ديفيد: الثقافة الإماراتية طاقة إبداعية لتنوع التراث الحضاري

ت + ت - الحجم الطبيعي

نافذة على الآخر تُروى من خلالها شهادات شخصية ورؤى إنسانية تسرد قصصها في زيارتها الأولى لمدنها العامرة بالعطاء، في نسيج متداخل يغزله الفرح وتشد أطرافه ألوان التواصل الحضاري التي تعكس صورة مجتمع مترابط الصفوف تسري في أوصاله طاقة الأمل واستشراف المستقبل النابعة من قلب الإمارات النابض باحترام الآخر.

يؤمن ديفيد أن الثقافة الإماراتية تمزج بين الحفاظ على تراثها المادي وغير المادي وبين الاندماج الكامل في فهم الآخر عبر منظومة التسامح واحترام هذا التنوع والاستفادة من تلك الاختلافات في تأسيس مجتمع معاصر متماسك يمتلك طاقة إبداعية في كافة القطاعات ذات الصلة بنهضته أجل تحقيق الرقي والتقدم والرخاء والازدهار.

رؤى ضبابية

ويشير ديفيد إلى أن الكثير من المفاهيم المغالطة أو المعلومات المنقوصة حول مفهوم الثقافة العربية والإسلامية قد تبددت بفضل القائمين على مركز محمد بن راشد للتواصل الحضاري الذي يسعى عبر الكثير من برامجه المعدة لنا كزوار للبلاد، للإجابة عن أسئلتنا الحائرة بين ما هو حقيقي وما نتابعه من برامج ومقالات وسائل الإعلام الغربية أو المتوفرة ضمن نطاق موطن كل منا، والجدير بالذكر أن العولمة فرضت ضرورة التعايش المستمر لمختلف الشعوب والحضارات ما يشكل مصدراً للتفاهم والصراع في آنٍ واحد. الاحتكاكات الحادة والمتسارعة خلقت وعياً عميقاً لدى مختلف الأفراد والشعوب، وهذا ما يدفعهم للرجوع إلى ثقافاتهم ودياناتهم لتأكيد ذاتهم وخصوصياتهم الثقافية، التي تنطلق من رؤية مركزية ذاتية للدفاع عن ثقافة عالمية واحدة هي المرجع والمحور لكل الشعوب، وإقصاء وتهميش الثقافات المحلية باسم العولمة التي تسببت في كثير من الرؤى الضبابية حول أنماط القيم والعادات والأفكار داخل هذه الثقافات.

حتمية التواصل

ويعتقد ديفيد أن دولة الإمارات وبفضل مبادراتها العالمية فيما يتعلق بمنظومة التسامح، حتمية للاتصال والتفاعل بين مختلف الحضارات والثقافات على اعتبار أن التبادل الحضاري ظاهرة إنسانية متأصلة في التاريخ الإنساني، ومن هذا المنطلق أرست الدولة أنماطاً للتواصل الحضاري المثمر بين مختلف الخصوصيات الثقافية حتى يصبح العالم موطناً رحباً للجميع، تحت مظلة احترام الخصوصيات الثقافية للتوحد في حضارة إنسانية مشتركة.

أفق مشترك

وحول استثمار كافة القيم الإنسانية الأساسية المشتركة بين جميع الفضاءات الثقافية والدينية يقول ديفيد إن الجوهر الإنساني حاضر في كل التقاليد الثقافية والدينية لكل الشعوب عبر التاريخ الطويل للإنسانية، وبالتالي لا يمكن للإنسانية العيش والبقاء بدون أخلاق عالمية تكرس التسامح ونبذ الإرهاب والتطرف بكل أشكاله. ونحن في أمسّ الحاجة اليوم إلى إيكولوجيا ثقافية لتحويل ثقافاتنا وأدياننا إلى ركائز للتنمية والتضامن والمسؤولية الجماعية لبناء أفق مشترك للإنسانية جمعاء، كما أن السعي لمعرفة الحقيقة مسار طويل يتطلب الإرادة والعمل الدؤوب، والبحث عن الحقيقة من شأنه أن يجعلنا نؤمن بتعدد الرؤى وتعقد العالم وبضرورة تجديد مختلف الثقافات لرؤاها ومرتكزاتها حتى نتمكن من خلق حوار ثريّ وفعّال بين مختلف الثقافات والشعوب.

برامج تفاعلية

وفيما يتعلق بأهمية تواجد مراكز ثقافية أخرى تقوم بأدوار مشابهة للبرامج التفاعلية التي يستحدثها مركز محمد بن راشد للتواصل الحضاري في العديد من بقاع العالم يعتقد ديفيد أن الحوار لا ينبغي أن يكون ترفاً زائداً مخصصاً للمنتديات والمؤتمرات، فعليه أن يتحول إلى حاجة أساسية لا تهم فقط العلاقات بين الحضارات والشعوب والدول بل تشمل المجتمعات من داخلها، فمن العبث التفكير في حوار الثقافات إذا لم يكن هناك حوار داخل الثقافات والديانات ضمن واقع الحياة المجتمعية عبر محاورة الذات ومساءلتها من جهة وفتح الحوار بين أفراد المجتمع ومكوناته الثقافية والسياسية من جهة أخرى. وبهذا يتحول الحوار إلى سلوك يومي يقي المجتمعات من التعصب ويحول دون اللجوء إلى العنف لتسوية الاختلافات.

إرث الشعوب

علينا أن ننظر للتراث الثقافي غير المادي للشعوب بكثير من التقدير والاحترام وذلك لدوره الكبير في المحافظة على ثراء وتنوع المجتمع الحضاري لمواجهة تأثيرات العولمة إلى جانب تقريب وجهات النظر بين الجنسيات المختلفة والذي يسهم في تعزيز منظومة التسامح واحترام الآخر عبر الاطلاع على كافة المعارف والمهارات والتقاليد العميقة نسيج تلك المجتمع وقيمه الراسخة والمتوارثة عبر الأجيال.

ويضيف ديفيد أن المكتسبات التراثية المادية وغير المادية في معناها الواسع تعبير ذاتي عن العالم، سواء كان ذلك التعبير منبثقاً عن الفرد أو الجماعة، وسواء ما كان منها مادياً يتصل برؤية الإنسان لعالمه الملموس، وتعبيره عنها وترجمته إياها واقعاً محسوساً يتمثل بالعمائر والمدن والمواقع الأثرية المختلفة، أو ما كان منها غير مادي يتجلى في أشكال التعبير المختلفة عن الوجدان الفردي والجماعي للمجتمعات وغيرها من التعبيرات العفوية والتلقائية، والمنبعثة من غور ثقافات مُغْرِقَة في القدم على شكل عادات وتقاليد، وعبادات، واحتفالات، ولغات وفنون مؤداة، ومهارات، وموسيقى، وطقوس ومعتقدات، ما يمكننا كشعوب وجاليات من فهم جزء البنية العقلية لكل تلك الشعوب التي استمرت بمسيرتها عبر التاريخ دون أن يطرأ عليها أي تغير أو تجديد يضر بكينونتها.

التبادل الثقافي

احترام الآخر ومعتقداته يعزز التنوع الثقافي بإعطاء الأفراد والمجموعات إمكانية التعبير بحرية عن هويتهم الثقافية وتنميتها؛ للوصول إلى التراث الثقافي والديني والمعلومات من مجتمعهم، كما لغيرهم، فضلاً عن فوائد التقدم العلمي؛ والمشاركة في تفسير وصياغة وتطوير التراث الثقافي، وفي إعادة صياغة محتوى ومعالم هويتهم الثقافية. الاعتراف بتنوع الهويات الثقافية وأشكال التعبير، المساواة في المعاملة، واحترام كرامة جميع الأشخاص والمجتمعات، والانفتاح على الآخرين، والمناقشات والتبادل الثقافي عناصر حاسمة في تعزيز التنوع الثقافي، ومن جانب آخر علينا أن نقدر للتراث قيمته ودوره في تكويننا النفسي والاجتماعي ونأخذ منه ما تقتضيه حاجتنا اليوم، وأن نقبل على الثقافة المعاصرة فنقتبس من ثقافات الآخرين ما تحتاج إليه ثقافتنا لتحقق معاصرتها ومواكبة الثقافات الأخرى.

في سطور

الاسم: ديفيد

العمر: 43

المهنة: طبيب أسنان

الهواية: تسلق الجبال

الجنسية: الأوروغواي

يعتبر ديفيد أن التسامح فضيلة معنوية لأنه يجسد القدرة على تقدير التنوع وعلى العيش والسماح للآخرين بالعيش والقدرة على التمسك بالقناعات الشخصية مع قبول تمسّك الآخرين بقناعاتهم والقدرة على التمتع بالحقوق والحريات الشخصية من دون التعدي على حقوق الآخرين وحرياتهم، كما أن التسامح يشكّل الدعامة الأساسية للديمقراطية وحقوق الإنسان، وبالتالي، فإن التعصّب في المجتمعات المتعددة الإثنيات أو الديانات أو الثقافات يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان ونشوب العنف أو الصراع المسلح.

Email