لونغوريا تهدي "برلينالي" فيلما عن نضال قاطفي الطماطم في أميركا

15 فيلما "تطبخ" الأفكار عن قضايا الغذاء وتحدياته في العالم المعاصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

" نريدها أن تكون حامية لكننا لا نريد أن نجعلها تحرق!"، ربما تكون هذه العبارة، التي تلخص أجواء الدورة الثامنة لقسم "سينما الطهو"، ضمن فعاليات "مهرجان برلين السينمائي الدولي" أفضل فاتح للشهية لمشاهدة 15 فيلما روائيا ووثائقيا تتعلق بالطهو أو صناعة الأكل بشكل عام.
موضوعات جدية
ان كان المرء من متتبعي برامج الطبخ على شاشات مثل "فتافيت" ومن المغرمين بملاحقة الوصفات في المجلات والصحف، فإن هذه الأفلام لن تلبي ذائقته، فهي بعيدة كل البعد عن تعليم الطبخ (كما يحصل للأسف في الكثير من فعالياتنا الثقافية مثل معارض الكتب في بلادنا) بل هي أقرب الى أن تكون نقاشات تقترب لأن تكون جدية حول السلسلة الغذائية وتأثراتها بالبيئة والاقتصاد والسياسة، كذلك حول رحلات كفاح لمزارعين وعمال في صناعة الطعام، في مواجهة شراهة استغلال التجار والمتاجر الضخمة.

إشعال الفرن
لكن الأمر ليس على هذه الصرامة فقط، فهناك متسع من الترفيه، الراقي، حيث يحتشد أهم طهاة العالم وأوروبا في مكان واحد، في أسبوع واحد، لكي يقدموا أطباقهم المستوحاة من الأفلام المعروضة. هنا، الطاهي، المدجج بخبرات "نجوم الميشلان" او جوائز "أفضل طاه في المانيا" او في أوروبا، ليس مجرد مستضيف يضفي على أمسيات الأفلام جوا احتفاليا، لكنه مشارك، عبر اختياره الفيلم الذي سيقدمه أو يقدم أطباقا مستوحاة من قصته، في حوار حضاري بين طبق الطعام والصورة السينمائية، وبينهما يشترك الفن والابداع والسحر.

الليلة، على سبيل المثال، سيقوم الطاهي الألماني الشهير Daniel Achilles، الذي يحمل تصنيف "يوروماكس" كأفضل طاه في أوروبا للعام 2013، باشعال "الفرن" ايذانا بانطلاق الدورة الثامنة لـ"سينما الطهو"، وذلك مباشرة بعد عرض الفيلم الكوري "الوصفة الأخيرة" للمخرج Gina Kim، وهو فيلم يتناول قصة أحد منتجي أهم الأطعمة الراقية في كوريا الذي يجد نفسه مضطرا لمواجهة دراما عائلية من العيار الثقيل.

قصة من جيرانو
أفلام أخرى حميمية تذهب بنا الى وثائقي عن قصة ثلاثة أخوة طهاة من اسبانيا، صنف أحد الأطلة المرموقة في عالم المطاعم، مطعمهم El Celler de Can Roca مؤخرا بأنه "المطعم الافضل في العالم".

نتحدث عن "الاخوة روكا" الذين صنعوا قصة نجاحهم من بلدتهم الصغيرة "جيرونا" في "كاتالونيا" اسبانيا وصولا الى كل العالم. يتابع المخرج Franc Aleu قصتهم في وثائق يحمل اسم "الحلم" يصور عشاء خاصا جدا يحضره 12 شخصا يقوم الاخوة الثلاثة بخدمتهم في أجواء مغلفة بالفنون الادائية الحية أثناء العشاء. يصور المخرج كل هذا في الشريط الذي يقدم الأخوة الثلاثة بعده أطباقهم مباشرة الى جمهور "البرلينالي".
عن "امة الوجبات" مجددا!

ولا تخلو هذه التظاهرة بطبيعة الحال، من الأجندة السياسية الجدلية التي تلقي بظلالها على أقسام المهرجان، حتى لو كان الامر يتعلق بالطهو. على سبيل المثال، يعود منتج العمل الجريء "امة الطعام السريع" Eric Schlosser، الذي قلب قبل سنوات معايير تلقي المستهلك لوجبات الاكل السريع في الولايات المتحدة الاميركية والعالم، بكشفه النقاب عن الاوضاع المزرية التي تسيطر على هذه الصناعة، وما يحصل في الخفاء، بفيلم لا يقل جرأة عن الأول، تشاركه في انتاجه الممثلة الجميلة Eva Longoria التي  نعرفها من "ربات منزل يائسات" (من الزائرات المنتظمات لدبي ومؤخرا في حفل الهدايا العالمي في ديسمبر الماضي).

لونغوريا، في واحدة من مبادرات النجمات الجميلات من أجل المشاركة في أعمال سينمائية عميقة، تضع مجهودها لتسليط الضوء في فيلم "السلسلة الغذائية" على قصة مزارعين متخصصين بحصد محصول الطماطم في فلوريدا، يتمكنون من الانتصار على استغلال الوسطاء والمتاجر الضخمة لمجهودهم، اذ يتمكنوا من ربح قضيتهم ضد "وول مارت" احدى أضخم المتاجر الغذائية في الولايات المتحدة الاميركية  والعالم.

سيزار شافيز
من الولايات المتحدة، أيضا، يقدم لنا المخرج Diego Luna فيلمه "سيزار شافيز" الذي يروي القصة الحقيقية لكفاح أحد الناشطين الحقوقيين "سيزار شافير" في عقد الستينيات في كاليفورنيا من أجل تنظيم حركة تضامنية ناجحة لعمال الحقول للدفاع عن حقوقهم.

سر الرقم ثمانية
يشرح منسق قسم "سينما الطهو" Thomas Struck لـ" البيان" أجواء الدورة الثامنة وسر المشاركة الآسيوية الملحوظة في أفلام من كوريا واليابان وتايلاندا وسنغافورة وتايوان:" نريد أن نكشف وجهي صناعة الأكل: الجميل والمخيف أيضا. نفعل ذلك كل عام، وهذه الدورة تحمل الرقم ثمانية. في المعتقدات الآسيوية انه رقم جالب للحظ، ربما ذلك يفسر زيادة مشاركة الأفلام الآسيوية".

وبعيدا عن الحظ، فإنه من الواضح، أن "البرلينالي"، بهذا القسم، لا يغرد أبدا عن جدية أهدافه:" نحن نشعل النار. الفرن. النار، من جهة، هي التي ميزتنا كبشر عن مخلوقات أخرى. لقد اكتشف الانسان كيفية التعاطي مع النار، والافادة منها، وكان ذلك بمثابة اثبات آخر لترقيه وعقلانيته. لكن، من جهة أخرى، ها هو اليوم يسيء استخدامها عبر الافراط في تسخين الأجواء والتسبب بمزيد من الاحتباس الحراري. أفلامنا تتحدث عن الأكل، عن النار، التي يجب ان نشعلها ولا نحترق بها"، يقول Dieter Kosslick مدير المهرجان.

Email