شهادة إضافية على قدرة الدولة تحويل شعار استضافتها للحدث العالمي إلى واقع

«إكسبو 2020» ساحة تجمع التمويلات الإسلامية والتقليدية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

مع استضافة إمارة دبي فعاليات إكسبو 2020، سيبرز جلياً للعيان صورة جديدة ومبتكرة يبرز فيها نظاما التمويل الإسلامي والتقليدي وهما يتعايشان مع بعضهما البعض، وربما يتكامل كل نظام مع الآخر في تقديم حلول تمويلية متنوعة ومتعددة من شأنها أن تقود إلى توسيع حيز الخيارات لجمهور العملاء بغض نظر عن خلفياته الثقافية والدينية ..

وهذا ما قاله عيسى كاظم العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لسوق دبي المالي والأمين العام للجنة العليا المكلفة بتطوير الاقتصاد الإسلامي في إمارة دبي، في احد المؤتمرات التي جرى تنظيمها مؤخراً بخصوص التمويل الإسلامي، فقد قال بالحرف الواحد «دعمنا للتمويل الإسلامي ليس معناه تجاهل نظام التمويل التقليدي، فنحن نتحرك على المسارين معاً لتعزيز مكانة دبي كمركز للأعمال والمال».

وتبذل حكومة دبي بوزرائها ومسؤوليها وخبرائها جهوداً حثيثة ودؤوبة لتحويل مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتعزيز مكانة الإمارة كعاصمة للاقتصاد الإسلامي إلى واقع معاش على الأرض وليس مجرد طموحات وتطلعات تعانق الفضاء دون أن يكون لها جذور تضرب بقوة في الأرض ثباتاً ورسوخاً ، فهذا ما اعتادت إمارة دبي على نهجه، وما اعتاد العالم على رؤيته من إمارة دبي التي أزالت بشكل كامل أية حواجز تفصل بين الأفعال والأقوال في خططها واستراتيجيتها.

وينطق الواقع العملي بحقيقة أن مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي، تجاوزت في غضون فترة وجيزة من الزمن حيز الأفكار المجردة لتصبح كيانا محدد المعالم يتضمن هياكل مؤسساتية وشراكات استراتيجية واستراتيجيات ذات محاور محددة بشكل قاطع ، وتعكس هذه الاستراتيجية بصدق الشعار الذي تبنته الدولة في حملتها لاستضافة إكسبو 2020 ، بأن يكون المعرض ساحة حقيقية للتفاعل والتواصل بين الثقافات والشعوب.

جسر الفجوة بين النظامين

وفي إطار هذه الرؤية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، بلورت سلطة دبي للخدمات المالية إطارا تنظيميا يجسر الفجوة بين التمويلين الإسلامي والتقليدي من خلال سعيها منذ بداية تأسيسها إلى ابتكار نظام متكامل يوفر الأساس المتماسك للتعامل مع الملامح المميزة للوائح التنظيمية المنظمة لأسواق المال بما في ذلك منتجات الأسواق المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية..

ووضع منهاجية تنظيمية قائمة على المخاطر تأخذ في الاعتبار كلا من الشركات المالية الإسلامية من جانب والشركات المالية التقليدية، وقادت جهودها وعملها الدؤوب في هذا المجال وعلى مدار سنوات عديدة إلا أنها لم تعد الآن في موقع المضطر لإجراء تعديل في التشريعات أو إلحاق التمويل الإسلامي بالنظام المالي التقليدي القائم.

والمثال الآخر الدال على تفاني المسؤولين في إمارة دبي في تنفيذ رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حيث وجه سموه بتشكيل لجنة عليا مكلفة بتطوير الاقتصاد الإسلامي برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي العهد، وأعطى سموه اللجنة فترة زمنية مدتها 6 شهور لإعداد خطة استراتيجية متكاملة لتحويل دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي..

وقد تمكنت اللجنة خلال هذه الفترة من إنجاز 7 توجهات و 46 مبادرة، منها، تحويل دبي إلى مركز عالمي للصكوك الإسلامية، وإقامة تعاون وثيق مع جامعة حمدان بن محمد الإلكترونية، كذلك إطلاق مبادرة جائزة الاقتصاد الإسلامي، وتنظيم القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي.

ويسود إدراك بين المسؤولين في الدولة أن جعل دبي مركزا للاقتصاد الاسلامي يتطلب جهودا متوازية تشمل تقوية البنية الاساسية للنظام القانوني والتنظيمي والعمل على بناء منصة للأعمال الدولية المتوافقة مع متطلبات الشريعة الإسلامية من اجل التميز في تقديم الخدمات المالية الإسلامية بمهنية عالية تسهم في جعل دولة الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص مركزا ماليا إسلاميا مرموقا قادرا على استقطاب مستثمرين من جميع اقطار العالم. بحيث يكون إطار التمويل الإسلامي بنفس القدر من القوة التي يتمتع بها التمويل التقليدي في الوقت الحالي.

وتسد مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الفجوة بين الواقع والمأمول في صناعة الخدمات المالية الإسلامية، وتتعلق أبرز ملامح هذه الفجوة على صعيد البنية التشريعية في غياب المعايير المعتمدة عالمياً..

وغياب هيئة معترف بها عالمياً لمنح الشهادات، وعدم وجود قوانين منظمة لأنشطة الاقتصاد الإسلامي في العديد من الدول التي توفر منتجات الحلال، كما أن هناك فجوة أخرى في قطاع الاقتصاد الإسلامي تتصل بالخدمات المالية، وهي تتعلق بإصدارات الصكوك وخدمات التكافل وإعادة التكافل، والمنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وتهدف الخطة الاستراتيجية لحكومة دبي إلى توفير بيئة تنظيمية عالمية لمزاولة الأعمال من خلال إصدار اللوائح والقوانين ذات العلاقة، وبما يسهل مزاولة الأعمال ويستقطب المستثمرين ورجال الأعمال لدبي، وتعزيز موقع دبي كعاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي في الوقت الذي تتنافس فيه العديد من العواصم والدول لجذب الاستثمارات في قطاع الاقتصاد الإسلامي..

ويزيد فيه الطلب على السلع والخدمات المقدمة ضمن هذا القطاع، وترسيخ مكانة دبي كمركز اقتصادي له وزنه على الصعيد المحلي والإقليمي، وتطوير شبكة محلية من التسهيلات والخدمات اللوجستية لإنتاج وتطوير هذه المنتجات، والتصدير وإعادة التصدير، وتطوير سلسلة من أفضل المعايير في هذا المجال، وتعزيز موقع دبي كمركز لخدمات السياحة والإقامة المثالية للعائلات..

وتوفير سلسلة من التسهيلات والنشاطات السياحية التي تناسب جميع أفراد الأسرة، وتعزيز موقع مدينة دبي كواحة وحاضنة لتطوير البرامج والتطبيقات والألعاب الإلكترونية، وبوابة للتجارة الإلكترونية الإسلامية، ومركز عالمي للمحتوى الإعلامي الإسلامي، وبيئة حاضنة ورائدة للاقتصاد الرقمي الإسلامي، إلى جانب تعزيز موقع دبي كمركز اقتصادي متكامل ومدينة مثالية لإقامة المعارض والمؤتمرات..

وتعزيز موقع دبي كمركز للتصميم والعمارة الإسلامية، ووجهة عالمية لعرض وتداول الفنون الإسلامية بمختلف أنواعها، ومركز أزياء عالمي للتصميم والعرض والبيع بالتجزئة للأزياء المحافظة، إلى جانب جعل دبي مدينة رائدة فكرياً، ومركزا ومصدرا عالميا للمعلومات في مجال المعرفة والتعليم في قطاع الاقتصاد الإسلامي، وجعلها كذلك مرجعا عالميا لإصدار معايير الإدارة الإسلامية، ومركزا معتمدا لإصدار شهادات الحلال لمختلف المنتجات والخدمات.

مقومات داعمة

وتمتلك إمارة دبي العديد من المؤهلات والمقومات التي توطد وتقوي قاعدة انطلاقها نحو شغل مكانة عاصمة الاقتصاد الإسلامي، وتتمثل هذه المقومات في التالي:

أولاً : توافر عدد كبير من المؤسسات المالية الإسلامية مثل المصارف الإسلامية وشركات التمويل والاستثمار الإسلامية وشركات التأمين الإسلامي (التكافل) المتميزة، وصناديق الاستثمار في الإمارات عموماً وفي دبي على وجه الخصوص.

وهكذا، وضعت القيادة الرشيدة الرؤية الهادفة إلى جعل دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي، وانطلقت بقوة جهود المسؤولين في مختلف القطاعات لتحويل هذه الرؤية إلى برامج وخطط عمل، وهو ما يعزز القناعة بأن إكسبو 2020 سيكون ساحة للتواصل بين التمويلين التقليدي والإسلامي ، حتى يتبين للعالم أن هذا الجزء من العالم لدية إمكانيات وقدرات تثري إسهاماته في حركة تطور الإنسانية.

خصائص متميزة

 ترتكز طبيعة مخرجات المراكز المالية الإسلامية على مكونات الاقتصاد الإسلامي مثل المصارف الإسلامية، الاستثمار الإسلامي، المنتجات المالية الإسلامية، صناديق الاستثمار، الصكوك، الأسواق المالية الإسلامية، التأمين الإسلامي، الزكاة والمواريث والصدقات، الوقف ومجالات استثماراته، هيئات الفتوى والرقابة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية..

لذلك فإن وجود أنظمة تحويل العملات ومنصات تداول ذات كفاءة عالية لتداول أدوات الأسواق المالية الإسلامية وكذلك وضوح الأنظمة والقوانين وتطوير آليات الإفصاح والإنفاذ سوف تساعد على إيجاد قاعدة للمستثمرين المتخصصين في مجال أنشطة الخدمات المالية الإسلامية وتعمل على إيجاد سوق مالي يتصف بالثبات والاستقرار المالي، إلى جانب دعم وتطوير الفكر القيادي والذي سوف يضع معايير معتمدة لصناعة الخدمات والمنتجات المالية والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية مقبولة عالمياً.

 إطار عمل لتعزيز عالمية الإمارات في الاقتصاد الإسلامي

 اقترح عبيد سيف حمد الزعابي خارطة طريق تتضمن وضع اطار عمل لمركز الاقتصاد الإسلامي، يتضمن عدة محاور تتمثل في التالي:

أولاً : تأسيس مؤسسة تعني بتطوير معايير المنتجات والخدمات المتوافقة مع الشريعة الاسلامية، بحيث تهدف إلى تطوير بيئة متكاملة للاقتصاد الاسلامي وتكون بمثابة مركز عالمي يمتاز بالكفاءة والتميز يوفر الشفافية والدقة للأفراد والمؤسسات المالية، حيث ان فكرة ومبدأ المنتجات والخدمات المتوافقة مع الشريعة الاسلامية لم يعطيا الاهتمام اللازم في التطوير والتطبيق نظرا لوجود اختلافات في المعايير والاليات والتطبيقات الحالية ..

ويجب ان تكون للمؤسسة الشخصية المستقلة وتملك الكفاءة والقدرة لتطوير معايير الصناعة المتعلقة بالافصاح والشفافية والمساءلة، ويجب على المؤسسة التنسيق بين المعايير العالمية والمحلية مع التركيز على التحليل للسياسات لتحديد الاحتياجات المتعلقة بالمنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وستكون المؤسسة بمثابة مركز معلومات للمنتجات والخدمات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ومرجع علمي وثقافي للمهتمين.

ثانياً: تطوير آليات التسوية والتحكيم، حيث تؤدي تقوية البنية القانونية التنظيمية والحوكمة الشرعية، إلى تعزيز ثقة المستثمر في الخدمات المالية الاسلامية من خلال تطوير آليات التسوية والتحكيم وسوف يعمل الفريق المكلف على تحليل وتقييم الأدوات الموجودة حاليا وتقديم التوصيات والمقترحات حول الإطار الشرعي الفعال لإنفاذ عقود التمويل الإسلامية.

ثالثاً : تطوير بيئة متكاملة للاقتصاد الاسلامي تشمل نظم الزكاة، الصدقات، والوقف، لذلك فإن مركزا عالميا يمتاز بالكفاءة والتميز سوف ينشأ لتوفير الشفافية والدقة للأفراد والمؤسسات المالية التي تبحث عن تنقية إيراداتها سواء بالزكاة أو تجنيب المعاملات الغير مجازة من قبل اللجنة الشرعية. يتطلب ذلك حصر جميع الممارسات في المراكز المالية الاسلامية العالمية وتقديم التوصيات حول سواء أن تكون دبي نموذجا مماثلا لتلك المراكز أو نموذجا خاصا بها يجب أن يتم تطويره.

رابعاً : وضع برنامج لبناء القدرات يتجاوز وضع برامج للتدريب والتعليم بل لابد أن يشمل دعم الاستثمارات في هذه الصناعة من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والبحوث والتطوير لتكون مكونا أساسيا في منظومة الاقتصاد الإسلامي.

خامساً : تطوير مراكز متعددة تضم مركزا للفكر القيادي لأعمال الاقتصاد الإسلامي ومركز التميز في التمويل الإسلامي ومركز بناء قدرات الموارد البشرية.

سادساً : التنسيق بين المؤسسات المالية الإسلامية المحلية والدولية في مختلف القضايا المتعلقة بقضايا الصناعة المالية الإسلامية للوصول إلى انسجام وتكامل فيما بين هذه المؤسسات فيما يتعلق بتطبيق المعايير المحاسبية التي تطبقها، وكذلك المعايير الشرعية والمصرفية.

1.7 تريليون دولار حجم أصول التمويل الإسلامي

 قال عبيد سيف حمد الزعابي مدير فرع هيئة الأوراق المالية والسلع بدبي إن قطاع التمويل الإسلامي شهد تطوراً ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية، فقد أظهرت دراسة حديثة أن حجم الأصول المدارة في قطاع التمويل الاسلامي حول العالم قد بلغ 1.76 تريليون دولار أميركي مع نهاية عام 2012 مسجلا نموا سنويا نسبته 24.8% خلال الفترة من عام 2008 الى 2012.

تنمو بمعدل من 15-20 % سنويا وحققت نسبة نمة بلغت 150 % خلال الخمس سنوات الماضية. واستأنف شرحه لتطورات قطاع التمويل الإسلامي بإشارته إلى أن حجم القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي قد بلغ 434 مليار دولار بنهاية عام 2011 مسجلا ارتفاعا بلغ 62 مليار دولار مقارنة بالعام الذي سبقه، وتشكل الصيرفة الإسلامية ما نسبته 28.7% من أصول القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي ..

حيث سجلت نموا بنسبة 12% خلال عام 2011، كما بلغت إصدارات الصكوك العالمية بنهاية 2012، 43.5 مليار دولار أميركي بنمو بلغ 55% مقارنة بالعام الذي سبقة بينما بلغت قيمة الصكوك المتاحة للتداول على مستوى العالم 243 مليار دولار بنهاية يونيو ..

كما شهدت الصناديق الإسلامية نموا ملحوظا من حيث العدد وحجم الأصول المدارة وفي نهاية عام 2011 بلغ حجم الصناديق الإسلامية 16.9 مليار دولار مسجلة نموا بنسبة 3.5% خلال العام. وتوقع عبيد سيف حمد الزعابي أن يصل حجم سوق التأمين التكافلي إلى 25 مليار دولار بنهاية عام 2015 وتنمو بنسبة 20 % سنويا بينما بلغت قيمة مساهمات التكافل في عام 2012 في حدود 12 مليار دولار أميركي.

Email