مونكي: مؤشر المعرفة نموذج إبداعي لتجـربة تعلمية تستشرف المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

نافذة على الآخر تُروى من خلالها شهادات شخصية ورؤى إنسانية تسرد قصصها في زيارتها الأولى لمدنها العامرة بالعطاء، في نسيج متداخل يغزله الفرح وتشد أطرافه ألوان التواصل الحضاري التي تعكس صورة مجتمع مترابط الصفوف تسري في أوصاله طاقة الأمل واستشراف المستقبل النابعة من قلب الإمارات النابض باحترام الآخر.

تعتقد مونكي من واقع خبرتها كمعلمة لأكثر من 30 عاماً، أن مؤشر المعرفة الذي استحدثته دولة الإمارات، نموذج إبداعي لتجربة تعلمية تستشرف المستقبل لحصد المعرفة ونشرها بين الأجيال، حيث يكمن التقدم والازدهار من تكاتف الجماعة الذي يقترن بمنظومة العمل الإيجابي عبر مواجهة نقاط الضعف والدراية بحقائق الأمور والفكر الناقد لمواجهة المواقف ومعالجة المشكلات.

مفاهيم المواطنة

تضيف مونكي خلال وجودها بمركز محمد بن راشد للتواصل الحضاري ضمن جولتها السياحية الأولى لإمارة دبي، أن الدور المتفرد للإمارات في ترسيخ مفاهيم المواطنة والانتماء في أوساط الشباب ومنحهم فرص التفاعل الإيجابي مع وتيرة التغيرات المتسارعة التي طالت بنية المجتمع ومؤسساته المختلفة في العقود الماضية، بما جعل منه مجتمعاً منفتحاً ومتفاعلاً مع معطيات دوائر تجاوزت محيطه الجغرافي والثقافي، وذلك بالسعي الدائم للوصول إلى أفضل ما هو ممكن من متطلبات وخدمات أساسية وترفيهية وبدنية، وإمكانات تعليمية وتدريبية ومهنية دون تمييز بين الذكور والإناث.

المعلم أولاً

حول أهمية المعلم في المنظومة التربوية اليابانية تؤكد مونكي أن المعلم هو عصب النظام التعليمي وإليه يعزى بالدرجة الأولى تميز المؤسسة التربوية اليابانية، ويتمتع المعلم الياباني باحترام مجتمعه له احتراماً عالياً، فهو بذلك يكافئه بإعطائه قيمة اجتماعية في سلم القيم الوظيفية، لذلك فالتنافس شديد على الالتحاق ببرامج إعداد المعلم، وبالتالي فإنها لا تستوعب أكثر من ربع المتقدمين للالتحاق بها. وتتضمن برامج الإعداد دراسات موحدة في العلوم الإنسانية، ومقررات في الإعداد المهني، إضافة إلى مقررات في المادة التي سيتخصص المعلم بها أما الإعداد المهني فيتضمن مقررات في أصول التربية، علم النفس التربوي، طرق التدريس، وتدريس طلابي.

تحدي التكنولوجيا

حول التحديات التي تواجه المنظومة التعلمية بوجه عام تقول مونكي: بلا شك أن التحدي التكنولوجي يؤرق العالم بأسره، ولذلك أعتقد أنها من ضمن الأمور التي تحرص عليها المنظومة التربوية والتعلمية في الإمارات كما في اليابان أيضاً من خلال السعي لتحقيق السبق في هذا المجال، ما يحتم إعطاء مزيد من الاهتمام بالعلوم والتقنية للمحافظة على موقعها المتميز عالمياً. ولذا فإن من واجبات المعلم الملقاة على عاتقه لتطوير التعليم بما يتلاءم مع متطلبات المجتمع الياباني، تحقيق التوازن ما بين العناية بالطلاب وإطلاق إبداعاتهم وتحقيق التربية الجماعية الموحدة.

التعليم المستمر

تضيف مونكي أنه ولسنوات طويلة تميزت اليابان بذلك إلى جانب تحقيق الاستخدام الأمثل لوسائل الاتصال الحديثة في التعليم، ليس في نطاق المدرسة فحسب، وإنما في نطاق الحياة إجمالاً وبالتالي نقل التعليم من المدرسة والصف المدرسي إلى كافة المجالات وجعل المجتمع الياباني مجتمعاً راغباً في التعليم المستمر مدى الحياة، فنحو (94%) من خريجي مرحلة التعليم المتوسط يلتحقون بأحد أشكال التعليم الثانوي المختلفة، ما يعطي صورة واضحة عن مدى الجدية التي يتميز بها التلميذ الياباني ومدى الأهمية التي تضعها الأسرة اليابانية لهذا الامتحان، حيث يعتبر دخول المدرسة الثانوية نقطة تحول حرجة يبدأ عندها التعليم الياباني، يعكس الاختلافات الرئيسة في القدرة وفي الخلفية الاجتماعية والاقتصادية، فبدخول الطالب هذه المرحلة تتكون لديه فكرة واضحة عن مستقبل وضعه الاجتماعي.

التعليم الإلزامي

ترجع جذور النظام التعليمي الحديث في اليابان إلى عصر الإمبراطور ميجي الذي تولى الحكم عام (1868) ليبدأ باليابان عصراً جديداً. إذ بدأ يبني اليابان الحديثة بعد أن رزحت البلاد نحو ثلاثمائة عام تحت حكم الإقطاع، ولقد أصدر هذا الإمبراطور وثيقة وصفت بأنها تاريخية ونجحت هذه الوثيقة في إثارة المشاعر الوطنية، حيث طالب بتوزيعها على المدارس والمؤسسات التربوية المختلفة ليحفظها التلاميذ عن ظهر قلب، ولقد أكد فيها أهمية العلم، حيث أوصى اليابانيين بطلب العلم والنهل من مناهل الفنون والآداب ونظراً لاهتمام الإمبراطور ميجي بأهمية التعليم أصدر عام (1872م) أول قانون للتعليم الأساسي في اليابان، فهم يعتبرون أن التعليم الإلزامي هو السر في نهضة ورفاهية اليابان.

ولقد بدأ تعميم نظام التعليم الإجباري بصورة جدية، ففي سنة (1900) كانت هناك أربع سنوات من التعليم الإلزامي الإجباري امتدت إلى ست سنوات من 6-12 سنة ثم امتدت إلى تسع سنوات من 6-15 سنة وبدأت عملية إقامة نظام تعليمي جديد من خلال سلسلة من الإصلاحات وضعت أسسها لجنة الإصلاح التربوي التي شكلت في 1946م، ولقد أكد القانون الأساسي للتعليم عام (1947م) على تكافؤ الفرص التعليمية كمدخل لإصلاح التعليم محدداً بالتعليم المدرسي، واتسعت النظرة إلى التربية والتعليم بصدور قانون التعليم المدرسي، الذي يعتبر مؤكداً للآمال التي عقدت على دور التعليم لتحقيق ما تصبو إليه الأمة اليابانية.

الفلسفة الكونفوشيوسية

عاش اليابانيون فترة طويلة من الزمن تقدر بألفي عام منعزلين عن الشعوب الأخرى، وفي منتصف القرن السادس الميلادي بدأ اليابانيون اتصالهم بالحضارة الصينية وبالفلسفة البوذية، وبدؤوا يستعيرون كثيراً من عناصر الثقافة الصينية، فتبنوا نظام الصين في الكتابة ليكتبوا بها لغتهم وأسسوا مدارس على غرار المدارس الصينية، وأخذوا يدرسون بها تعاليم كونفوشيوس، وقد استمرت الفلسفة الكونفوشيوسية قروناً طويلة مكونة لمعظم محتويات المنهج في المدرسة اليابانية، ويتميز الشعب الياباني بقوة القيم والتقاليد واستعداده لتقبل التغيرات الحديثة وقدرته على انتقاء أفضلها لتصبح موروثة.

في سطور

الاسم: مونكي ناكشمي

العمر: 52

المهنة: معلمة

الهواية: المطالعة

الجنسية: اليابان

استحدثت فكرة الإدارة اليابانية من البيئة الاجتماعية الخاصة بالمجتمع الياباني، وبخاصة الأسرة اليابانية التي تقوم على مبدأ الاحترام لرب الأسرة، وإطاعة أوامره، في حين يكون مسؤولاً عنهم ومشاركاً إياهم في اتخاذ القرار، وانعكس هذا بدوره على العمل الإداري داخل المؤسسات، على اعتبار أن المديرين والأفراد بمثابة الأسرة الواحدة، ما كان له أحسن الأثر في إنتاجية الأفراد وإخلاصهم لمؤسستهم بشكل ليس له مثيل.

Email