الإصابات تضرب نجوم المونديال مبكراً

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكتفِ لعنة الإصابات بضرب عدد من نجوم الكرة العالمية قبل انطلاقة مونديال 2022، مثل السنغالي ساديو ماني والثلاثي الفرنسي كريم بنزيمة وبول بوغبا ونغولو كانتي، لتحرم الجماهير من متابعة مثل هؤلاء النجوم الكبار، بل واصلت تلك اللعنة فصولها مع انطلاقة المنافسات، وكأنه مسلسل بلا نهاية، حيث فقد المنتخب السعودي جهود الثنائي الخطير سلمان الفرج، وياسر الشهراني، بعد تعرضهما لإصابة قوية خلال مباراة فريقهما أمام الأرجنتين، لتنهي مسيرتهما بالمونديال، كما حرمت مدافع منتخب فرنسا لوكا هرنانديز من المشوار المتبقي للمنتخب في المونديال، بعد إصابته في الرباط الصليبي للركبة اليمنى بعد تسع دقائق من بداية المباراة الافتتاحية لفرنسا في المونديال، التي فازت خلالها على أستراليا 4 - 1.


وأعلن الاتحاد السنغالي أن لاعب خط وسط المنتخب شيخو كوياتيه تعرض للإصابة وسيغيب عن لقاء اليوم مع منتخب قطر، وخضع قائد منتخب إنجلترا هاري كين لفحص بالأشعة المقطعية بعد إصابة في كاحله تعرض لها خلال المباراة ضد إيران، وتعرض علي رضا بيرانفاند الحارس الإيراني للإصابة في الأنف بعد اصطدامه بزميله ماجد حسيني، في مباراة الفريق أمام إنجلترا، وجرى استبداله وحل مكانه الحارس الآخر سيد حسين حسيني، وتعرض إينر فالنسيا قائد الإكوادور وهدافها لالتواء في الكاحل، وخرج فالنسيا مصاباً بعد تسجيله هدفين في فوز الإكوادور الافتتاحي على قطر، وتعرض لاعب إنجلترا ماغواير للإصابة هو الآخر في مباراة فريقه.


وتعرض شيخو كوياتي للإصابة خلال مباراة السنغال مع المنتخب الهولندي بعد اصطدامه مع لاعب خط الوسط الهولندي فرينكي دي يونغ، وبعد تلقي العلاج على أرض الملعب من الطاقم الطبي لمنتخب بلاده تم إخراجه من الملعب على نقالة في مشهد مقلق لجماهير الفريق. وكان المنظر مؤلماً حينما تعرض اللاعب السعودي ياسر الشهراني لإصابة مروعة في الدقائق الأخيرة من مباراة فريقه أمام الأرجنتين نتيجة الاصطدام بالحارس السعودي محمد العويس، وخرج اللاعب السعودي بعد عدة دقائق من البقاء في الأرض مع الجهاز الطبي، ليخرج مباشرة إلى المستشفى، وتم نقله إلى الرياض وأجرى جراحة في الفك ستبعده عن تكملة باقي مباريات فريقه بالمونديال.


وأبعدت الإصابة اللاعب الفرنسي لوكا هرنانديز عن المونديال بعد إصابته بقطع في الرباط الصليبي للركبة، ولن يستكمل البطولة، لينضم هرنانديز إلى قائمة المصابين في المنتخب الفرنسي بعد كريم بنزيمة وبول بوغبا ونغولو كانتي وكريستوفر نكونكو وبريسنيل كيمبيمبي والحارس مايك مينيان.


وتثير الشكوك حول مشاركة الظهير المغربي نصير مزراوي في المباريات المقبلة لمنتخب بلاده، بعد أن تعرض للإصابة في مباراة «أسود الأطلسي» أمام كرواتيا.


الضغوط كبيرة
وتعددت الأسباب وراء توالي الإصابات، حيث اعتبر البعض أن استمرار البطولات المحلية سيغني المنتخبات عن معسكرات التدريب التحضيرية لكأس العالم، لأن اللاعبين سيكونون بكامل لياقتهم البدنية قبل انطلاق النهائيات في قطر، ولكن هذا الاعتقاد كان خاطئاً، حيث تعرض اللاعبون لضغوط كبيرة بسبب ضيق الوقت، كما أن إقامة موعد هذه النسخة من كأس العالم في الشتاء حالت دون قرار إيقاف البطولات المحلية قبل الانطلاق بشهر واحد على الأقل، ويكفي القول بأن عدداً ليس بقليل من اللاعبين حضروا قبل انطلاقة البطولة بساعات نتيجة التزامهم بمباريات مع أنديتهم، ما وضع اللاعبين في حالة إرهاق بدني وذهني، وسهل من تعرضهم للإصابات، إضافة إلى الرغبة القوية في تحقيق الفوز، ما أدى إلى وجود حماس زائد خلال المباريات قاد بالتبعية لخشونة وتهور بين اللاعبين، ما عرّض بعضهم لإصابات بليغة أبعدتهم عن أجواء المونديال. واستطلعنا آراء العديد من الخبراء والمختصين لمعرفة الأسباب العلمية والفنية والطبية لتعدد حالات الإصابة خلال مونديال قطر، وكانت تلك الآراء:


عنف وحماس
يقول الدكتور فرحات بن فضلون، مدير مركز الطب الرياضي السابق: إن موعد البطولة غير مناسب للكثير من اللاعبين، لارتباطهم بمباريات في دورياتهم المحلية وبطولاتهم القارية، ما وضع اللاعبين تحت ضغط نفسي وذهني كبيرين، خاصة وأنه لا توجد فترات إعداد لمثل تلك البطولة الكبرى، التي يعتبر الحمل البدني والفني فيها عالياً عن نظيره في الدوريات المحلية، ما كان له تأثير سلبي على اللياقة البدنية والمهارات، كما لجأت بعض المنتخبات لإقامة مباريات ودية ضعيفة تحسباً للإصابات والخسائر قبل البطولة، ما قلل من تجهيزها واستعدادها البدني للبطولة.


واعتبر بن فضلون أن العامل النفسي وحماس اللاعبين واندفاعهم مثّل ضغطاً على اللاعبين، حيث يرغب اللاعب في تقديم أقصى ما لديه من جهد بدني وفني لتحقيق الفوز كنوع من الولاء والانتماء للوطن، ما جعلهم يؤدون بشكل أكبر من قدراتهم ليصبحوا عرضة للإصابة بشكل أكبر، وزاد على ذلك ضغط الجماهير والمسؤولين، ما يجعل اللاعب يبدو متوتراً، الأمر الذي أفقده كثيراً من تركيزه ومهاراته، إضافة إلى تغير بيئة التواجد في مثل تلك البطولات لعدد كبير من اللاعبين.


وواصل فضلون قائلاً: لعل حدوث مفاجآت في النتائج أدى دوراً مهماً في زيادة اندفاع اللاعبين وحماسهم، الأمر الذي عرضهم للحماس والعنف، وبالتالي شاهدنا العديد من الإصابات البليغة نتيجة لذلك، كما حدث للاعب السعودي الشهراني، الذي تعرض لكسر في الفك من شدة الاصطدام بزميله الحارس، وهذا هو الاندفاع الذي أشرنا إليه للرغبة في تحقيق نتيجة إيجابية.


جهد زائد
أما الدكتور عبدالله بارون، طبيب المنتخبات الوطنية لكرة القدم، فيقول: نعم يلاحظ تعدد الإصابات لنجوم بارزة خلال منافسات البطولة، ودعنا نقسم الإصابات إلى عدة أنواع، لاختلاف ظروفها، فهناك إصابة نتيجة القضاء والقدر بدون أية أسباب سواء للإرهاق أو الضغوط وغيرها من العوامل، التي تؤدي إلى الإصابة، ودائماً اللاعب الرياضي معرض للإصابة سواء في التدريبات أو خلال المباريات، وتلك ضريبة مزاولة الرياضة لكل الألعاب وليست كرة القدم فقط. النوع الثاني من الإصابات يرجع لإرهاق اللاعبين ذهنياً وبدنياً، خاصة وأن معظم الدوريات الأوروبية في منتصف طريقها الآن، ولم يكن هناك إعداد خاص للاعبين لمثل تلك البطولة التي تحتاج إلى حمل بدني زائد، وبالتالي تعرض عدد من اللاعبين للإصابة نتيجة عامل الإرهاق وعدم التهيئة الذهنية والبدنية لبطولة في قدر ومكانة المونديال، أكبر بطولة عالمية، ومن أكبر السلبيات التي برزت خلال الفترة التي سبقت البطولة، عدم إعداد اللاعبين فنياً وبدنياً وذهنياً للمونديال، والاكتفاء بالمباريات المحلية وبعض المباريات الودية البسيطة، ما وضع اللاعبين تحت ضغط عالٍ، وجعل المنتخبات تدفع الثمن غالياً من خلال خسارة عدد من نجومها المرموقين، لأن الاعتماد عليهم يكون مضاعفاً من خلال بذل مزيد من الجهد البدني.


13
أثر غياب ساديو ماني، أفضل لاعب أفريقي لعام 2022، الذي تعرض لإصابة جسيمة قبل 13 يوماً على أول لقاء لمنتخب السنغال أمام هولندا، على أداء الفريق، وخطط هجومه في مباراته الأولى أمام هولندا، ضمن مرحلة المجموعات، ما عرّض السنغال للخسارة بهدفين.


08
يحتاج الظهير الأيمن للمنتخب الإنجليزي ريس جيمس إلى 8 أسابيع للعودة للملاعب مرة أخرى، حيث مثلت إصابته صدمة قوية لمنتخب بلاده قبل نحو شهر من المشاركة في نهائيات كأس العالم، بعد أن تعرض جيمس لإصابة في الركبة، خلال فوز «البلوز» على ميلان في الجولة الرابعة من دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا، ويواصل اللاعب تلقي العلاج في القسم الطبي في تشيلسي، تمهيداً لعودته مرة أخرى.


18
بنهاية الدور الأول من منافسات مونديال قطر تعرض 18 لاعباً للإصابة، ما وضع الأجهزة الفنية في موقف صعب للغاية لأن تعويض النجوم المصابة ليس بالأمر السهل، ما أربك خطط المدربين، وقد يكون المنتخب الفرنسي الأكثر تأثراً بإصابات لاعبيه، إذ سيعاني المدرب ديدييه ديشامب من غياب ثلاثة لاعبين أساسيين في خط الوسط، بوغبا وكانتي وكامارا، بالإضافة إلى خسارته جهود مدافع باريس سان جيرمان، كيمبيمبي.


30
عدم تفرغ اللاعبين لمعسكرات منتخباتهم، قبل بداية كأس العالم بـ30 يوماً على الأقل، أخل باستعدادات المنتخبات، وذلك بسبب استمرار المسابقات المحلية في معظم أنحاء العالم، بعد رفض الدوريات التوقف خصيصا لكأس العالم، كونه للمرة الأولى يأتي في الشتاء، واعتبر المتابعون أن استمرار المسابقات المحلية سيغني المنتخبات المشاركة في كأس العالم عن معسكرات التدريب التحضيرية للمونديال، ولكن هذا الاعتقاد جانبه الصواب، ما عرض اللاعبين للإرهاق.

Email