يعود المهرجان التراثي في عامه الثالث ليواصل الاحتفاء بالموروث الشعبي لدولة الإمارات

«قصر الحصن» حنينُ إلى المنزل الأوّل

ت + ت - الحجم الطبيعي

احرص وأنت تزور «مهرجان قصر الحصن» على دخولك من مدخل «قصر الحصن» الواقع على شارع خالد بن الوليد. بذلك أولى محطاتك ستكون المعرض. عند دخولك ستمر في ممر ضيق مغلف بالأسود وأول صورة ستقع عليها عينك ستكون صورة لأب يصب الماء على ابنه. الماء. هنا كلمة مفتاحية لأن وجود أبوظبي نفسها مرتبط بالماء على اعتباره مقصد القبائل البدوية دوماً في حلها وترحالها، وتقول الرواية الشعبية إنه «عندما كانت مجموعة من رجال بني ياس تطارد غزالاً شارداً على ساحل أبوظبي، قام الشيخ ذياب بن عيسى بالعبور إلى جزيرة أبوظبي حيث وجد نبع ماء في المكان الذي توقف فيه الغزال»، حيث تعد هذه الرواية واحدة من الروايات التي تتحدث عن أصل وتاريخ واكتشاف مدينة أبوظبي. ومنها يمكنك التعرف في المعرض على تطور الحصن الذي بدأ كبرج للمراقبة في العام 1760 ثم صار حصناً في العام 1830 وبعدها تطور وتوسع المكان إلى أن صار قصراً في العام 1940 وسكنه آل نهيان حكام أبوظبي.

لكن أياً كان المدخل الذي تدخل منه سواء من مدخل شارع حمدان بن محمد أو شارع الشيخ راشد بن سعيد أو شارع زايد الأول، ومداخله الخمسة فإن كلمتين تستقبلانك على الدوام. «مرحبا الساع». بهاتين الكلمتين البدويتين يرحب بك مهرجان «قصر الحصن» من كل المداخل. الترحاب أسلوب حياة عند العرب قديماً وحالياً. هذا الأمر يلمسه كل زوار قصر الحصن الذين جاؤوا لتذكر الماضي أو التعرف عليه. من خمسة مداخل يرحب بك «مهرجان قصر الحصن» الذي تقام هذا العام دورته الثالثة.

تحت ظل نخلة يجلس شباب فرقة العين للفنون الشعبية متحلقين حول النار التي وضعوا دفوفهم حولها. الطقس التسخيني لجلود الحيوانات التي صنعت منها هذا الدفوف يعطي للدف رنيناً مختلفاً عما هو عليه وهو جاف، إضافة إلى أن النار التي تدفئ الجلود تحميه من قوة الضربات التي يمكن أن تسببها أيادي العازفين المهرة وهم في غمرة انهماكهم بتسخين الأجواء والرقصات التراثية المرافقة من قبل فرقة أخرى.

لا تنس أن تأخذ خريطة توضيحية للمكان كي لا تفوت أياً من جمالياته وفعالياته، وتعرف على قصر الحصن من الداخل في جولة من تسعة محطات يصحبك فيها سفراء قصر الحصن ليعرفوك إلى أجزاءه المختلفة، ومنها تخرج إلى المعرض وتكمل جولتك، لكن قبلها لا تنسى المرور بقاعة المجلس الوطني الاستشاري التي تفتح للجمهور للمرة الأولى، واحرص على سماع النداءات التي يوجهها المنظمون عبر إذاعة المهرجان لإرشادك إلى العروض المتاحة وقت زيارتك.



«التلّي» صناعة الجدات (1691)
التلّي هو شريط مزركش بخيوط ملونة أبيض وأحمر، وخيوط فضيّة متداخلة، ويتم حياكته باستخدام (الكوجة) وهي أداة التطريز، ومكونة من قاعدة معدنية بشكل قُمعين ملتصقين، وبهما حلقتان على إحدى القواعد لتثبيت وسادة دائرية تُلف عليها خيوط الذهب والفضة للقيام بعملية التطريز، حيث تستخدم أنسجة التلي لتزيين الملابس التقليدية للنساء.



طيور «العين» (1720)
تشارك حديقة حيوانات العين بعروض الطيور الذي يقام على مسرح المهرجان، حيث يتعرف الجمهور إلى عدد من الطيور الجارحة كالصقر والعقاب والنسر والبوم، ويستعرض المدربون قدرة طيورهم على الصيد والتقاط الطرائد الصناعية أمام جمهور المهرجان، ويمكن لأحد الحضور المشاركة. أما العرض الأبرز فهو نزول العقاب فارداً جناحية من فوق رؤوس الجمهور، لينقض على فريسته.



حكاية «النهام» (1730)
يجلس عدد من الصيادين أو النهامين متجاورين ليرددوا أهازيج البحر، وهي الأغنيات التي لطالما غناها الأجداد في رحلتهم للبحث عن اللؤلؤ التي كانت تستمر شهوراً طويلة، هنا إن أغمضت عينيك وسرح خيالك فإنك ستجد نفسك على مركب في الخليج تبحث عن اللؤلؤ، محاطاً بأغنيات النهامين في رحلة بحثهم الطويلة عن مصدر الرزق.



شباك الصيد (1597)
يلقي صياد بشباكه في مياه البحر أمامك. في الواقع أنت تعلم أنه لا يوجد بحر في تلك المنطقة لكن المشهد يتجسد واقعاً والخيال لا يأخذك، وهذا يعيدك إلى الحياة البحرية التي لطالما اعتمد عليها الأجداد في الحياة حيث كان البحر هو المنهل ومصدر الغذاء للحياة، كما تتعرف إلى القراقير التي كانت مستخدمة قديماً في الصيد وبعضها مستمر حتى يومنا هذا.



كي لا ننسى (1626)
يستضيف المهرجان جزءاً من معرض «لئلا ننسى: معالم خالدة في ذاكرة الإمارات» وهو أول مشاركة للجناح الوطني لدولة الإمارات في الدورة الــ 14 من بينالي البندقية، حيث يشرح المعرض بالاستعانة بأدوات توضيحية موجودة في أدراج لتتعرف أكثر على العامرة في الدولة، فيما يتيح لك الخط الزمني معرفة أبرز الصروح المعمارية في الدولة، ومقاربة تطور العمارة في العالم من خلال تأريخ كل مرحلة.



ركن الصحراء (1584)
تشكل الصحراء واحدة من أركان مهرجان قصر الحصن حيث تقدم تقاليد الضيافة والقهوة العربية التي يستمتع بها الزائرون، حيث يتاح لك التعرف على طرق صناعة القهوة وتجريب حوالي 15 مذاقاً مختلفة للقهوة العربية في المجلس، حيث يرتبط واجب الضيافة العربية بالقهوة التي يتعرف الزوار على طيف واسع من أنواعها بيدي صانعيها.



سفينة الصحراء (1737)

يمكنك ركوب الإبل كجزء من تجربة التفاعل مع البيئة الصحراوية في جولة قصيرة غير بعيد عن الكثبان الرملية، كما يمكنك التعرف إلى مذاق حليب الإبل والتعرف إلى المنتجات المصنوعة من وبر الإبل في السوق الشعبي القريب، حيث تصنع منه أقمشة وحقائب يدوية يمكنها أن تكون تذكاراً لافتاً من زيارتك للمهرجان.



صور لا تنتهي (1672)

لا جائزة للمصورين في مهرجان قصر الحصن. إلا أنهم منتشرون وكل يحاول التقاط تفاصيل المكان قدر الإمكان، كأنهم يحرصون على جمع أكبر باقة من ورود التصوير الفوتوغرافي قبل أن يغلق المهرجان أبوابه. لا إحصاء دقيق عن أعدادهم إلا أن حجم الصور الملتقطة ذخيرة لمسابقات كثيرة قادمة.



شرطة الحصن (1686)
تحضر السيارة الشهيرة «لاندروفر» قريبة من قسم الشرطة كثيمة أساسية تذكر بعهد مضى منذ زمن بعيد، حيث تشاهد الشرطة في زي قديم مصطفين برتل عسكري ويتجولون في دوريات صارت موضوعاً مفضلاً لملتقطي الصور من الزائرين، ويعيد التشكيل المتقن لإعادة تمثيل دور الشرطة في زمن ماضي إلى إيحاء الإبحار في الزمن لاستعادة صوت المحرك القديم وهو ينقل دورية الشرطة في جولاتها التفقدية.



أطفال بمهن الأجداد (1653)
لا يغيب الأطفال عن مهرجان قصر الحصن ويحولون الطين إلى منتجات كان الاجداد يستخدمونها في حياتهم كالإبريق والكؤوس الفخارية التي ظلت مستخدمة لزمن طويل، حيث تبدع أنامل الأطفال منحوتات تراثية ويلامسون روح الحياة في ماض لم يعيشوا فيه لكنهم بالتأكيد يتلمسون كل معامله أثناء صناعتهم لقطعة بين أيديهم.


 

Email