الفن والرياضة.. إبداع الملعب والجداريات

ت + ت - الحجم الطبيعي

في فطرة البشر.. أشياء

لا تخضع للغة، ولا تعرف اللهجات

فلا وطن للضحك ولا أبجديات للبكاء

هكذا هي.. سمة التسامح

لا مكان لها ولا زمان..

لأنها باختصار..

تخرج من ثنايا مشاعر الإنسان.

ولأن الرياضة تمثل إحدى صور

التسامح، فلا ريب أن تزول معها

الخصومة، وتنزوي بها الخلافات،

فتصفو القلوب وتتلاشى العيوب.

وعند ذكر التسامح الرياضي

تأتي الإمارات كنموذج واقعي

لتجسيد هذه السمة الحسناء

كأسلوب حياة..

في هذه السطور نرصد بعضاً من تلك الصور المضيئة:

لم تكتفِ الإمارات بإرساء مفاهيم التسامح عبر العديد من المجالات المختلفة ومنها الرياضي فقط، بل فتحت الأبواب لأصحاب الأفكار الإبداعية من الفنانين لكي يثروا هذه السمة أملاً في تعميقها في المجتمعات الدولية والعالمية.

وقد نجحت الإمارات في استثمار دورة الألعاب الأولمبية العالمية الخاصة أبوظبي 2019، التي أقيمت في مارس الماضي واحتضنتها دار زايد، بأن جعلت منها منصة رائعة لبث رسائل التسامح والتآخي للعالم كله، وعدم التفرقة بين هذا أو ذاك، أياً كانت الاتجاهات والمعتقدات أو الجنسيات، لذلك كان طبيعيا ان تشهد الدنيا لهذا الحدث بأنه الأكبر والأفضل تنظيمياً لأصحاب الهمم في العالم وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط، ومن بين الفعاليات الرائعة التي شملها هذا التجمع العالمي الكبير، إقامة معرض فني تضامني، استعرض فيه مجموعة من الفنانين العالميين أعمالهم الفنية احتفاءً بقدرات أصحاب الهمم لذوي التحديات الذهنية.

هؤلاء الفنانون نجحوا في معرضهم الفني الذي أقيم على هامش الدورة في مارس الماضي، بالتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة بأبوظبي في تجسيد المعنى الحقيقي للتضامن مع هذه الفئة، وتسليط الضوء على مواهب أصحاب الهمم، في خطوة تمثل جزءًا من إرث الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص.

فنانون عالميون

ستة فنانين تشكيليين عالميين، ساهموا بأعمالهم الفنية في إثراء الحالة الإبداعية، كان من أبرزها لوحة جدارية على السيراميك للفنانة إيتيل عدنان المقيمة في باريس، ومنحوتة للفنان الكوري نوه جون يضم شخصيتين تحملان الشعلة الأولمبية ومجسماً لجسر عاكس فوق بحيرة مصنوعة من الفولاذ من تصميم علي أويسال.

وبكلمات منمقة ومؤثرة، أبدت الفنانة والشاعرة والكاتبة المسرحية إيتيل عدنان، خلال تواجدها في أبوظبي، سعادتها للمشاركة في الألعاب الأولمبية العالمية الخاصة، وقالت حينذاك: إن المساهمة فيها كان ضروريا للغاية لنتذكر جميعنا أن الإنسان في المقام الأول هو عبارة عن روح وأحاسيس وعقل تجتمع معاً في جسد واحد، وكلها تحتاج إلى رعاية واهتمام، لاسيما أن هؤلاء الرياضيين من أصحاب الهمم يقدمون الكثير من الأمل تجاه الطبيعة البشرية. إنهم يقدمون لنا أكثر مما يعرفون، ولذلك، قمت بتصميم هذه الجدارية، احتفاءً بما يمتلكونه من طاقة وسعادة نود جميعاً أن نشاركها معهم.

مكتسبات

ومن مكتسبات دورة الأولمبياد الخاص، تلك المبادرة التي أقيمت بالتعاون مع معرض فن أبوظبي، في منارة السعديات، حيث اتفق الفنانون، آنذاك، على أن تكون هذه الأعمال جزءًا من معرض دائم في العاصمة أبوظبي صمم خصيصًا لإيصال رسالة التضامن التي تسعى لنشرها الألعاب الأولمبية العالمية الخاصة أبوظبي 2019، في الإمارات وبقية دول العالم.

وتدعيماً لروح التسامح والتآخي الذي ظهر جلياً في دورة الألعاب العالمية الخاصة التي احتضنتها الإمارات في مارس الماضي، قالت تالا الرمحي، الرئيس التنفيذي لاستراتيجية الألعاب الأولمبية العالمية الخاصة أبوظبي 2019 إن أهم الأهداف التي تحققت - بامتزاج الفن مع الرياضة - خلال الألعاب العالمية تمثل في تغيير الصورة النمطية السائدة في المجتمع حول أصحاب الهمم، ونشر الوعي حول ما يمكن أن يحققوه، بجانب، بقاء وترسيخ الإرث الناتج من الألعاب العالمية في المستقبل، وهو ما تحقق عقب انتهاء المنافسات الرياضية في هذا الحدث المميز.

وذكرت أن الأعمال الفنية في المعرض العام، ما هو إلا وسيلة لنتذكر من خلالها، أهمية الرسالة التي أطلقها الأولمبياد الخاص، لكي نتأكد من الفوائد التي ستجنيها الأجيال القادمة من هذا الإرث الذي تحقق بالفعل إثر استضافة الإمارات للألعاب العالمية.

وعقب مساهمته بعمل فني رائع، قال الفنان المصري المعروف وائل شوقي، إن جميع من شاركوا ودعموا وساهموا في الأولمبياد الخاص، نجحوا في التغلب على التحديات التي واجهتهم، وإن أجمل ما شهدته الدورة أن الجميع حققوا الانتصار فيها مدركين أنهم جزء من حكاية أكبر تجسد الإصرار والتقدم والشجاعة.

سعادة الرياضيين

فيما جسد النحات الكوري نوه جون، بإبداع مجموعة من شخصيات اللعب، وفي المركز يقف ولد وفتاة يحملان شعلة الأمل معاً، وفي تعليقه على حضوره، قال إن كل ما يتمناه هو أن تسعد أعماله هؤلاء الرياضيين القادمين من كل مكان حول العالم للمشاركة في الألعاب العالمية، وأن تكون هذه المنحوتات والشخصيات بمثابة أصدقاء وحماة للزائرين القادمين إلى أبوظبي، وقد تحقق ما تمناه بالفعل.

كما أبدى الفنان التركي محمد علي أويسال الذي أبدع بتصميمه لمجسم جسر عاكس فوق بحيرة مصنوعة من الفولاذ بعنوان «انجذاب» سعادته الكبيرة، وقال إنه فخور لحصوله على فرصة المشاركة في الألعاب الأولمبية العالمية الخاصة أبوظبي 2019 وبناء جسر ما بين رياضيي الأولمبياد الخاص، والتعبير عن أحلامهم بتحقيق التضامن والتكاتف اللذين يجسدان الأساس الذي تقوم عليه الهوية المحلية في أبوظبي. وبجانب هؤلاء الفنانين ضمت قائمة التشكيليين ايضا، كلاً من باسكال مارتين تايو، ونديم كرم، وهما ممن حملوا على عاتقهم مهمة إبداع الأعمال الفنية خلال الأولمبياد الخاص في منارة السعديات. إنه الفن حين يمتزج بالرياضة وينصهر كلاهما في بوتقة واحدة تجسد التسامح بين الجميع دون تفرقة بين لون أو جنس أو عقيدة في أرض التسامح والتآخي بالإمارات.. وغداً نستكمل اللقطات والحكايات.

Email