على مدار أكثر من 30 عاماً، ترجم مالك ومربي الخيول العربية الأصيلة خالد خليفة النابودة، شغفه الكبير بالخيل إلى نجاحات يشار إليها بالبنان داخل الدولة وخارجها، بعد أن حقق شعاره الفوز في 456 سباقاً في الإمارات، وذلك من خلال أكثر من 4136 مشاركة لخيوله بالسباقات المحلية، وهي حصيلة تزداد في كل أمسية سباقية بالموسم، وقد أثبتت رؤيته فعاليتها من خلال إنتاج خيول فائزة بأرفع السباقات، مثل سباق دبي كحيلة كلاسيك للفئة الأولى المخصص للخيول العربية في أمسية كأس دبي العالمي.
وفي حوار مع «البيان» تناول النابودة التحديات التي يواجهها إنتاج الخيل المحلي، وتالياً نص الحوار:
كيف ترى موقع الإمارات في مجال سباقات الخيل العالمية؟
منذ سنوات طويلة، صنعت الإمارات لنفسها اسماً كبيراً في عالم سباقات الخيل، وأصبحت مركزاً مهماً بالمنطقة والعالم، وهذا الموقع كان نتاجاً طبيعياً لدعم القيادة الرشيدة، وجهودها المضنية والخطط المدروسة التي وضعتها والميزانيات الكبيرة التي رصدتها لهذا الهدف، وكذلك بالتحدي ذاته المستحيل وبالرؤية الثاقبة نفسها، قدمت الإمارات للعالم إنتاجها المحلي من الخيول العربية الأصيلة، ليرفد السباقات المحلية والعالمية، ويفرض هيبته على كل المستويات وصولاً للسباقات العالمية، ويتوج بأرفع الألقاب، وقدمت فحولاً وأفراساً يتسابق المنتجون والملاك من جميع الجنسيات لاقتناء سلالاتها.
ومنذ أن رفع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الراية مع إخوانه الآباء المؤسسين، الذين كانوا أول من وضع لبنات نهضة الخيول العربية الأصيلة، وسار على الدرب «فارس العرب» صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والمغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، الذي سعى لجعل المضامير الأوروبية تفتح أبوابها لسباقات الخيول العربية الأصيلة حتى أصبحت جزءاً ثابتاً في روزنامتها.
وما زالت الإمارات تقدم دوراً بارزاً في نهضة الخيول العربية الأصيلة بفضل الدعم الكبير من قبل القيادة الرشيدة، ومن سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، لما يقدمه سموه من عطاء مستمر لصالح ريادة الخيول العربية الأصيلة، ليس داخل الدولة فحسب، ولكن في كل أنحاء العالم من خلال مهرجان سباقات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان لدعم الخيول العربية الأصيلة، الذي امتدت سباقاته حتى وصلت أمريكا الجنوبية، وسموه يعتبر الداعم الأول للخيل العربية، وبدعمه ورعايته أصبحنا نرى سباقات الخيل العربية الأصيلة في كل أنحاء العالم، بجوائز مالية قيمة، إضافة لذلك فقد ظل سموه يضع أبرز الفحول التي يمتلكها مجاناً للمنتجين من جميع الجنسيات، وهو حريص جداً على أن يرى المنتج الإماراتي في الصدارة العالمية، لأن خيول الإنتاج الإماراتي أثبتت تفوقها وجدارتها، ونتمنى أن تسير الهيئات المنظمة وأندية سباقات الخيل على خطى توجيهاته لدعم هذا القطاع الحيوي في صناعة الخيل، وحتى لا نفقد مزيداً من المنتجين والملاك الإماراتيين، بل نتطلع لدعم الملاك المحليين واجتذاب ملاك جدد من شريحة الشباب، وهذا أمر هيأت له القيادة كل السبل.
ومن الذين سطروا أسماءهم بمداد الذهب في سجلات تاريخ سباقات وإنتاج الخيل العربية الأصيلة بالدولة، سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني، وكذلك إسطبلات الأصايل للمغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وإسطبلات ورسان للمغفور له الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان.
كيف نحافظ على هذه الريادة؟
هذه الريادة العالمية والسمعة الكبيرة التي وصلت إليها الإمارات تتطلب مضاعفة الجهود للبقاء في القمة وبلوغ آفاق جديدة، خاصة وأن الخريطة الإقليمية والعالمية لسباقات الخيل في حالة تغير دائم، وهذا يستدعي مزيداً من الوعي والانتباه والعمل المشترك للمحافظة على الصدارة، ويبقى على من تقع على عاتقهم إدارة هذا الرياضة من هيئات وأندية مسؤولية المحافظة على موقع الإمارات، وأيضاً تقع عليهم مسؤولية وضع الخطط واتخاذ الخطوات العملية اللازمة للاستفادة من الدعم الكبير والمستمر من القيادة لهذه الرياضة، بهدف توطين إنتاج الخيل العربية الأصيلة بالدولة.
ما التحديات التي تواجه الإنتاج بالإمارات؟
اليوم يواجه إنتاج الإمارات المحلي من الخيول تحديات عديدة حتى لاحظنا في الفترة الأخيرة أن كثيراً من المنتجين بالإمارات تخلوا عن الإنتاج، وقاموا ببيع أفراسهم التي هي أساس إسطبلاتهم، وذلك بسبب عدم وجود الرغبة في شراء إنتاج الإمارات من الملاك والمدربين، بسبب محدودية عدد السباقات المخصصة للإنتاج المحلي، وشروط السباقات التي لا تتناسب مع الخيول المحلية وأعمارها وتصنيفاتها، وأحياناً أرضيات المضامير أو لأسباب أخرى، ومثل هؤلاء يكون من الصعب بالنسبة لهم إعادة بناء الإسطبل واسترداد الثقة مع الأخذ بالحسبان الخسائر المادية والمعنوية التي تكبدوها، وكما يعلم الجميع فإن المنتج والمالك الأساس الذي تقوم عليه صناعة الخيل.
من التحديات التي يواجهها منتج الإمارات من الخيول عدم وجود حماية له أمام المنافسة الخارجية في السباقات المحلية، فبينما في كل العالم السباقات التي يسمح للقادمين من الخارج (ملاك، خيول)، المشاركة فيها، محدودة للغاية وتأتي وفق تصنيفات وشروط محددة، إلا أن سباقاتنا بالإمارات مفتوحة في جميع مستوياتها، ومع أننا نرحب بكل سعة قلب بالمشاركين من الخارج، خاصة الملاك من الدول الشقيقة، لكن ينبغي أن تكون المشاركة الخارجية على أساس التصنيف العالي فقط، وليس منافسة المالك الإماراتي في سباقات الخيول المبتدئة والمشروطة، بهذه الطريقة نكفل الحماية للمالك والمنتج الإماراتي، وهذا يعزز بقاءه واستمراره في السباقات، حتى تكون هناك عدالة للمالك والمنتج الإماراتي، في هذه الصناعة التي لها بعد اقتصادي وسياحي كبير وأثر ملموس في اقتصادات الدول.
ألا تعتقد أن عدد السباقات المخصصة لإنتاج الإمارات كافية؟
لا، ليست كافية، فعدد السباقات الموجود المخصص لخيول الإنتاج هو عدد محدود جداً، وكمثال فإن نسبة عدد سباقات إنتاج الإمارات بمضمار نادي العين للفروسية، الذي يخصص كل سباقاته للخيول العربية الأصيلة، لا تبلغ 20 % من مجموع سباقاته بالموسم، وهذه السباقات المخصصة ننادي بها، لأنها توفر لخيول الإنتاج المحلي فرصة للتنافس في بيئة عادلة، وتساعد على تقييم مستواها وتطوير سلالاتها، كما أن هذه السباقات تسهم في الترويج للإنتاج المحلي من خلال نتائجه المحققة في السباقات.
هل تكلفة الإنتاج عالية؟
وما أهم النفقات للمالك في هذا الجانب؟
ارتفاع تكاليف الإنتاج والرعاية للخيول بالدولة، فالمالك أو المنتج يتكلف إيجارات ورعاية للجواد الواحد بمبالغ تتراوح بين 4 إلى 7 آلاف درهم في الشهر الواحد، إضافة لتكاليف النقل والعلاجات والتداخيل، وقد لا يبلغ سعر الجواد عند بيعه في المزاد عشرة آلاف درهم، وهذا مجرد مثال فقط لنسبة الخسائر التي يتعرض لها المنتج.
المنتج أو المالك الإماراتي ليس لديه مظلة أو جمعية تحميه وتتبنى قضاياه، وتتولى مخاطبة الهيئات ونوادي السباقات بالنيابة عنه، لذلك أنا أتحدث عن نفسي ومعظم الوقت لا أجد الإجابات الشافية، مع المصروفات والتكاليف التي تقع على كاهل المنتجين المحليين للمشاركة في هذه الرياضة، نصطدم بعدم توفر سباقات كافية ومناسبة، ولا نرى خطة واضحة لرفع الإنتاج الإماراتي ودعم المنتج المحلي.
ما أهم الحلول لتعزيز حضور الإنتاج المحلي في الدولة؟
ما زلنا نحتاج إلى أن نرى المزيد من الملاك والمنتجين المدربين والفرسان الإماراتيين، بل حتى من حيث عدد المضامير وتوزيعها الجغرافي، أعتقد أنه في الإمكان عمل المزيد من حيث إنشاء الجديد وإضافة المزيد من التحسينات للقائمة، وتحديث الأرضيات والمرافق لتتمكن من استضافة عدد أكبر من السباقات، خاصة في ظل الفترة الزمنية القصيرة لموسم السباقات.
كلمة أخيرة
يظل الإنتاج المحلي هو أساس صناعة سباقات الخيل في الإمارات، إنه جزء من هويتنا وتراثنا، ويجب علينا الحفاظ عليه وتطويره، وأنا أشعر بالفخر عندما أرى خيولاً من إنتاج الإمارات تتنافس وتفوز في السباقات المحلية والعالمية، هذا يحفزني على مواصلة العمل والتطوير في هذا المجال، ويمنحني الأمل أن الأجيال الجديدة ستواصل مسيرة التفوق الإماراتية العالمية بسباقات الخيل، وأن مركزيتها في خريطة الخيل العالمية لن تتراجع، بل ستزداد جاذبية وريادة، كيف لا وهي تتخذ شعاراً لها كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «نحن لا نرضى بغير المركز الأول».