«آه يا من ون من حده».. فوح البـلاغة ودرّ المعاني بصوت ذكرى

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحتفظ قصيدة «آه يا من ون من حده»، التي كتبها المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بحضور خاص في قلوب الشعراء.

فقد ذاع صيتها بينهم، وحفظوها عن ظهر قلب، في وقتٍ تناولها بعض أصحاب الشلات بأصواتهم، ولا يزالون حتى اليوم يتغنون بها في مناسبات عديدة.

وعلى النسق والمنوال هذين جاءت القصيدة بأصوات نجوم لمعوا في سماء الوطن العربي، لتظل الأبرز في ما بينهم، تلك النسخة التي قدمتها الفنانة التونسية الراحلة ذكرى، التي أغنت وذخرت قوة حنجرتها برونق وجماليات وصلابة القصيدة التي تفوح من بين أبياتها روائع البلاغة والشجن، وملامح الرجاء، حيث يقول مطلع القصيدة:

(آه يا من ون من حده يا سعادة عمري الثـاني

ارحموني يا زجي يــده من مودة جسمي الفاني

الوجن كالورد محتـــده ولخدود ابروق زفــاني)

تلك القصيدة شكلت نجمة ألبوم الفنانة ذكرى، الذي أصدرته قبيل رحيلها في 2003 تحت عنوان «وش مصيري»، حينها ضم الألبوم 7 أغنيات، لا يزال صداها يرن في فضاء ساحة الغناء العربي.

ولا سيما أن ذكرى عرفت بقوة حنجرتها وصفاء صوتها وقوة رنته وصلابتها في الأداء، فضلاً عن تميز صوتها بامتلاكه مسحة من الحزن، طالما سعت ذكرى إلى إخفائها، ولكنها لم تنجح في ذلك، فظل صوتها يميل إلى الشجن، الذي نالت عنه استحسان الجميع.

إحساس

«آه يا من ون من حده»، لم تتزين فقط بصوت ذكرى، وإنما امتازت بطبيعة المقام الذي رسمت كلماتها على إيقاعه، حيث يعود الفضل في وضع قالب القصيدة الموسيقي إلى الفنان والملحن الإماراتي فايز السعيد، الذي أشار في حديثه مع «البيان» إلى أن القصيدة لحنت على مقام البياتي.

وقال: «تحمل قصيدة «آه يا من ون من حده» مسحات من الشجن، وهو ما يتناسب مع طبيعة مقام البياتي، الذي يصنف موسيقياً بأنه عاطفي جداً، لكونه يمتلك حساً طربياً عالياً، وبالتالي فقد كان المقام الأقرب إلى هذه القصيدة التي حاولت من خلال اللحن ترجمة إحساس الكلمات».

فايز السعيد أشار إلى أن معظم قصائد الشيخ زايد، رحمه الله، كان يستخدم فيها الإيقاعات التي تمثل اللون الشعبي. وقال: «الميل نحو اللون الشعبي كان نابعاً من حرص الشيخ زايد، رحمه الله، على التراث، وخاصة أنه، رحمه الله، لم يكن يحب الموسيقى العالية، ويفضل استخدام آلات موسيقية معينة، قادرة على تقديم إيقاعات واضحة، تبرز جماليات المفردات».

أسبوع

استغرق العمل على ألبوم ذكرى نحو أسبوع كامل، ظلت فيه الفنانة الراحلة وفايز السعيد، موزَّعَين بين غرف الاستوديوهات والتسجيل. وعن ظروف ذلك الألبوم قال: «في الواقع، الفنانة الراحلة ذكرى من الأصوات التي افتقدناها جميعاً على الساحة، وهي من الأسماء التي تشرفت بالتلحين لها، حيث كانت تمتلك قوة عالية في الأداء، وخاصة في القصائد».

وتابع: «أذكر أننا لحنّا لها في ذلك الحين ألبوماً كاملاً، ومن ضمنه قصيدة الشيخ زايد، رحمه الله، واستغرق ذلك منا أسبوعاً، عملنا فيه كثيراً، حيث شهد الكثير من التغيرات، قبل أن يرى الألبوم النور، وحقق نجاحاً لافتاً». السعيد لفت في حديثه إلى أن الفنانة ذكرى تمكنت في القصيدة من إتقان اللهجة الإماراتية.

وقال: «أجادت، رحمها الله، اللهجة الإماراتية بشكل جيد، وغنتها بطريقة جميلة جداً، حيث لم يكن هناك أي خطأ في أداء القصيدة التي أشرف عليها آنذاك الشاعر علي الخوار، وكان حريصاً على أن تنطق كافة مفردات القصيدة بالشكل المطلوب».

 

Email