرتس -المعتمد البريطاني في دبي- بتاريخ 22 ديسمبر عام 1966 عما دار في الاجتماع السابع والعشرين للمجلس الذي انعقد في 16-11-1966 يقول: «إن الشيخ زايد كان له حضور مميز في الاجتماع، وامتدح طريقته المحببة من خلال طرح أسئلة واضحة عند عرض أي بند يتعلق بالمصاريف حتى يمكن إجازته». ويتابع روبرتس: «كان يسأل عن الخطط المحددة التي تم وضعها لإنفاق المال، وكمثال على ذلك: كم عدد منصات الحفر التي يقترح استخدامها، وعندما اضطر مكتب التطوير للاعتراف بأنه لا يعرف بالضبط ما سيتم فعله بالمال، تساءل زايد على نحو منطقي عن الكيفية التي سيعرف من خلالها المكتب المبلغ الذي سينفقه إذا كان لا يعرف ما سيقوم به؟».

Email