تحظى فعالية مخيم "حياة البادية" التي تتخذ من شارع السيف موقعاً لها باهتمام شريحة واسعة من الزوار، ويتزاحم الجميع للاطلاع على أسلوب عيش سكان البادية في عدد من دول العالم، التي تختلف تفاصيلها الدقيقة من بلد إلى آخر، خصوصاً أن الفعالية تعرض حياة البادية للبدو الرحل في اثنتي عشرة دولة من أنحاء العالم.

ويتجلى كرم ضيافة أهل البدو منذ دخول الزوار إلى المخيم، فيتنافس كل منهم للترحيب بالزوار على طريقته الخاصة، ويحتار الزائر من أين يبدأ وهو يرى هذا الكم الهائل من الفعاليات والأنشطة والملابس المزخرفة بالخيوط التقليدية القديمة ورائحة الطعام التي تميز كل خيمة عن غيرها.

الجناح السوداني

وأول ما يلفت انتباه الزوار الجناح السوداني بالخيمة المتميزة بألوانها الزاهية وديكورها الجذاب ومن أشهر الأطعمة التي تمتاز بتقديمها "الكسرة السودانية" وهي أحد أنواع الخبز الشعبي المحبوب لدى معظم أفراد الشعب السوداني، ويرجع تاريخها لعهد بعيد وبها عُرفت مائدة السودان في الكثير من دول العالم وكانت في السابق وجبة رئيسة. وعن طريقة إعدادها حدثتنا آمال الطيب خوجلي من الجناح السوداني وقالت: إن الكسرة تُسمى (الرهيفة) ولم تتغير طريقة إعدادها منذ قرون خلت، ولكن الذي حدث هو توفر الخبز (الرغيف) بأشكال مختلفة بعد أن كان نادراً.

كيفية صناعة الكسرة

وأضافت خوجلي أن أي بيت سوداني لا توجد فيه كسرة يعتبر ناقصاً، وعن كيفية صناعة الكسرة أوضحت أن أنواعا عديدة من الذرة تستخدم في عمل الكسرة السودانية ومنها (الفتريتة - الهجين الصفراء، ود عكر، والفحل، والزريزيرة). وقالت إنه يُضاف القليل من القمح لدقيق الكسرة، مشيرة إلى أن بعض الناس يفضلونها دون إضافة.

وشرحت خوجلي لنا طريقة عملها والتي تبدأ بتخمير الدقيق ليلاً في إناء مُغلق وعند الصباح تتم إضافة باقي الدقيق له ويُعجن ويتم تخفيضه حتى يصبح متماسكاً وجاهزاً لعمل الكسرة. وقالت إن صُنعها يُسمى (العواسة) والمرأة أو الفتاة التي تجيدها يُقال لها (عوّاسة). وأوضحت لنا أن (العواسة) هي صب قليل من العجين على الصاج والذي يوضع على نار هادئة من الفحم على الكانون.

«الدوكة» و«اللداية»

وأوضحت خوجلي: قديماً كانت تستعمل للعواسة (الدوكة) المصنوعة من الفخار على شكل مسطّح وهي مرتبطة (باللداية) وهي ثلاث كتل من الطين الجاف والتي توضع عليها على الأرض ويدخل الحطب من الجنبات. وذكرت أن صاج العواسة غالباً ما يُمسح بالزيت أو (الطايوق) وهو مادة (النخاع الشوكي) ذلك بأنه يساعد على سهولة العواسة وقلع الكسرة بسرعة لكي لا تلتصق بالصاج وتحرق. وبعدها توضع الكسرة متراصة (طرقة فوق طرقة) على الطبق أي واحدة تلو الأخرى والطبق هو عبارة عن إناء دائري مسطح مُحْكم ويمكن أن تحفظ فيه لعدة أيام.

يذكر أن مخيم حياة البادية يستقبل الزائرين يومياً من الرابعة إلى الحادية عشرة مساء، وإلى12 بعد منتصف الليل في عطلة نهاية الأسبوع، ويقع في شارع السيف، والدخول مجاناً.