مؤيد الشيباني: شكلت جانباً من ذاكرة الأغنية الإماراتية

«يا طير وضبتك بتدريب»..إبـداع تجلى على عود جابر جاسم

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين بحور الشعر تنقل المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وظل فيه وفياً لبيئته، وهو الذي جاب الصحراء طولاً وعرضاً وعانق فضاءها، وعمر فيها بنياناً وزرعها واحات خضراء؛ عرفته الصقور، وتدربت على يديه، واقتبست منه عزاً وفخراً، بعد أن أقامت معه علاقة صداقة وثيقة، لم تقتصر حدودها عند رحلات الصيد، وإنما توغلت في أراضي شعره، حيث نظم، رحمه الله، قصيدة «يا طير وضبتك بتدريب»، التي رفرفت بجناحيها في فضاء الغناء الإماراتي والعربي، لتصبح أيقونة موسيقية، تلهج بها ألسنة الناس، وعشاق الطير الحر.

على أوتار عود الفنان الإماراتي الراحل جابر جاسم، حطت قصيدة «يا طير وضبتك بتدريب»، حيث أبدع في تلحينها، ومنه سافرت نحو السعودية لتحط في قائمة إبداعات الفنان خالد عبد الرحمن، الذي أبرز بصوته جمالية وقوة كلماتها، التي تبين طبيعة العلاقة بين الشيخ زايد والصقر.

حكايات

وكما وراء كل كلمة فاصلة، فوراء «يا طير» تقف حكاية، تسرد في سطورها عمق المعاني التي نظمها الشيخ زايد في هذه القصيدة التي لم تقل في قوتها عن قوة بقية أعماله. وفي تفاصيل هذه الحكاية يبحر الشاعر والباحث مؤيد الشيباني، الذي ارتحل بعيداً في سبر معانيها، ومعاينة ألحان الراحل جابر جاسم، حيث كانت القصيدة واحدة من أبرز اختياراته الفنية، وفق ما قاله الشيباني لـ «البيان»، حيث أضاف: «هذه القصيدة تأخذنا نحو حكايات مطولة في ميدان قصص القصائد، ومنها أن شاعرها الشيخ زايد، رحمه الله، كانت له جولات معروفة في صحاري الإمارات شرقها وغربها. وقد رافقه في بعضها شعراء أمثال أحمد بن علي الكندي في مستهل ظهوره الشعري، والذي عرفه الشيخ زايد وأكرمه ودعمه لمواصلة هذه الموهبة».

وفي هذه القصيدة، يشهر الشيخ زايد تحديه ومنافسته للآخرين، في وقت «الهداد» أي إطلاق الطيور نحو الفريسة، فجاءت القصيدة صعبة المراس، وقد تمكن منها الراحل جابر جاسم، عبر أوتار عوده. وفي هذا السياق، يشير الشيباني إلى أن هذه القصيدة، شكلت جانباً من ذاكرة الأغنية الإماراتية، حيث قال: «الراحل جابر الجاسم أبدع في تلحينها وكذلك غنائها، حيث كانت هذه القصيدة، ضمن اختيارات الراحل جابر الجاسم الشعرية، فكانت جزءاً من ذاكرة الأغنية الإماراتية، وقد لحنها الراحل على إيقاع العيالة، وهو من الفنون الشعبية الإماراتية، كما اختار لها طريقة «الركباني» وهو إيقاع موسيقي صحراوي».

مدرسة فنية

ويبين الشيباني أن جاسم استطاع أن ينقل بعض القصائد الصعبة، ومنها «يا طير» نحو مناطق الأغنية، مؤسساً بذلك لمدرسة فنية إماراتية جميلة، تتمتع بمستوى رفيع، وذلك بفضل حنجرته الدافئة التي تعكس بيئته الجغرافية، وتتميز بنطقها ومخارج النغمات منها، ويؤكد الشيباني أن القصيدة فيها ثلاثة بناءات: الأول بناء القصة، حيث البداية وتدريب الطير والعلاقة معه في ميدان الرياضة، وبعد ذلك المنافسة بين الصقارين وطبيعة اللحظة بكل سحرها وجمالها، ثم النتيجة الثمينة والنادرة.

في حديثه، نوه الشيباني إلى أنه في عام 1976 صدر كتاب توثيقي في ميدان الصيد بالصقور من تأليف المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو كتاب يعتبر مرجعاً مهماً في هذه الرياضة، وذلك لأن ما فيه من معلومات تأتي عن خبرة وتجربة وممارسة واطلاع واسع محلياً وعالمياً، وقد تضمن في فصله الأول جانباً من السيرة الذاتية عن العلاقة التي ربطته بهذه الرياضة منذ الطفولة، بينما تضمن في فصوله الأخرى أصول وشروط ممارسة الصيد بالصقور.

Email